السفير: ثقوب في الأفق الانتخابي المسدود؟

برغم الهوة الواسعة التي تفصل بين الطروحات الانتخابية للقوى السياسية، إلا ان بعض الإشارات أوحت أمس بأن ثقوباً قد خرقت "الافق المسدود"، وربما تعبر منها خيوط تسوية ما، يتم العمل للتوصل اليها، خارج دائرة الاستهلاك اليومي، وإن يكن كل طرف يحرص على تحسين شروطه التفاوضية بالسقوف المرتفعة.

ومع تسليم رئيس "لجنة التواصل النيابي" روبير غانم الرئيس نبيه بري محضر النقاشات حول تركيبة قانون الانتخاب، يكون المخاض قد انتقل الى مرحلة جديدة، سمتها التفتيش عن إبرة القواسم المشتركة وسط قش المشاريع المتعارضة، وهذا ما باشرته اللجنة، بمواكبة من بري الذي قرر، استناداً الى المعطيات التي تجمعت لديه، تنشيط محركاته وتكثيف مشاوراته مع كل القوى المعنية، سعياً الى إيجاد ارضية مشتركة، يمكن ان يؤَسَس عليها قانون توافقي.

وفي هذا السياق، أكدت مصادر واسعة الإطلاع لـنا ان مرحلة من الجد بدأت الآن، بعدما أدلى كل طرف بدلوه وطرح الحد الأقصى من مطالبه، مشيرة الى ان الجلسة التي عقدتها "لجنة التواصل" مساء أمس أطلقت عملية البحث عن القواسم المشتركة.
وكشفت المصادر عن أن الاتجاه الغالب داخل اللجنة وخارجها هو نحو إيجاد تسوية مركبة، تقوم على نظام انتخابي مختلط يدمج بين النسبية والنظام الأكثري، بحيث يُنتخب النواب، مناصفة تقريباً، على اساس المعيارين، الامر الذي من شأنه ان يرضي أنصار الخيارين.

وإذا صحت هذه المعطيات، فهذا يعني أن اللبنانيين سيكونون مرة أخرى ضحايا لحقل التجارب، الذي يفتح أبوابه كل اربع سنوات، محولاً الانتخابات النيابية من فرصة لتطوير الحياة السياسية الى خيبة أمل إضافية، تحت شعار معالجة الهواجس، فتطمئن الطوائف القلقة على حساب البلد، وتصان مصالح السياسيين على حساب الناس.

وفي انتظار تبيان حصيلة مخاض التسوية المفترضة، أظهرت الوقائع السياسية خلال الساعات الماضية ان القوى المسيحية الداعمة لمشروع "اللقاء الارثوذكسي" تحاول تحسين شروط التفاوض والانتقال من الدفاع الى الهجوم، وهذا ما عكسته المواقف التي صدرت عن العماد ميشال عون ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع و"حزب الكتائب"، رداً على الانتقادات الحادة التي يتعرض لها المشروع.

ويبدو أن الفرز الذي أحدثه الخلاف حول قانون الانتخاب خلط أوراق الاصطفافات السياسية، فتلاقى ميشال عون وأمين الجميل وسمير جعجع وسليمان فرنجية على الدفاع الشرس عن مشروع "الارثوذكسي" وسؤال معارضيه عن البديل. وكان لافتاً للانتباه في هذا السياق موقف جعجع الذي يبتعد في حساباته الانتخابية أكثر فأكثر عن حليفه "تيار المستقبل"، داعياً منتقدي "الأرثوذكسي" إلى تقديم مشروع آخر يستطيع أن يؤمن أكثرية 65 نائباً، لأنه إذا كان انتقاد قانون معين أمراً مشروعاً، فإن عدم تقديم بديل هو أمر لا يجوز.

السابق
الحياة: اقتراحان بديلان لمأزق قانون الانتخاب
التالي
النهار: قانون جديد للانتخابات يجمع النسبي والأكثري