تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل.. لتخفيف العداء الروسي والضغط الاميركي

اهتمت، بل احتفت، الصحف التركية المعارضة بالحوارات الجارية الآن بين تركيا وإسرائيل بغرض تطبيع العلاقات بينهما بعد خمس سنوات من القطيعة، ورغم الانشغال بالخلفيات، والحيثيات، والحديث عن الورقة الإسرائيلية مقابل العداء الروسى إلا أن ثمة تأييد واضح للخطوة التى طالما نادت بها أحزاب وصحف المعارضة على حد سواء .
إذن، كتب “كوناري جيفا أغلو” في صحیفة “ميليات” مقالا ً بعنوان “الورقة الإسرائيليةً”، أشار فیھا إلى خبر الدخول في مباحثات بين “أنقرة” و”تل أبيب” لإعادة تطبيع العلاقات من جديد واصفاً إياه بالخبر السعيد.
ونوّه “جيفا أغلو” إلى أن روسيا كان لها اليد الطولى في توتر علاقات إيران والعراق مع تركيا، وزيادة قوة تسليح حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي السوري لدعم قوات الأسد، والميليشيات الشيعية ضد قوات المعارضة، لتشكيل ضغط على “أنقرة” في قطع الطريق عليها لإقامة “المنطقة الآمنة” التي ستؤمن الملاذ الآمن للاجئين وللمعارضة السياسية السورية التي تطمح الحكومة التركية لتحقيقها لحماية جيبها الجنوبي من تشكيل كيان كردي ربما يقض مضجعها مستقبلاً إن تم تشكيله بالطبع بدعم من روسيا.
وختم “جيفا أغلو” بالتأكيد على أن السبب الحقيقي الذي دفع “أنقرة” لتطبيع علاقتها مع إسرائيل هو منعكسات تطور الأحداث الأخيرة، واستخدامها للورقة الإسرائيلية يأتي لزيادة الدعم السياسي من “واشنطن” لتحركاتها في المنطقة وخاصةً بأن الأخيرة تحدثت بلسان حكومة بغداد في مسألة معسكر “بعشيقة”، دون أن يخفي الكاتب المصلحة الإسرائيلية الكبيرة في تطبيع علاقاتها مع تركيا لتقاطع رؤيتهما في بعض المسائل والقضايا الحساسة في المنطقة.

من جھته كتب “سامي كوهين” في نفس الصحیفة مقالاً بعنوان “ذوبان جبل الجليد بين أنقرة وتل أبيب”،
أشار “كوهين” أن “أنقرة” خطت هذه الخطوة بعد تيقنها لضرورة إيجاد معايير جديدة في سياستها وتوجهاتها الإقليمية، ولا سيما التدخل العسكري الروسي في سوريا وتكوين جبهه مضادة لتركيا التي أصبح لها دور مؤثر وقادر علي تغيير موازيين القوة في المنطقة بأكملها، والاهتزازت العنيفة في الأزمة السورية وارتداداتها على “أنقرة” عبر التهديد الذي يشكله تنظيم “داعش” وزيادة النفوذ الإيراني في المنطقة، وأيضاً الغموض الذي يسيطر علي المشهد العام بالعراق؛ قد تسبب في إعادة تركيا النظر في سياساتها الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط، وهو أيضاً الذي فرض علي “أنقرة” هذة الضرورة الاستراتيجية المتمثلة في إعادة مسار علاقاتها مع إسرائيل إلى وضعه الطبيعي مرة أخرى.
منوهاً إلى إظهار إسرائيل لتركيا على أنها شريك محتمل من أجل تصدير الغاز الطبيعي الذي تنتجه يشكل عاملاً مهماً في ظل سعي تركيا لإيجاد مصادر بديلة في مجال الطاقة.

وختم “كوهين” بالتأكيد على أن قطع العلاقات الدبلوماسية والتعاون المشترك في عدة مجالات بين الجانبين، قد أثر بشكل سلبي دور الدبلوماسية التركية في لعب دور مؤثر وفعال في المسائل الخاصة بالمنطقة بما فيها المسألة الفلسطينية.
وكتب “مليح أشق” في “ميليات” مقالا ً أیضا ً تحت عنوان “تطبيع العلاقات مع إسرائيل إلى أي مدى”، أشار فيها إلى التقارب وعودة العلاقات بين تركيا وإسرائيل الذي تم عبر اتفاق وبشكل سري في “سويسرا”، والذي تضمن عدة بنود من بينها، ضمان إلزام إسرائيل بدفع التعويضات لأهالي ضحايا “مافي مرمرة” والبالغ 20 مليون يورو، وفي المقابل ستعمل تركيا على إسقاط الدعاوى القضائية ضد المسؤولين الإسرائيليين المتهمين في الحادث، بالإضافة لتبادل الوفود الدبلوماسية بين الدولتين مجدداً، مع بدء محادثات اقتصادية ستبدأ حول قضية تصدير الغاز إلى تركيا بعد سريان الاتفاق.
ولفت “أشق” إلى الشروط الثلاث التي وضعتها “أنقرة” منذ بداية الأزمة مع إسرائيل لعودة العلاقات إلى سابق، والتي تتمثل في تقديم الجانب الإسرائيلي الاعتذار وهو ما فعلته في الحقيقة ، وتعويض أسر ضحايا السفينة التركية، ورفع الحصار عن قطاع غزة، لكن الجانب الإسرائيلي كان لديه تحفظ دائم على الشرط الثالث، والذي مافتئ باتهام “أنقرة” بتوطيد علاقاتها مع “حركة حماس”، وهو ما أدى إلى فشل محاولات التفاوض السابقة عبر وساطة الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” قبل عامين من الآن.
وبرأي الكاتب أن الظروف المحيطة والمستجدات الأخيرة كان لها الدور الأبرز في هذا الاتفاق بالنسبة لتركيا، وهو نفس السبب الذي سيجبره على التنازل في شرطه الثالث برفع الحصار عن قطاع غزة إلى عملية تحسين ظروف القطاع، والسماح بجزء من إعادة الإعمار، وتقديم المساعدات الغذائية والطبية بشكل دوري بدلاً من شرط رفع الحصار بالكامل.
وأشار “أشق” إلى تصريحات رئيس الجمهورية التركية الأخيرة “رجب طيب أردوغان” حين قال: “هناك الكثير من المكاسب، لتركيا ولإسرائيل ولفلسطين وللمنطقة لتحقيقها من عملية إعادة العلاقات لأننا بحاجة اليها جميعاً” وهو يعد أكبر دليل على وجود إرادة قوية لدى “أنقرة”، وكونها من إحدى أولوياتها للوصول إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وبحسب الكاتب تأتي هذه الأولوية في إطار سياسة تهدئة الأجواء بعد عدة تصعيدات في السياسة الخارجية.
وختم “مليح أشق” مقاله بالتأكيد على أن مسار السياسة الخارجية التركية تتجه نحو تصحيح مسارها في أولى خطواتها مع تطبيع العلاقات مع إسرائيل والتي ستصل إلى أعمق مما كانت عليه في السابق من الناحية السياسية، والاستراتيجية، والاقتصادية.
(المشهد التركي)

السابق
الثلوج في لبنان على 700 متر والعاصفة مستمرة
التالي
(بالصور) اللواء إبراهيم مهنئا العسكريين: لنا عدوّان إسرائيل والإرهاب التكفيري