سيلين اللغز … من المتّهم ومن البريء؟

سيلين

من المؤكد ان الطفلة سيلين قد توفيت.. لكن ما هو اللغز؟

لغز ليس صدفة ، انها قوة الروح التي تدافع عن حقها وتهدي الاعمى والبصير الى حقيقة لا يمكن ان تختفي مهما طال بنا الزمن .

في قضية سيلين متهمون وابرياء والغريب انهم انفسهم . فإذا قرأنا القصة من اليمين الى اليسار ثبُت الاتهام واذا قرأناها من اليسار الى اليمين ثبُتت البراءة .
سبع متهمين في قضية سيلين وهم :

1 – الطعم – الفاسد او السليم
2 – الطبيب – الصديق المتستّر عنه او الطبيب الطبيب.
3 – الاهل – (اب ، زوجة ، جدّة ) يعرفون ما لا يعرفه غيرهم ورثاء الاب لابنته لم يكن مصادفة ولا ردّة فعل بل حقيقة نضح بها وتراجع عنها ام الاهل المفجوعون وكل لحظة يصدمون بحقائق مؤلمة .
4 – الخادمة – السارقة القاتلة ام الضحيّة
5 – المستشفى – المقصّر المتواطئ ام المستشفى الذي تممّ عمله على اكمل وجه .
6 – الاعلام – الباحث عن السبق الصحفي ام الاعلام الباحث عن الحقيقة
7 – التحقيق – الموجّه ام القابض على كل الحقائق من عنده تخرج الحقيقة وينحلّ اللغز وتنتهي الاقاويل .

فالى المتهم الاول : طعوم 
فمن حقنا وحق كل البشر ان نعرف ما اسم الطعم منشأه،م صدره، موزعه وتاريخ صلاحيته واذا كان قد تمّ شراؤه من صيدلية ام جمعيات خيرية ام هذا جزء من حملة تبرّع ترعاها جهات ناشطة في الخدمة العامة. كما من حقنا ان نعرف كيف وصل الى جسم سيلين وما كانت تفاعلاته السلبية على الفتاة وما العوارض التي سبّبها وهل كانت صحتها العامة ووضعها الصحي يسمحان لها اخذ هذا النوع من الطعم؟ اذا افصح لنا اصحاب الحق عن كل التفاصيل المهمة والدقيقة حول الطعم وخاصة الجهة الموزعة له واطار توزيعه، سقط الاتهام .اما اذا بقينا نبحث عن اجوبة ولا نعرف غير ما هو مسموح، ولا نسمع الاّ فرضيات وتضليلات فالاتهام واقع واقع والطعم هو القاتل.

المتهم الثاني : الطبيب
اذا خرج الينا الطبيب باسمه ووجهه واخبرنا كل ما لديه كيف اخذت سيلين الطعم وكيف عادت الى منزلها وكيف تابع التفاعلات عليها وكل تفاصيل ما سببه الطعم لها بحيث لا ريب ولا شك في صحة القول ولا مفعول الطعم ، يسقط الاتهام .
اما اذا بقي الطبيب الصديق المتسَتّر عن اسمه المختبئ وراء عباءة الاهل والسلطة لا يروي الا القليل او اخبار من هنا وهناك فالله المدين.

