الأكيد.. ليست غضبة عابرة ونشر الفيلم كاملاً تداعياته خطيرة جداً

"يا رسول الله فداك نفسي وأهلي وولدي وكل مالي…" قسم أطلقه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، امام عشرات الألوف من الحشود المشاركة في مسيرة الولاء للرسول الاكرم دفاعا عن كرامته ووجوده، وجها لوجه ومن دون زجاج عازل أو إجراءات أمنية استثنائية سوى من حراسه المعهودين. ولأن الحدث على مستوى النبوّة، خاطر السيد بحياته وشارك.
قسمه هذا لم يأت من فراغ فهو تحدّى اسرائيل وخرق أمنه، ومخاطر قيامها بهجوم لاغتياله "فداك روحي يا رسول الله" طبّقها كاملة.

كان لظهور الأمين العام لحزب الله، ردة فعل هستيرية لدى الحشود الموجودة هناك، فعبارات ريف المهرجان "أبو حسن"، كانت كافية لالتفات الحشود ان سيد المقاومة يشارك بنفسه دفاعا عن رسول الله، والضحكة تغمر محياه، ملوّحا لهم بيده المتعطشة لرؤيته، ومن هم خلفه ومعه.
بقيّ السيد أكثر من 12 دقيقة، وجّه خلالهم رسائل عديدة للعرب والغرب، فنقل الغضب الى الشارع وحرّك بعباراته من كان في سبات عظيم، ".. البعض لم يدرك حتى الآن حجم الاساءة.. ما دام فينا دم لن نسكت.." كانت كافية لتستفز الشيخ أحمد الأسير الذي دعا الى تظاهرة يوم الجمعة المقبلة دفاعا عن الرسول الأمين. فإذا كان هذا الرجل المُطارد، واسرائيل تنتظر ان تلتقطه لتقتله.. لماذا القادة والرؤساء العرب القابعين اما في قصورهم، واما في النوادي الليلية والفنادق.. ما الذي يمنعهم من الخروج والمشاركة لنصرة الرسول محمد.

امام تلك الحشود الغفيرة أطلق التهديدات الثلاثيّة التي يشتهر بها منذ أيام حرب تموز 2006 "ما بعد بعد بعد حيفا".
اليوم ثلاثيته كانت عن " تداعيات خطيرة خطيرة وخطيرة جدا " إذا ما بُثّ الفيلم الأميركي المُسيء للرسول بشكل كامل. هذه الثلاثيات الصادقة تنبىء بأن التحركات لن تتوقف عند مسألة مظاهرة هنا أو مسيرة هناك، وليست ببعض العشرات يقتحمون السفارات الاميركية المنتشرة في العالم، كما حصل في طرابلس عاصمة ليبيا، بل ستمتد وتتوسع بشكل أكبر، وقد تخرج عن السيطرة وربما تكون شرارة حرب فعليّة إذا لم تتحرك الادارة الاميركية الى سحب الفيلم ومنع عرضه بشكل كامل.

ولم تتأخر الولايات المتحدة في التقاط الرسالة، إذ حذّرت رعاياها من السفر إلى لبنان، وعلقت المنح الدراسية للراغبين في الدراسة في هذا البلد. وجاء في بيان لوزارة الخارجية الاميركية ان "على المواطنين الأميركيين الذين يقيمون ويعملون في لبنان ان يُدركوا ان عليهم قبول مخاطر البقاء (في لبنان) وعليهم ان يفكروا مليّا في هذه المخاطر".

واضاف ان " احتمال حدوث تصاعد عفويّ للعنف في لبنان لا يزال قائما، وسلطات الحكومة اللبنانية غير قادرة على ضمان حماية مواطنيّ او زوّار البلاد في حال نشوب عنف مفاجئ".
كما حذرّت من ان " قدرة موظفيّ الحكومة الاميركية على الوصول الى المسافرين او تقديم الخدمات الطارئة قد تكون محدودة للغاية".

كي لا ننتظر اللأسوأ، يأتي دور الشعوب العربية للتحرّك والإنتفاضة في وجه من يُسيء الى الإسلام ورموزه، ودور سفراء الدول العربية في منظمة الأونيسكو للتحرّك والضغط على الادارة الاميركية والدول الأوروبية من أجل سنّ قوانين تمنع انتهاك الديانات والاساءة الى الرسول(ص).
وكما سجنت فرنسا الفيلسوف روجر لتشكيكه بالمحرقة الاسرائيلية على اعتبار انه أهان الصهيونية، وكما انقضّت دول العالم على طالبان لمنعهم من تدمير صخرة بوذا لما تمثّله من مرجعية دينية ولاهوتية، ولاعتبارها تعدّ على الحمات الدينية واساءة للدين البوذي، يحق للمسلمين ان يكون لهم قوانين تُدافع عنهم وتمنع تكرار مثل هذه الإساءات لرموزهم الدينية.

من جهة ثانية، وعلى غير عادة، نقلت وسائل الاعلام الاسرائيلية كلام السيد حسن نصر الله بشكل كامل في مقدمة نشراتها الإخبارية. وبحسب القناة الثانية، فإن "نصرالله حاول صبّ الزيت على النار، وقلب الرأي العام ضد الولايات المتحدة وإسرائيل".
بدورها، رأت القناة الأولى في التلفزيون العبريّ أن الفيلم المُسيء للنبي محمد أجبر نصرالله على الخروج العلنيذ، الأمر الذي يظهر مدى تأثره بالفيلم والإساءة الواردة فيه، مركّزة على وقوف السيد نصرالله لأكثر من اثنتي عشرة دقيقة أمام الجماهير كي يظهر أنه جدّي في إطلاق تهديداته وإدانته.

الأكيد ان السيد نصر الله اطلق معركة محقة مفادها انه " لا يمكن التسامح فيها أو العبور عنها"، على أمل ان يلتقط رئيس جامعة الدول العربية نبيل العربي هذا الكلام ويتحرّك بسرعة لأن الغضبة لن تكون عابرة وثلاثيّة السيد عن تداعيات خطيرة لن تمر مرور الكرام.  

السابق
الباعة المتجولون: الركض وراء لقمة هاربة ..لا تنتظر
التالي
فلسطين والله والصفّ الأوّل