حراك مدني لبناني لحماية السلم الأهلي ودعم الحوار

يشهد لبنان هذه الأيام سلسلة مبادرات من قبل بعض الهيئات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني في اطار تعزيز الحوار الداخلي وحماية السلم الأهلي.

فملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار الذي يرأسه العلامة السيد علي فضل الله, بالتعاون مع العديد من مؤسسات المجتمع المدني, يستعد لإطلاق مبادرة لدعم الحوار والسلم الأهلي, وذلك بعد ظهر الجمعة في 20 شباط الجاري في قاعة الأونيسكو.

من ناحية أخرى، فقد أعاد النائب السابق سمير فرنجية, وبالتعاون مع شخصيات لبنانية متنوعة, اطلاق المؤتمر اللبناني الدائم للحوار, الذي يضم عشرات الشخصيات اللبنانية والذي كانت نشاطاته قد توقفت منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

كما بدأت حركة التجدد الديمقراطي التي أسسها النائب الراحل نسيب لحود سلسلة لقاءات حوارية مع القوى والشخصيات اللبنانية في اطار البحث عن حلول للأزمة السياسية القائمة.

فما هي أبعاد ودلالات حراك هذه المؤسسات المتنوعة من أجل دعم الحوار الداخلي والدفاع عن السلم الأهلي في هذه المرحلة؟ وهل ستنجح هذه المبادرات في تحريك الركود السياسي القائم وتحقيق اختراق في الواقع السياسي المتأزم؟

أبعاد الحراكات الحوارية

في البداية ما هي أبعاد ودلالات التحركات الحوارية القائمة اليوم من عدة مؤسسات مدنية وسياسية لبنانية؟

من الواضح ان لبنان والمنطقة العربية يواجهان في هذه المرحلة تحديات عديدة في ظل تفاقم العنف والتطرف وتدهور الأوضاع السياسية والأمنية في أكثر من بلد عربي، ولقد تأثر لبنان بهذه الأوضاع المتدهورة، وإن كان بقي محافظاً على نسبة معينة من الاستقرار.

لكن وعي بعض القوى والشخصيات المدنية والسياسية والدينية لخطورة المرحلة الحالية دفعها إلى البحث عن حلول للأزمات القائمة، ومن هنا كانت في البداية فكرة اطلاق ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار الذي ضم مئات الشخصيات اللبنانية والعربية، وقد سعى الملتقى خلال الأشهر الماضية لإعداد وثيقة تدعم الحوار والسلم الأهلي ووضع برنامج عمل لجعل عام 2015 عاماً للحوار والسلم الأهلي.

وقد تجاوبت العديد من الشخصيات والمؤسسات من المجتمع المدني مع هذه الدعوة وتبنت النداء والبرنامج المطروحين، وسيتم اطلاقهما في لقاء عام في قصر الأونيسكو في الرابعة من بعد ظهر الجمعة 20 شباط الجاري.

اما النائب السابق سمير فرنجية، الذي نشط خلال السنوات العشر الأخيرة، ولا سيما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في اطار قوى 14 آذار، فقد شعر مؤخراً بالحاجة لإطلاق مبادرات حوارية داخلية لكسر الجمود القائم وللبحث عن حلول للأزمة السياسية، ولذلك عمد فرنجية لإعادة اطلاق المؤتمر اللبناني الدائم للحوار من خلال لقاء عام في أوتيل رويال ضبية، وسيعمل المؤتمر لدعم الحوار الداخلي وتخفيف حالة الاحتقان القائمة.

وفي الاطار نفسه، ونظراً إلى الأجواء السياسية المتأزمة، أعلنت حركة التجدد الديمقراطي وضعها لتصور شامل من أجل البحث عن حلول للأزمة القائمة، وستقوم وفود من الحركة بالتواصل مع القوى والأحزاب السياسية للبحث عن حلول لهذه الأزمة.

جدوى وفائدة التحركات

لكن ما هي جدوى وفائدة هذه التحركات والمبادرات الحوارية؟ وهل ستساهم في تخفيف أجواء التوتر أو الوصول إلى حلول للأزمة السياسية القائمة؟

تقول مصادر مواكبة لهذه المبادرات: إن القائمين على هذه التحركات يدركون حجم المخاطر التي يواجهها لبنان والمنطقة في هذه المرحلة، وإذا لم يكن بالإمكان التوصل إلى حلول للأزمات السياسية القائمة فعلى الأقل العمل لتخفيف أجواء الاحتقان وتعزيز الأجواء الحوارية من أجل تشجيع الجهود القائمة في لبنان والمنطقة الهادفة للتوصل إلى حلول سياسية.

وتضيف هذه المصادر:  إن المطلوب اليوم هو إعادة تعميم ثقافة الحوار والقبول بالآخر وحماية التنوع والتعددية ومنع استغلال الدين في التحريض السياسي، ونحن بحاجة اليوم لعمل طويل المدى لبناء ثقافة جديدة تواجه ثقافة التطرف والتحريض، وهذا يتطلب حراكاً متواصلاً وليس مجرد لقاءات سياسية سريعة.

وتتابع هذه المصادر: وإذا كانت هذه المبادرات الحوارية غير قادرة اليوم على التوصل إلى حلول سياسية للأزمات فعلى الأقل أن تساهم في تخفيف حالة الاحتقان، وتعيد التواصل بين كل المناطق والفئات، خصوصاً ان معظم الأطراف السياسية تشعر اليوم بخطورة الأوضاع القائمة والحاجة للحوار المباشر.

إذن، إن المبادرات الحوارية تتلاقى مع الجهود السياسية القائمة من أجل البحث عن حلول سياسية، وكل ذلك يساهم في تخفيف أجواء التوتر ويعيد بناء جسور التواصل بين جميع الأطراف، وهذا جهد مقبول وضروري حتى لو لم يوصل إلى نتائج حاسمة في المرحلة الحالية.

 

السابق
بالفيديو: لحظة اغتصاب 3طلاب لصديقتهم وتصويرها عارية
التالي
مجلس الوزراء: طفح كيل «الآلية»