المتهم الثالث : الاهل
ثلاثة من اهل سيلين كانوا معها تركوها مع الخادمة وكل ذهب في طريق . بعد ساعات ابلغت الخادمة الاهل ان سيلين لا تردّ وهي باردة . اسرع الاب والام ولاقتهم الخادمة تحمل سيلين على يديها وراحوا بها الى المستشفى . ماتت سيلين وخرج الاب المفجوع يرثي ابنته الملاك على صفحات التواصل الاجتماعي ويقول لها حاولت انقاذك وان اهرب بك بعيدا من هنا فقتلك طعم فاسد . وصمت الاب وصمتت الام وصمتت الجدّة . وكان حزنا عميقا . بعدها يستدعى الاب مهندسا متخصصا في رقابة الكاميرات ويحاول حفظ ال data ويكتشف ان الكاميرات تمّ توقيفها مرتين – مرة ثلاثون دقيقة ومرّة اقل من خمس دقائق . في ظلمة الكاميرات حصل ما حصل وبقي اللغز .
ماتت سيلين، ضاعت الحقيقة وتغيرت فرضية الوفاة وكل ما قاله الاب عن موت ابنته اصبح في عالم كان والبحث جار عن قاتل . تَعدّد الافادات وتغيير المواقف وتبديل الفرضيات وضع الاب خاصة والعائلة بدائرة الشك . فاذا بقي الاهل لا يجيدون تنظيم اقوالهم وافكارهم فهم متهمون اقلها بتضليل حقيقة موت سيلين حقيقة تريدها سيلين لترتاح نفسها .اما اذا خرجت العائلة وبكلمات قليلة قالت ما لم نسمعه من قبل ووضعت حدا لكل الشكوك سقط الاتهام ، خاصة ان الاهل يعرفون الطعم والطبيب وانفسهم والخادمة والمستشفى والتقرير الطبي وربما الحقيقة .

المتهّم الرابع : الخادمة
انها الخادمة تعمل في البيت منذ سنين يحبّها الجميع وتحّب الجميع وليست المرّة الاولى التي يبقى فيها الاطفال في البيت معها . بيت مراقب بالكاميرات ادعّى الاب انها كانت فيه قبل شرائه ما يسقط الشكوك ان الكاميرات وُضعت لمراقبة الخادمة اثناء الغياب . غرفتها لا كاميرات فيها ولا على مدخلها ما يعني انها خارج دائرة الشك . من يرى الفيلم الكامل لذلك اليوم المشؤوم يرى الخادمة تعمل وتعمل وتعمل دون توقف ولا ريب في اي من تحركاتها وتتناول الفطور مع العائلة وتداعب سيلين ، ونرى الام والجدّة يخدمون انفسهم ويتعاطون معها بمحبة ولا خلاف . كما ان سيلين لم تكن تجري هربا الى سريرها بل تمشي مشية عادية حتى وصلت قرب السرير فركضت وصعدت السرير كما يفعل كل الاطفال وبقيت نائمة في سريرها ولم تتركه حتى اكتشافها ميتة . كما ان الخادمة كانت تعود الى الغرفة وتتفقدها (هنا من قال لتتأكد من موتها ومنهم من قال لمراقبة حرارتها ووضعها ) . وتابعت الخادمة العمل المنزلي . وكل تحليل جاء ايحائيا لكن حصل فعل معين وهو قطع الكهرباء ووقف عمل الكاميرات مرتين لنكتشف بعدها سيلين ميتة والخادمة تحاول انعاشها بعدها تتصل بالاهل وتحاول الاستعانة باحد في الخارج وتحمل الفتاة على ذراعيها وتسرع فيها الى الخارج .
اذا كان القسم الاول عاديا طبيعيا صادقا فالخادمة يمكن ان نسقط عنها الاتهام اما اذا صدق ما تسرّب من التحقيقات ان الخادمة قطعت التيار لتقتل البنت بعد ان اكتشفت انها تسرق مبلغا صغيرا من المال وانها حاولت ايهام الجميع محاولة الانعاش لانها تعرف بوجود كاميرات، فالموضوع يذهب باتجاة الادانة والله المدين.

