كل تأخير لوصول الصواريخ فيه خير

شهد المؤتمر الصحفي المشترك بين فلادمير بوتين وبنيامين نتنياهو بأن الضيف من اسرائيل استُقبل استقبالا حسنا، لكن لم يتم الاتفاق على منع نقل صواريخ الـ ‘إس300′ الى بشار الاسد في سوريا. إن بوتين، الذي يعارض مبادرة الغرب الى حظر الطيران في سماء البلد الذي تمزقه الحرب الأهلية، أشار اشارة خفية الى أن اسرائيل ستحسن الصنع اذا كفت عن سياسة الهجوم الجوي على قوافل السلاح المحكم الذي يتسرب الى حزب الله، وعلى ذلك لم يكن عند بنيامين نتنياهو خيار سوى أن يرد علنا على مضيفه بأن الجيش الاسرائيلي سيستمر في سياسته. فهو سيهاجم قوافل السلاح الحديث المتجهة الى سوريا ومنها الى لبنان. وقيل كل ذلك بلغة دبلوماسية مهذبة مقبولة.
إن رحلة نتنياهو الجوية الخاطفة الى ساحل البحر الاسود خُطط لها حينما كان في الصين. وشهدت على استعجال اسرائيل الحاجة الى منع تسليم الـ 144 صاروخا العملياتية الى الاسد. فهو خطير وقد يكون ورثته اسوأ منه. في دولة تشاهد مع سائر العالم كيف يأكل محارب من المتمردين قلب جندي من صفوف الجيش السوري لا يستطيع انسان ذو توجه عقلي سليم أن يعرف من أفضل من مَن، ويضيف هذا بُعدا آخر ايضا الى صدق زعم اسرائيل أنها لا تفضل أحدا في المعارك بين الطرفين وأنها لا تتدخل.
من المنطق ان نفترض أن هذه الشكوك موجودة عند الكرملين ايضا. إن النظام السوري زبون طبيعي دائم لروسيا حينما كانت ما زالت الاتحاد السوفييتي، ولا يريد بوتين أن يضيع موطئ قدمه في دولة قريبة جدا لها منفذ الى ‘المياه الدافئة’ في البحر المتوسط، لكن من يؤيد بالفعل؟ هل يراهن على استطاعة الاسد الذي يُظهر قدرة عالية على البقاء، أن يبقى في القصر الرئاسي في دمشق؟ تتصرف روسيا احيانا في الساحة الدولية وكأن العالم ذا القطبين لم يُدفن مع انحلال الاتحاد السوفييتي؛ وكأنه لا يوجد سواها هي وامريكا. وهي حائرة بازاء استمرار التأييد الامريكي للنظام الاسلامي في مصر الذي نحى حليفها المخلص حسني مبارك وتخشى من تكرار هذه الصورة اذا انهار الاسد.
وعند اسرائيل سبب للتساؤل ايضا. فالاسد من جهة هو الانبوب الذي ينقل المصالح الاسرائيلية في الشرق الاوسط وهو شريك بارز لحزب الله، وهو من جهة ثانية قد حافظ منذ 1974 على هدوء على حدود هضبة الجولان. إن الاسد شديد على اسرائيل مثل داء لكن هناك أساسا للخوف من ان المتمردين عليه اسوأ منه من كل جهة دولية وانسانية.
من المنطق ان نفترض ان نتنياهو قد عرف مع خروجه للزيارة أنه لن ينجح في الحصول على التزام روسي للاستمرار في تأجيل صفقة السلاح. إن الكلام المهدئ للجأش الذي سُمع قبل ذلك على لسان وزير الخارجية سيرجيه لافروف لم يشمل اشارة الى إلغائها. إن هدف الزيارة هو احداث ضغط على روسيا كي تصبح أكثر اعتدالا.
وحينما تظهر مصالح اخرى في المحور الروسي الاسرائيلي كاهتمام موسكو الخاص بسياسة الغاز عند اسرائيل فانه يوجد ما يُتحدث فيه. إن كل تأخير لوصول الصواريخ الحديثة الى سوريا فيه خير. ولا تستطيع السياسة احيانا ان تحرز أكثر من التأجيل.

السابق
الصواريخ الروسية لابتزاز الغرب
التالي
لا أريد لإبني أن يرأسه حافظ بشار الأسد