زوار المقامات المقدسة يروون مشاهداتهم عن مخاطر السفر

أن تصمم على المسير براً لزيارة العتبات المقدسة في إيران أو العراق أو سوريا يعني أن تضع نفسك في دائرة الخطر، وأن(تحمل دمك على كفك) مخاطراً بحياتك وحياة من يرافقك. ساعات طويلة، بل أيام تفصلك عن مقصدك ومفاجآت قد لا يتوقعها أحد.

لحظات صعبة
بعد عمليات الخطف والتفجيرات الأخيرة، كان لا بد من التوجه الى من يعاين الأمور عن كثب، فكان لقاؤنا مع السيد حسين مرتضى، صاحب حملة (أوفوا بالعقود للحج والزيارة والعمرة) الذي بدأ حديثه مؤكداً "أن أصعب اللحظات لزوار البرّ هي لحظة إنعدام الأمن خلال تنقلاتهم من والى بلادهم، واعتبر أن الأصل في هذا الموضوع هو تأمين السلامة والأمن لكل الزوار، ولكن في بعض الأحيان تكون الجهات المؤثرة في إنعدام السلامة والأمن خارج دائرة السيطرة فلا يكون هناك سبيل واضح لديمومة السلامة والأمن".
أضاف السيد حسين مرتضى أن "قرارات صدرت في الآونة الأخيرة من قبل المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ورئاسة المجلس الوزاري تمنع السفر براً نظراً لما يترتب على هذا الأمر من مضاعفات".
حول إمكانية أن يتخلى زوار آل البيت في العراق، إيران وسوريا عن هذه الزيارات في حال إستمرار المشاكل الأمنية أشار السيد مرتضى الى "أن هذه المسألة تحتاج الى دراسة للضرورات على قاعدة السلبيات والايجابيات والمصالح والمفاسد فقهياً أي لبحث دقيق في هذا المجال".
وتابع: "الوضع الأمني المتردي الذي تشهده العديد من البلدان العربية سوف يترك أثراً على تنقلات الزوار عبر إنخفاض التوافد الى تلك المراقد مما ينعكس سلباًّ على صاحب الحملة وخاصة عندما تكون هذه الحملات هي مصدر رزقه الوحيد".
ويعتبر السيد حسين مرتضى أنه "من الضروري أن تسعى الدولة لتأمين البديل المناسب بما أن السفر بالبرّ أصبح غير آمن من خلال إتاحة إستخدام الخطوط الجوية بأسعار لا تثقل كاهل الزوار الكرام".

تجربة زائر في البّر
(علي زغيب- زائر لبناني من حملة الامام الصدر) قصد العتبات المقدسة في ايران قبل أسبوع من إختطاف اللبنانيين الأحد عشر حيث تعرّضت حملته للاستجواب. وخلال عودتهم براً الى لبنان، تم توقيفهم على الحدود السورية واستجوابهم لساعات، وبعد ذلك تم إطلاق سراحهم دون أية شروط أو مفاوضات. وهنا سؤال يطرح نفسه هل كانت هذه العملية هي "بروفا" لعملية الاختطاف التي حصلت بعدها؟ أم أنه "جس نبض" مثلاً؟ أو سعي نحو ملاحقة واضطهاد اللبنانيين أينما كانوا؟
يقول زغيب:"مرّت خلفنا (حملة شمس الضحى) على الحدود السورية حيث لاقانا أناس هناك فسبّونا وضايقونا وشتمونا بألفاظ نابية، وبعد تعذيب مرير تركونا، فأكملنا المسير نحو الحدود التركية. وكانت تسير وراءنا (حملة بدر الكبرى)".
جراء ذلك قرر أن يرجع بالطائرة، واقترح على رفاقه ذلك على ان يدفعوا فيما بعد فرق التكلفة وهو 75 دولار، لكن "النساء صارت تزايد عليهم، ورفضن بحجة انهن لسن أحسن من أهل البيت".
ويتابع:"علما ان احدى النساء التي أصرت على العودة بالبرّ، والتي افرج عنها فيما بعد، لا زال زوجها مسجونا هناك".
رجع علي زغيب ليل السبت بالطائرة، لكن ابن عمه أبو أيمن زغيب لا زال رهينة، وهو مختار بلدية يونين.

خوف و ترقب
ولا ضير هنا من التحدث عن تجربة شخصية، حيث صادفت زيارتي شخصيا للعراق قبل ثلاثة أسابيع تقريباً من هذه البلبلة والأحداث، والوضع على الحدود السورية اللبنانية والحدود السورية العراقية لم يكن جيداً. كان الإنتظار لساعات طويلة في الصحراء، مع مواكبة أمنية تذهب لتستقبلك غيرها، وأخبار تصلك ورسائل تطمئن عن بقائك على قيد الحياة!
تستقل الحافلة لتتقل بين مكان وآخر وخوف يعتريك، فقد تكون الهدف الذي يبحث عنه الكثيرون! وقد تتحول في لحظات معدودة الى أشلاء، هذا فضلاً عن صلاة أديناها في مقر عسكري في منطقة (غوانتانامو)، فكنت أركع وأسجد في غرفة لعناصر من الشرطة العراقية، وغيرها الكثير من الأحداث.
ولكن رغم كل ذلك تبقى زيارة أهل البيت عليهم السلام شوقاً يغتال قلوبنا وحنيناً يداعبنا، ومهما كثرت التفجيرات وعمليات الخطف التي تستهدف الزائر واضعة أمامه العوائق لن تمنعه من زيارة أحبابه.
ولكن لماذا دائماً اللبناني هو المستهدف؟ الا يكفي ما يعانيه هذا المواطن من نقمة حكامه وساسته، وما يمرّ عليه من حروب وكوارث إجتماعية، وما يعيشه من فقر وحرمان لتصيبه أيضاً التفجيرات ويكون هدفاً للعمليات الارهابية؟   

السابق
مملكة التنظير هل يصلها ام يفوتها التغيير؟
التالي
دولة كردية في شمال سوريا.. لارباك تركيا ام النظام ؟