إسرائيل تطرح نفسها حامية للأردن

قبل اعلان تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” (داعش) قيام الخلافة الإسلامية في غرب العراق كنقطة انطلاق لتحقيق الحلم بخلافة إسلامية واسعة الاطراف تضم سوريا والأردن ولبنان، كان أمن الاردن موضع اهتمام كبير ومتابعة يقظة من صُنّاع القرار في إسرائيل ومراكز الابحاث الاستراتيجية.

يعود هذا الى اكثر من سبب، أولها كون الأردن تربطه باسرائيل معاهدة سلام ويعتبر حليفاً اساسياً لها، الى كونه حليفاً مهماً للولايات المتحدة الأميركية أيضاً، والثاني ان استقرار المملكة الهاشمية يشكل عنصراً مهماً في معادلة الامن القومي الإسرائيلي اليوم وفي ظل التغييرات التي تشهدها المنطقة. فالراهن اليوم ان الأردن هو الدولة العربية الوحيدة التي تحافظ على علاقات ديبلوماسية طبيعية مع إسرائيل وعلى تعاون امني واستخباري.
منذ بداية الحرب الأهلية السورية ادركت إسرائيل حجم الضغوط التي تتعرض لها المملكة، وتخوفت على استقرارها، ولجأت الى زيادة التنسيق الامني والاستخباري بين البلدين. واوردت صحيفة “هآرتس” ان طائرات إسرائيلية من دون طيار تحلق منذ بداية هذه الحرب على الحدود بين الأردن وسوريا لكبح اي هجمات من سوريا على الأردن، ورصد اي محاولات تسلل لعناصر ارهابية الى المملكة.
ولكن مع اعلان “داعش” عن خلافته الإسلامية في غرب العراق، والتهديدات التي وجهها الى الأردن، تحولت الانظار الى العراق، وبات السؤال المطروح اليوم كيف ستتصرف إسرائيل في حال تعرض الأردن لهجوم ساحق من الجهاديين انطلاقاً من الحدود العراقية، وخصوصا في ظل التقارير التي تحدثت عن اتصالات يجريها “داعش” مع العشائر في الأردن ومحاولته الحصول على دعمها ومبايعتها كما فعل مع القبائل في العراق، وعن أن “داعش” يستغل نقمة هذه القبائل على الملك عبد الله الثاني بن الحسين الذي يقال انه لا يتمتع بشعبية كبيرة بينها من اجل تأليبها عليه ووقوفها ضده ووقوفهم معه في خطوتها التوسعية التالية في اتجاه الأردن.

مساعدة عسكرية إسرائيلية
خلال اليومين الاخيرين جرى الكلام علناً عن احتمال طلب الأردن مساعدة إسرائيل والولايات المتحدة لكبح اي هجوم يشنه “داعش” داخل اراضيه. ونقل الصحافي إيلي بلايك في موقع “الدايلي بيست” الجمعة الماضي عن مسؤولين أميركيين تقديراتهم أن الأردن سيطلب مساعدة إسرائيل والولايات المتحدة. كما كشف بلايك ان ديبلوماسيين إسرائيليين ابلغوا الأميركيين بعيداً من الانظار انهم مستعدون لتقديم مساعدة عسكرية للمملكة الأردنية الهاشمية عند الحاجة. ونقلت صحيفة”هآرتس” عن مصادر أمنية إسرائيلية ان الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو تدرك قلق الأردن وهي قادرة على مساعدته عند الحاجة، لكن هؤلاء لم يتوقعوا نشوب حرب تتورط فيها إسرائيل في وقت قريب.
لكن الموقف الإسرائيلي الرسمي من المخاطر التي يتعرض لها الأردن من الحركات الجهادية عرضه نتنياهو في كلمة القاها في معهد دراسات الأمن القومي قبل يومين اذ تطرق طويلا الى الاضطرابات التي تعصف بالمنطقة متوقعاً بانها تستمر عشر سنين او اكثر ولكن في النهاية سيُهزم الجهاديون مثلما هُزم النازيون.
في هذه الكلمة حدّد نتنياهو للمرة الأولى بصورة واضحة عقيدته الامنية التي تقوم على مواجهة اربعة تحديات اساسية: التحدي الاول، تحصين الحدود والدفاع عنها وبناء سياج امني على طول الحدود مع الأردن؛ والثاني السيطرة الامنية على المنطقة الواقعة بين الأردن ومراكز التجمعات السكانية الإسرائيلية؛ والثالث التعاون الإقليمي بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة من اجل كبح المد الإسلامي الجهادي المتشدد. وفي هذا السياق ابدى نتنياهو للمرة الأولى استعداده لتقديم مساعدة عسكرية للأردن ودعمه لأقليم كردستان المستقل.
اما التحدي الرابع والاخير فهو منع إيران من الوصول الى عتبة الدولة النووية. وبذلك يكون نتنياهو اوضح من دون لبس استعداد بلاده لتقديم العون العسكري للأردن، مما يؤكد صحة التقارير التي تحدثت عن تفاهم اميركي – إسرائيلي على الدفاع عن الأردن في وجه هجمات التنظيمات الجهادية.

ولكن هل اسرائيل قادرة على حماية الأردن؟
هذا السؤال طرحه المعلق السياسي في صحيفة “معاريف” أمنون لورد الذي تساءل هل الجيش الاسرائيلي مستعد للتحرك على مسافة 500 كيلومتر من الحدود؟ واستغرب كيف ان رئيس اركان الجيش الإسرائيلي لم يتطرق الى مثل هذا الاحتمال في تصريحاته ومواقفه الاخيرة. وانتقد لورد التسريبات الأميركية عبر الاعلام عن تقديم إسرائيل مساعدتها للأردن في التصدي لـ”داعش”، ورأى انها مضرة بإسرائيل وخصوصا في ظل اختلاف المواقف بين الدولتين من عدد من المسائل وآخرها الموقف من استقلال كردستان الذي تدعمه إسرائيل وتتحفظ عنه الولايات المتحدة. في حين رأى معلقون آخرون ان الخطر الذي يتربص بإسرائيل ليس “داعش” بل إيران النووية، والتورط في محاربة “داعش” معناه الوقوف في صف واحد مع إيران العدو اللدود لإسرائيل.

تحصين الحدود
واذا كان الحديث عن الاستعدادات العسكرية لمساعدة الأردن لا يدور في العلن، فالواضح أن تحضيرات اخرى ذات طابع دفاعي بدأ تنفيذها في طليعتها تحصين السياج الحدودي مع الأردن. لم تعد الحدود الأردنية آمنة بالنسبة الى إسرائيل، بل مصدراً للخطر المقبل، وها هي إسرائيل تبني حول نفسها سياجاً آخر هو تتمة للسياج الذي يفصلها عن سوريا وعن سيناء في مصر ويضاف اليها الجدار الفاصل مع الضفة الغربية.
وعلى رغم اعلان الإسرائيليين ثقتهم بالجيش الأردني الصغير لكن المنضبط والمدرب جيداً والمسلح بعتاد أميركي، فان تفكك الجيش العراقي الذي انشأه الأميركيون ودربوه يبقى ماثلاً امام اعينهم.ويبقى السؤال هل في استطاعة الأميركيين والإسرائيليين تحويل الأردن خطا أحمر أمام تقدم “داعش”؟

السابق
المستوطنون الاسرائيليون الثلاثة وجدوا جثثاً
التالي
رئيس ’هيئة علماء المسلمين في لبنان’: إعلان تنظيم ’داعش’ الخلافة الاسلامية ليس له مكان عندنا