ماذا لو قررت إسرائيل أيضاً محاربة «داعش»؟

محاربة الارهاب
واحدة من أهم التطلعات المزمنة عند القادة الصهاينة، هي جعل دولة اسرائيل الغاصبة واقعا طبيعيا منسجما مع المحيط العربي أو على أقل تقدير تعميم عدم اعتبار هذا المخلوق المسخ المسمى "إسرائيل" حالة غريبة مزروعة عنوةً في جسد الأمة العربية.

كل الجهود المبذولة حتى الأمس القريب لم تفلح في جعل اسرائيل الغاصبة تبدو جزءا من واقع طبيعي في المحيط العربي، وإن كنّا نقرّ أنّها قد خطت خطوات كبيرة في هذا المجال على مستوى الأنظمة والحكومات في الدول المحيطة، عبر الإتفاقات والمعاهدات الموقعة مع كل من منظمة التحرير من خلال اتفاقية أوسلو، أو مع كل من الأردن ومصر من خلال إتفاق وادي عربة وكامب ديفيد.

اقرأ أيضاً: موسكو مع «إسرائيل علوية» فماذا عن حزب الله؟

إلاّ أنّ واقع الحال يقول إنّ هذه الإتفاقات، رغم صمودها كلّ تلك السنوات، إلاّ أنّها لم تُحدث تغييراً يذكر على مستوى الوجدان الجماهيري ونظرة الشعوب لها، إن في هذه الدول أو على امتداد العالم العربي والإسلامي واعتبار إسرائيل دولة مغتصبة وجرثومة سرطانية يجب استئصالها.

تحوّلات كبرى حصلت في المدّة الأخيرة قد تساهم إلى حدّ بعيد في القضاء على هذا الشعور الشعبي المعادي لإسرائيل

ولا بدّ هنا من تسجيل نقطة مضيئة لقوى الممانعة وحركات المقاومة التي ساهمت عبر تاريخ نضالي طويل وبشكل كبير في استمرار حالة الرفض والعداء وعدم الرضوخ للهيمنة الإسرائيلية، هذا إضافة إلى العنجهية الصهيونية ومسار طويل من الطغيان والمجازر والقتل، حيث يبرع جيش الاحتلال وعصاباته منذ تأسيس هذه الدولة عملاً بقاعدتها الذهبية التي تقول: “ما لم يؤخذ بالقوة يؤخذ بمزيد من القوة”.

ساهم حزب الله في إشعال الصراع المذهبي بالمنطقة بين السنّة والشّيعة عبر تدخّله السافر بالقتال إلى جانب نظام بشار الأسد

يبقى أنّ تحوّلات كبرى حصلت في المدّة الأخيرة قد تساهم إلى حدّ بعيد في القضاء على هذا الشعور الشعبي المعادي لإسرائيل، والذي كان قد تناوله وحذر منه الأمين العام لحزب الله في خطاب يوم القدس الأخير، ولكن بكل أسف فإنّنا نتلمس من حزب الله سلوكاً مغايراً تماماً لما كان قد حذّر منه.
فحزب الله الذي ساهم في إشعال الصراع المذهبي بالمنطقة بين السنّة والشّيعة عبر تدخّله السافر بالقتال إلى جانب نظام بشار الأسد، وسهّل بذلك تقوية الشعور بالغلبة عند شريحة كبيرة من الشباب السني وبالتالي “دفشهم” نحو التطرف وانخراطهم في الحركات التكفيرية في المنطقة، ما جعل الصراع المذهبي عند الطرفين هو الأولويّة المطلقة الذي أمامه وعنده، وكذلك “الدعس” على كل ما كان يعتبر لوقت قريب من أكبر المحرمات.

الارهاب

فبين العداء لإيران من جهة والعداء للسعودية من جهة أخرى، خرجت إسرائيل سالمة غانمة مطمئنة وهي تتفرج الآن بكل سرور على المنطقة وهي تحترق بنيران المذهبية، وقفز عنوان محاربة الإرهاب ليتصدر اهتمام حزب الله دون سواه من العناوين التي تراجعت مسافات كبيرة إلى الخلف ومن بينها العداء لإسرائيل وصار محاربة الارهاب يعتبر هو الأولى.

اقرأ أيضاً: إيران تغلي…وخامنئي يهدّد السعودية بردّ قاسٍ

ووفق هذه الأولوية كان التدخل الروسي الأخير هو محط سرور وغبطة عند محور الممانعة، ومع هذا فلم تشكل التطمينات والتنسيق المسبق، وما قيل عن غرفة العمليات المشتركة بين الجيشين الاسرائيلي والروسي، أيّ إحراج يذكر لما كان يسمى بمحور الممانعة، حتى بتنا نشعر بأنّ من هذا الباب (محاربة الارهاب)، يمكن لإسرائيل أيضاً أن تحقق ما عجزت عنه منذ نشأتها، وبأنّها لو أعلنت استعدادها للمشاركة المباشرة هي الأخرى بمحاربة الإرهاب فإنّ محور الممانعة سيكون لها من الشاكرين، وستجد أخيراً ممرا سحريا تسلكه إلى المنطقة.

السابق
احمد الاسير في الريحانية يُحتضر
التالي
الافراج عن الناشط أسعد ذبيان