عراقيل المجتمع لم تمنعهم من الزواج المدني

بالتأكيد لم يكن زواج خلود ونضال الذي اثار ضجة هو اول زواج مدني للبنانيين. قبله كان الآلاف. لكن اهميته تكمن في تخطيه الاطر التي لا تسمح بعقد زواج مدني في لبنان. لا يمكن فهم سبب هذا المنع وخاصة في ظل اعتراف الدولة اللبنانية بعقود الزواج المدني المسجلة في الخارج، الا من خلال النظر الى فهم المجتمع -الخاطئ- لهذا الزواج، ورفضه. وعلى الارجح فإن تجارب من خطا هذه الخطوة كفيلة بفهم العوائق التي ينتجها المجتمع، والتعرف على القيود التي يفرضها على افراده.

بإستهزاء يتحدث شبل قصب عمن يحمل "سلم الزواج المدني بالعرض"، فهو تزوج مدنيا في قبرص، وكل ما يقال عن هذا الزواج يعود الى المفاهيم التي يتبناها الافراد، "يعتبر البعض ان الزواج المدني يسهل الطلاق، وهذا امر غريب. فمن يفكر في تداعيات الزواج فهو يفكر في تداعيات الطلاق منذ البداية، اساسا اصبح الطلاق موجودا وميسرا عند جميع الاديان، ومن يريد الطلاق يستطيع القيام به إذا عقد زواجه دينياً كان او مدنيا، وباتأكيد الطلاق عند المسلمين اسهل من الطلاق المدني، اما عند المسيحيين فهناك امور كثيرة تحصل لتسهيل الطلاق عندما يؤخذ القرار من الطرفين". وكذلك علاقة الدين بالزواج المدني تخضع وفق قصب لمفهوم الفرد للدين، "في الدين الاسلامي الزواج عقد قانوني وليس رابطة سماوبة الهية دينية. وهناك تطابق بين العقد المدني والعقد الاسلامي، اما الاختلاف فهو في تداعيات العقدين بعد انحلال الزواج وفي موضوع الميراث، وهذا يعني ان الزواج المدني لا يتعارض مع المفهوم الاسلامي للزواج". لكن الموضوع عند قصب ليس هنا، فالدين هو معتقد، "والمعتقد يمكن ان يكون صحيحا ام غير صحيح". يتحدث قصب عن كلمة وحيدة واجهه فيها البعض عند علمهم بأن زواجه مدني "زنا"، "لكنني في الكثير من الاماكن كنت اقوى من المجتمع". لا مجال للتردد طبعا عند قصب، يؤيد قوننة الزواج المدني في لبنان "الا اذا رفض ذلك رجال الدين والسياسة وعندها يصبح في الامر تعدٍ على حرية المعتقد المكفولة في الدستور". اساسا، السفر الى قبرص والزواج على اراضيها ثم تنفيذ الزواج في لبنان هو تنازل عن السيادة القانونية للقانون اللبناني، كأن كاتب العدل القبرصي يصدر اوامر لدوائر الاحوال الشخصية اللبنانية لتنفيذ زواج لبنانيين غير مقيمين على أرض قبرص. ولا سلطة قانونية ولا وصاية لقبرص عليهما".

ساندي متيرك
اقدام ساندي متيرك على الزواج المدني كان يتطلب قرارا، وليس شجاعة كما تقول، "الزواج المدني حق. وبالتأكيد كانت هناك عراقيل في المجتمع وتحديات. المعارضة كانت على زواجي من شخص ليس من طائفتي، وتاليا على الزواج المدني".تعيد متيرك اسباب معارضة الزواج المدني بداية الى "جهل كثر هذا النوع من الزواج، والى اعتبارات دينية، هم يعتبرون ان زواجنا ليس مقدسا، او غير شرعي، هذا لانه غير مبارك فمن يمثل الله على الارض اي رجل الدين".تؤكد متيرك ان الناس يجب ان يعرفوا ان العائلات التي اسست بناء لزواج مدني لا تختلف عن غيرها من العائلات، "بل ربما متدينة اكثر في بعض الاحيان، كما ان سمفونية الطلاق في الزواج المدني اسهل من الزواج الديني امر غير صحيح".
تؤيد متيرك قوننة الزواج المدني في لبنان لكنها تتخوف منه في الوقت نفسه "فمن الممكن ان تقونن الدولة الزواج المدني وتتناسى ما تبقى من الاحوال الشخصية، وهذا ما يجب ان يكون مرفوضا، لا يجب تجزأة الاحوال الشخصية بل علينا الضغط لإقرار قانون مدني للاحوال الشخصية".

عربي العنداري
لا يجد عربي العنداري في خطوة الزواج المدني التي اقدم عليها جرأة، بل على العكس، الخطوة التي كانت تطلب منه جرأة هي عدم الاقدام على زواج مدني "لان ما قمت به هو اقتناع تربيّت عليه، ولان محيطي وعائلتي واصدقائي جميعهم في هذا الجو".يسهل الزواج المدني الطلاق عند بعض الطوائف وفق العنداري ويجعله اصعب لدى طوائف اخرى "وانا مقتنع ان الطلاق ضروري في بعض الحالات، كما ان الزواج المدني ينظم الطلاق افضل مما تفعله بعض الديانات، فلا وجود للمؤخر وغيره من الامور".يرفض العنداري القول ان الزواج المدني افضل من الزواج الديني بالمطلق، فهو يحترم معتقدات كثر ممن يعتقدون ان الزواج الديني افضل، "لكني مقتنع بفكرة الزواج المدني، لان الزواج هو خطوة واعية يقوم بها شخصان واعيان قررا العيش معا، ولذلك يجب على العقد ان يؤمن المساواة بين الطرفين، ولا دخل للدين بهذا القعد، إذ لكل فرد قناعاته الدينية التي يمكن ان يحتفظ بها، ويمارس طقوسها من دون اي عائق".
لا يحسم العنداري ان الزواج المدني ضد الدين ام لا "فالامر يخضع للاجتهاد، فهناك رجال دين مسلمون ومسيحيون يؤيدون الزواج المدني، ونحن نعيش في دولة القوانين فيها وضعية، فلماذا لا تزال الاحوال الشخصية تخضع لسلطة الطوائف؟".

لكن ماذا في حال قوننة الزواج المدني في لبنان؟ هل تتوسع حلقة المتزوجين مدنيا؟

السابق
جهاد مقدسي في الامارات: لا مكان للدبلوماسية الآن في سوريا
التالي
الشياح وعين الرمانة