هكذا تتاجر الاطراف اللبنانية بتضخيم خطر داعش

يعيش اللبنانيون حالة خوف دائم، بسبب سياسة بث الرعب التي يتبعها بعض الأطراف في لبنان محذرين من الخطر الإسلامي المتطرف الذي سيغزو لبنان قريباً، فما هي حقيقة هذا الخطر؟ وهل من بيئة حاضنة لمثل هذه المجموعات الإرهابية في لبنان؟

منذ بدء الثورة السورية وتحوّلها إلى حرب طاحنة بين أطراف داخلية وخارجية، وكأنّها حرب كونية على الشعب السوري الذي يقتل ويهجّر يومياً منذ أربع سنوات، كان للشعب اللبناني نصيب من المعارك على الحدود والداخل والتي أدّت إلى الموت والخوف والخطف.

هذا الخوف الذي يتعايش معه اللبنانيين منذ زمن، والذي يحذّر منه أطراف سياسية لبنانية، نابع من الخطر الإرهابي المتمثل بـ «داعش وجبهة النصرة» التنظيمين اللذين يغزوان المنطقة بالقتل والإجرام والإستبداد، فهل من بيئة حاضنة لهذه الجماعات المتطرفة في لبنان؟

«الكلام عن بيئة حاضنة في لبنان غير دقيق، فالسنّة في لبنان لا يشبهون سنّة العراق و سوريا الذين يتعرضون للإضطهاد، فهم مدموجون في الدولة والمؤسسات والمجتمع، وهم جزء من الكيان اللبناني السياسي والأيديولوجي، وأيضاً السنّة في لبنان هم من أتباع المذهب الحنفي المعتدل لذا من الصعب أن تترعرع هذه المجموعات المتطرفة في لبنان». الكلام للكاتب والصحافي اللبناني والناشط سعد محيو لـ «جنوبية»، الذي أضاف: «إلاّ أنّ هناك ثغرات في المجتمع اللبناني خصوصاً في الشمال، من الممكن لهذه المنظمات المتطرفة أن تستغلها، وهي نابعة من الأوضاع المعيشية والإقتصادية الصعبة التي يعاني منها أهل هذه المنطقة، وخصوصاً الشباب العاطل عن العمل أو الذي يبحث عن هوية جديدة، نقطة ضعف تستغلها هذه المجموعات لتجنيد شباب لصالحها، وهذا ما حصل في الشمال وهناك كلام عن حوالي 400 شاب مجندين لصالح داعش في الشمال، إضافة انخراط بعض الشباب المسيحيين بهذه المجموعات، هذا العدد لا يستهان به لكن لا يكفي للقول أن هذه المجموعات من الممكن أن تتصرف في لبنان كما في سوريا والعراق أو إعلان إمارة».

السنّة في لبنان جزء من الكيان اللبناني السياسي والأيديولوجي

ادمون صعب
ادمون صعب

أمّا الكاتب اللبناني ادمون صعب، المنظر السياسي المسيحي المقرب من التيار الوطني الحر، فقد رأى في حديث لـ «جنوبية» أنّ : «المجتمع اللبناني، والعيش المشترك القائم على أساسه لبنان، لا يسمح لمثل هذه الجماعات المتطرفة أن تتغلغل في لبنان، بالرغم من تعاطف بعض السنّة مع أفكار المجموعات المتطرفة، إلاّ أنّهم لا يشكّلون بيئة حاضنة، لذا لا يمكن لا لداعش ولا حتّى لولاية الفقيه أن يحكما لبنان، لأن علم الإجتماع يقول أنّ المجتمعات المتعددة والمتنوعة تتصدّى لكل الأيديولوجيات المتشددة».

إذاً هناك سياسة متبعة لتخويف االلبنانيين خصوصاً مع تمركز هذه المجموعات على الحدود اللبنانية – السورية، فهل فعلاً إقترب هذا الخطر من لبنان؟

رأى محيو أنّه «لا يمكن القول أنّ الخطر غير موجود ولكنه يختلف عن ما يحدث في سوريا والعراق، وهذا الخطر رهن تطورين إثنين، الأول استمرار تفاقم الأزمات الإجتماعية والإقتصادية والطائفية في لبنان، والثاني ترافق استمرار أزمات لبنان مع نجاحات وانتصارات ميدانية يحققها هذا التنظيم خصوصاً في المناطق الحدودية. هذا الخطر يضع الدولة أمام خيارين إمّا أن تقوم بـ «نهضة وطنية» وتنجح بوضع استراتيجية أمنية وسياسية اقتصادية حقيقية ، وتوّحد الناس في إطار مؤسساتي، إمّا أن تترك الأمور بلا معالجة ويتفاقم التدهور الأمني ونصل إلى اضطرابات عنيفة، لكن تبقى الحرب الأهلية بعيدة نسبياً عن لبنان».

كذلك رأى إدمون صعب أنّ الدولة اللبنانية عليها أن تدارك للخطر الداعشي وتتصدّى له قبل تغلغله في لبنان، وأضاف «هذا الخطر موجود منذ بداية الأزمة السورية لكن هناك طرف لبناني رفض الإعتراف به لإستغلاله في الداخل اللبناني، ويقول لخصومه أنّ البديل عن إعتدالي هو التطرف».

العيش المشترك القائم على أساسه لبنان، لا يسمح لمثل هذه الجماعات المتطرفة أن تتغلغل في البلاد

فداء عيتاني
فداء عيتاني

أمّا الصحافي فداء عيتاني، الذي يتمتع بخبرة ميدانية في متابعة الأزمة السورية، فكان له رأي مخالف فقد قال في حديث لـ «جنوبية» أنّ : «سياسة التخويف التي يتبعها طرف سياسي في لبنان والذي انخرط بالعمل العسكري في سوريا، كذلك الضربات الموجّهة للجيش السوري الحرّ تحت تسميتهم بالتكفيريين، من يبرود حتّى القصير هم السبب وراء وصول داعش إلى لبنان، كذلك الممارسة الرسمية اللبنانية للسوريين على الحدود والإزلال الذيب يتعرض له اللاجئين هم من حوّلوا بعض الأشخاص إلى داعش».

وختم عيتاني: «كذلك الضربات الموّجهة لداعش في العراق تجعل من هذه المجموعات أن تبحث عن تمركزات جديدة ومن الممكن أن تكون بعض المناطق اللبناني بيئة حاضنة لهم».

السابق
ثرثرة صالونات لبنانية: في قتال داعش
التالي
تدمير متحف الموصل لاختزال التاريخ ب «البغدادي»!