يجب أن تبقى حلقة الاتحاد الأوروبي الضعيفة صامدة

قد يكون للرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي مغزى رمزي بالمساواة، ولكنها تسمح لنا بقياس ثروات كل بلد يقع عليه الدور كل مرة. في 1 يناير (كانون الثاني)، تقلدت اليونان رئاسة الاتحاد الأوروبي في وقت عصيب لها وللاتحاد الأوروبي. فاليونان هي أكثر دولة في الاتحاد الأوروبي تعاني المشاكل، ولا تزال تعتمد على القروض من جيرانها، وبحكومة ائتلافية تمسك بالسلطة بأغلبية ضئيلة في البرلمان، ستمثل الاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر، بينما تواجه دول الاتحاد الـ28 قضايا كبيرة بشأن هوية المجموعة ومستقبلها.

لن تكون الرئاسة هذه المرة عادية كسائر فترات رئاسة الاتحاد. فمن المتوقع أن تحقق انتخابات البرلمان الأوروبي في مايو (أيار) مكاسب مهمة لأحزاب أقصى اليمين، التي رسالتها هي تقويض وحدة الاتحاد الأوروبي.

يبرز وضع اليونان الاقتصادي الصعب حقيقة أن دول الاتحاد الأوروبي ليست متساوية وأن بعضها مثقل بالديون، بينما البعض الآخر ملزم إقراضها المال. سمح هذا الوضع بعودة صور التحامل والأحكام المسبقة القديمة في اختبار لحدود التضامن. لكن على اليونان، جنبا إلى جنب شركائها والبيروقراطيين في رئاسة الاتحاد الأوروبي ببروكسل والبنك الأوروبي المركزي في فرانكفورت، أن يحققوا نجاح هذه الفترة الرئاسية. إنها لحظة نجاح باهر أو فشل ذريع: على دول الاتحاد أن تثبت ما إذا كانت ستدعم الاتحاد أم ستدعه ينجرف.

بالنسبة للاقتصاد، سمح الاتحاد الأوروبي لنفسه بأن يكون في موقف ينظر إليه فيه على أنه ضعيف كضعف أضعف دولة فيه. وهو لا يجرؤ على فعل ذلك على المستوى السياسي. لا شك في أن الوضع حرج بالفعل. فمن الصعب تصور كيف يمكن لحكومة تعتمد على القروض أن تنجح في تحقيق هدفها المحدد في الإطار الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي، المتبنى في ديسمبر (كانون الأول) 2012 الذي يهدف إلى تعزيز «قدرة الاتحاد للاستجابة للتحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية الحالية». هل تستطيع اليونان تحمل فاتورة ذلك من حيث الموارد المالية والبشرية، بينما انكمش اقتصادها بنحو الربع منذ عام 2008 مع ارتفاع معدل البطالة بنسبة 27%، ومع أنين دافعي الضرائب تحت وطأة أعلى ضرائب جرى فرضها مقابل مزايا ضئيلة ومع مواجهة الخدمة المدنية لتخفيضات قاسية؟ هذه أسئلة لا يطرحها الكتاب الأوروبيون فحسب، بل يطرحها المواطنون اليونانيون كذلك، الذين يتساءلون ما إذا كان المال سيوظف توظيفا أفضل. ليست المسألة هي الـ50 مليون يورو التي يتوقع أن تنفقها اليونان خلال الأشهر الستة المقبلة وهي تستضيف 14 اجتماعا وزاريا رسميا وما بين 100 إلى 120 مجموعة عمل لبحث الكثير من القضايا. بمعنى آخر، هل اليونان في مستوى مهام الدولة العضو ذات الكفاءة في الاتحاد، وهل يستطيع الاتحاد تركيز موارده ورؤيته لإنجاح هذه الفترة الرئاسية للاتحاد الأوروبي.

لن يكون رئيس الوزراء اليوناني «رئيس» الاتحاد الأوروبي على غرار البيت الأبيض في الولايات المتحدة، لكنه سيمثل المناقشات الموضوعية التي قررتها المنظمة قبل أكثر من عام مضى، وسيترأس وزراؤه اجتماعات رصفائهم. وضع الاتحاد الأوروبي برامج سياسة لمدة 18 شهرا لتنفذها الدول الثلاث التي ستقع عليها رئاسة الاتحاد الدورية للفترات الثلاث المقبلة. اليونان هي الدولة الثالثة التي تتسلم رئاسة الاتحاد في ظل هذه البرامج (بعد آيرلندا وليتوانيا)، وهناك ملف به نحو 180 مسألة معلقة حول إلى أثينا.

هذه هي المرة الخامسة التي تتسلم فيها اليونان رئاسة الاتحاد الأوروبي منذ انضمامها له عندما كان يسمى السوق الأوروبية المشتركة. تقلدت اليونان الرئاسة في 1983، و1988، و1994، و2003. ومع بداية مواجهة اليونان تحدي الفترة الرئاسية الأخيرة في يناير 2003، تعرضت وحدة الاتحاد لتهديد من بعض الدول الأعضاء خاصة بريطانيا وإسبانيا عندما اصطفتا إلى جانب الولايات المتحدة وهي تعد لغزو العراق. عارضت معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حرب العراق. وساعدت الرئاسة اليونانية على تهدئة الأوضاع. وبنهاية الفترة الرئاسية، شهدت ساحة «الأغورا» اليونانية القديمة توقيع اتفاقيات انضمام 10 دول أعضاء جدد في الاتحاد الأوروبي.

السابق
ماجد الماجد.. «أبو عدس» جديد؟
التالي
لاهاي: نقطة على سطر التفلّت من العقاب