المتهم الخامس : المستشفى
من حقنا ان نعرف.. هل وصلت سيلين الى المستشفى ميتة ام فيها حياة ؟ ومن ابلغ الوفاة للاب وماذا قال له كي يكتب ما كتب على صفحته ؟ وكيف كتب ما كتب والمستشفى عرفت ان الموت ناجم عن فعل خنق اي فعل جرمي . وكان من واجبها ان تعلم السلطات القضائية والطبيب الشرعي وان لا تسلم الجثة قبل تبيان الحقيقة التي تريدها سيلين والتي يمكن ان يكون هناك مظاليم في حال غيابها .
والتناقض القائم بين تقرير المستشفى وتقرير الطبيب الشرعي الذي اكد ان الوفاة ناتجة عن تشوه خلقي وليس عن قتل . وهنا نحمّل المستشفى مسؤولية اقلها ما كتبه الاب على صفحته . اما ان يكون المستشفى لم يقصّر وقام بكل واجباته من اعلام الاهل حقيقة الوفاة واخبار السلطات القضائية واجراء الاصول القانونية فربي يعرف ولهم الشكر.

المتهم السادس : الاعلام
هل ماتت سيلين ميتة طبيعية قد رثاها والدها باحرف مفجوعة متألمة فاتى الاعلام المتعطش للاثارة ليحوّل موتها الى قصة شغلت القاصي والداني . فاستعمل اجزاء مبتورة من الحقيقة ليمشي مغمض العينين في لعبة اخرى تفرض عليه اكثر تفتحا او ادراكا وبهذا يكون شريكا ومتهما . ام ان الاعلام دخل ليخرج القضية من عتمة القبر ويعيدها الى اوراق المحاضر واقواص العدل والضمائر الحية ويعطي سيلين املا في حقيقة ترتجيها فترتاح نفسها ويكون هنا بريئا .

المتهم السابع : التحقيق
هل اراد المحققون الوصول الى نتيجة سريعة فعنّفوا الخادمة وارهبوها فاعترفت ، ام ان احدا طلب توجيه التحقيق ليسقطوا التهمة عن .. ويلصقوها بِ … عندها يكون التحقيق متهما .
اما اذا ما قام به المحققون جهد مشكور ولم يغفلوا حقيقة واحدة او دليل واحد او فرضية واحدة حتى وصلوا الى اعترافات الخادمة كما هي موثقة بوقائع حثية ومادية اوصلتنا لمعرفة كيف قتلت سيلين فلهم منا الشكر العميق .اما ما قاله المشككون والغير مقتنعون والباحثون عن الحقيقة على مواقع التواصل في المقاهي والبيوت وسيارات الاجرة وصالونات الحلاقة وفي كل تجمع ولقاء يُلخص بالتالي:

سيلين ماتت ولم تُقتل على يد الخادمة .في البدء كانت الشكوك على الاهل ولكنها راحت تتضاءل شيئا فشيئا حتى خلص القول الى ان سيلين ماتت نتيجة الطعم .واللغز هو الطعم والمطلوب اخفاء وجهه وهويته وهوية موزّعه ولما كان الاب نعى ابنته على الفايس بوك انها ماتت نتيجة طعم مغلوط ومغشوش ودخل الاعلام والوزارات والسائلين ، انهزّ لغز الطعم وراحت الحقيقة تبحث عن مخبأ لها وعن قصة ثانية لموت سيلين هو قتلها. وان قتلت كيف والبيت مراقب اذا لا لصوص لا قتلة وخادمة موجودة في المنزل ، ما من مدافع عنها ، تحمل كل القضية . وتساءل المشككون ان في لغز الطعم لغز قطع عمل الكاميرات وكيف ان كاميرات تراقب يمكن توقيفها بمجرد قطع الكهرباء وليس هناك من UPS يحمي عملها.

فكان الاجماع او شبه الاجماع سيلين ماتت واللغز هو الطعم . وفي لغز الطعم لغز انقطاع التيار . عتمة حملت كل اسرار القضية لكن الجميع اغفل ان عين الله ترى حتى في الظلمة وروح سيلين سوف تقودنا للحقيقة ولو بعد حين .

رحم الله سيلين وجعل روحها في الجنة .

السابق
هكذا «هرب» المولوي ومنصور
التالي
الحريري: الدعوة الى ثورة سنيّة في لبنان لا تنتمي الى تطلعات السنّة وأهدافهم