القطان تحتضن إبداع شباب فلسطينيّ

بعيداً عمّا يجري في صيدا، وعمّا يُحكى أنه سيجري في الشهور المقبلة، في مكان ما من هذه البقعة التي تضيق بسكّانها، يجري التحضير لدفعات جديدة من كتّاب وشعراء وفنانين. شباب فلسطيني بمواهب متنوّعة، لكن لا ظروف تسمح بالخروج إلى العلن وإظهار ما لديهم. يختنقون داخل المخيمات، يغرقون بمشاكل ومعاناة هائلة.
قبل فترة فُتحت نافذة.
إعلان للفنانين الفلسطينيين الشباب في لبنان عن فتح الباب للتقدم لنيل منح مشروع «صلات: روابط من خلال الفنون». قد لا تكون هذه النافذة وحيدة. لكن ما يميّزها هي أنها أتقنت «ضربتها». توجّهت إلى الفنانين المبدعين، الذين عادةً ما يتمّ تجاهلهم. أمّا الحجج فكثيرة، أوّلها أن الأولوية لتــأمين الحــدّ الأدنى مــن الحــياة الطبيعــية، وهـكذا يستمرّ العمل علــى وجهة واحدة من دون التوصّل إلى حالة من الإفادة الشاملة.
مؤسسة عبد المحسن القطّان (فلسطين) وبالشراكة مع صندوق الأمير كلاوس (هولندا) عملت على توفير منح لإنتاج وترويج أعمال فنية جديدة يتقدم بها فنانون فلسطينيون شباب (ما بين 22 و 35 عاماً) يقيمون في لبنان. أمّا حقول المنحة فهي الفنون البصرية من رسم وتصوير فوتوغرافي وفن الفيديو، وصولاً إلى الأداء والتركيب والنحت وغيرها، إضافة إلى الفنون الأدائية (موسيقى، مسرح، رقص، سيرك…) والأدب من شعر وقصة ورواية…
وصول أخبار المنحة وانتشارها لم يكن أمراً سهلاً. عمليّة الترويج لم تكفي. لا أحد يريد إرهاق نفسه بقراءة مقاطع طويلة قد تكون حاملة لايجابيات كثيرة. يفضلون الشفهيّ. وهكذا لم تتمكن أخبار المنحة من التمدّد بشكل كامل. فكان «فايسبوك» هو الباب الأبرز للمشاركين للتعرّف على المنحة ومعرفة تفاصيلها.
سلسلة من الأهداف يطمح إليها مشروع «صلات». في الأولويّة «دعم المشاريع الثقافية المبدعة في المخيمات الفلسطينية في لبنان»، وكذلك «رفع مستوى الوعي بالتيارات المتعددة في الثقافة الفلسطينية والعربية والعالمية المعاصرة، عبر دعم مشاريع تشجع التفاعل الأعمق مع المجتمع المدني في لبنان…».
من هنا، تقدّمت مجموعة من الشباب الفلسطيني بأفكار مشاريعهم. اختارت لجنة التحكيم أربعة منهم. حكمت عملية الاختيار سلسلة معايير توجب على المرشحين التقيّد بها. جاءت الأوليّة في إعطاء المنحة إلى المشاريع التي أثبتت قدرة وطموحاً في تخطّي الحواجز التي يفرضها الواقع على الحياة الثقافية والممارسات الفنية في المخيمات الفلسطينية، وكذلك القدرة على بناء صلات مع العالم المحيط. كما نالت المشاريع التي أظهرت قدرة على الوصول إلى قطاعات أوسع من جمهور الأطفال والشباب. وركّزت لجنة التحكيم على نقطة أساسية مرتبطة بضعف القدرات التقنية للكثير من أماكن العرض، لا سيما في المخيمات. من هنا قامت باختيار المشاريع التي تتناسب قدرتها على التكيّف مع هذه الحالة السائدة.
تنوّع الفائزون. جميعهم فلسطينيون، لكنهم يتوزعون بين مخيمات مختلفة. كما تنوّعت أيضاً المشاريع التي نالت المنحة: رواية «ليمونة.. ان» لوداد طه، مجموعة شعريّة بعنوان «شرفة مائلة» لتغريد عبد العال، معرض رسم تشكيلي بعنوان «أولاد الحرب» لسمير أبو قطمة، ومعرض صور فوتوغرافية لبشارة داموني.
وإلى حين انتهاء الشباب الأربعة من انجاز مشاريعهم، يجري التحضير للقاء يجمعهم في مكان مفتوح، بحضور من يرغب، للتباحث بما تمّ انجازه إلى الآن والحديث عن هذه التجربة.
ومؤسسة عبد المحسن القطّان مؤسسة تنموية مستقلة، تأسست وسجلت في العام 1993 في بريطانيا كمؤسسة خيرية، وباشرت العمل في فلسطين في العام 1998 كمؤسسة غير ربحية. ويتلخّص هدفها في تمكين الإنسان المنفتح الأفكار والآفاق من التغلب على تحديات الحرب واللاعدالة، من أجل خلق مجتمع مزدهر وحيوي في فلسطين والعالم العربي.

السابق
جاكيت من شعر صدور الرجال
التالي
الجزيرة: الخبر المهم والمواكبة الرديئة