شهاداتهم من أحزابهم

تتخطى ممارسات الاحزاب وادوارها في لبنان ما هي عليه في معظم دول العالم، ففيه الاحزاب تحمي الطوائف، والطوائف تحمي الاحزاب. وهي تورّث أيضاً الزعامة والمقاعد النيابية، وآخر "انجازاتها": تخريج الطلاب المحازبين.

مشهد يتكرر: جمع من الطلاب يجلسون في قاعة كبيرة، يرتدون أثواب التخرج، يستمعون الى خطاب شخص ليس وزيراً للتربية أو رئيساً لجامعة أو عميداً لكلية. عنوان يتكرر: "مع كلمة رئيس الحزب (الفلاني) خلال حفل تخرج طلاب هذا الحزب". لم يتخرج الطلاب في معاهد الحزب ولا في مدارسه، كما انهم لم ينهوا مرحلة تعبئتهم الحزبية او الايديولوجية. هم كغيرهم تخرجوا في جامعاتهم، في كلياتهم، انهوا تحصيلهم العلمي كل في اختصاصه.
يشبه المشهد في تلك "التخرجات" مشهد احتفالات قسم اليمين التي تنظمها الاحزاب ليعلن المحازبون الجدد ولاءهم للحزب وقائده. ظاهرياً المشهدان متشابهان، وربما فعلياً أيضاً.
في المبدأ، تعتبر الاحزاب كما المدارس والجامعات أداة من ادوات التنشئة الاجتماعية، وبغض النظر عن نوع التنشئة المفترضة، يبقى قيام حزب بتخريج طلاب انهوا مرحلة معينة من تحصيلهم العلمي وليس الحزبي، أمراً ليس بالسلاسة التي يتعامل بها معه.

"أمل": عصب أكاديمي
يعتبر المسؤول التربوي المركزي في حركة "أمل" الدكتور حسن زين الدين ان حفلات التخرج نوع من شدّ العصب الاكاديمي "عوض شدّ عصب انصارنا بالسياسة او بأي عنوان آخر. يمكننا القيام بذلك من طريق جعلهم يعيشون بهجة النجاح معاً، وان ينطلقوا نحو المستقبل معاً". يضيف: "حفل التخرج الذي اقامته الحركة لم يكن للمحازبين فقط، كان للمناصرين ايضاً، فمن 1500 طالب شاركوا في الحفل لم يتجاوز عدد المحازبين الـ 900 متخرج".
ويشير زين الدين الى ان "حركة امل تقوم بمساعدة طلابها في الكثير من الامور كالمنح الدراسية، كما نهدف الى التعاون معهم مستقبلاً من خلال تسخير علاقاتنا لتوفير وظائف لهم في الدولة وفي المؤسسات الخاصة". لكنه يعتبر ان هذا الامر "لا يتحقق بالطريقة المثالية التي تطمح اليها الحركة لأن سوق العمل في لبنان محدودة في شكل كبير".
ويرى ان حفلات التخرج تعطي دفعاً معنوياً للطلاب الذين يجدون أنفسهم منتمين الى مجموعة كبيرة من الطلاب انهت تحصيلها العلمي "وربما يمكن اعتبار احتفالات التخرج نوعاً من عرض القوى الايجابي، لاننا نتمنى ان نتنافس مع القوى السياسية على من يخرّج عدداً أكبر من الطلاب المتعلمين بدلاً من التنافس حول من يسلّح اكثر".
"القوات": عشاء بدل التخرج
تتحضر مصلحة الطلاب في حزب "القوات اللبنانية" لتغير اسلوب احتفالات التخرج التي كانت تقيمها، فمن منطلق ان للجامعة وحدها حقّ تخريج طلابها "ستستبدل القوات ما كان يسمى حفل تخريج طلاب القوات اللبنانية بعشاء تكريمي لمتخرجيها"، وفق الرئيس الجديد لمصلحة الطلاب نديم يزبك، الذي يضيف: "في هذا العشاء لن توزع الشهادات على متخرجي مصلحة الطلاب بل ستقدم دروع تقديرية تكون بمثابة الشكر لهم على نشاطاتهم خلال مراحلهم الدراسية".
ويشير يزبك الى ان الهدف الاساسي من حفلات التكريم "هو جعل طلابنا يشعرون بأن حزبهم يقدر اخلاصهم له وكل ما قاموا به في خدمة الوطن، كما نهدف الى اظهار الصورة الحقيقية للقوات اللبنانية من خلال احتفال يظهر الاعداد الكبيرة للمتعلمين المنتمين اليها". وتسعى "القوات" وفق يزبك الى مساعدة متخرجي مصلحة الطلاب في ايجاد فرص عمل تناسبهم "فنعمل جاهدين للحصول على السير الذاتية لهؤلاء لكي نستطيع توفير العمل المناسب لهم. اضافة الى ذلك، تعتبر حفلات التخرج بمثابة انتقال القواتيين من العمل في مصلحة الطلاب الى قطاعات أخرى في الحزب نجدها مناسبة لهم او نحتاج اليهم فيها".
"حزب الله": تشجيع الطلاب
من جهته يقيم "حزب الله" احتفالاً سنوياً لتكريم الطلاب المتخرجين في رعاية أمينه العام، الأمر الذي يظهر اهمية الاحتفال بالنسبة الى الحزب، وهو وفق مسؤول التعبئة التربوية المركزي يوسف مرعي "له أهداف عدة، أبرزها تكريم الطلاب الجامعيين الذين عملوا وتعاونوا معنا خلال سنواتهم الدراسية، لذلك نسمي هذا الاحتفال "حفل تكريم المتخرجين"، فالطالب الذي يعمل مع التعبئة التربوية سنوات او يساعدها من دون ان يكون عضواً فيها، له عندنا كلمة شكر نعبر عنها من خلال حفل نكرمه فيه".
اما الهدف الثاني فرسالة يرغب الحزب في ايصالها "تظهر المنزلة الرفيعة للعلم لدى حزب الله، فهو الى كونه حزب مقاومة وتهمّه مواجهة اسرائيل، حزب العلم والمتعلمين. والى دفاعه عن الوطن، يهمه أيضاً بناء هذا الوطن الذي لا يمكن بناؤه الا من خلال كادر بشري متعلم متخصص". ويقول مرعي ان الحزب يخصص جانباً من الاحتفال لشكر اساتذة الجامعات والاهل وكل من ساهم في ايصال هؤلاء الطلاب الى هذه المرحلة.
يشكل طلاب التعبئة التربوية غالبية الطلاب المكرمين "ومن خلال التجربة لمسنا تجاوباً وحماسة كبيرين من قبل الطلاب للمشاركة في الاحتفال. هم يشعرون ان الجهة السياسية التي ينتمون اليها تهتم بهم وتشجعهم وهذا يعطيهم دافعاً معنوياً كبيراً".

الوطنيون الأحرار: عائدون
بعد توقف دام اربع سنوات يتحضر حزب الوطنيين الاحرار لحفل تخريج طلابه الحزبيين على دفعتين: الاولى تخريج التلامذة الثانويين، وهو خطوة يعتبرها رئيس منظمة الطلاب في الحزب سيمون ضرغام "فرصة لتحديد الجامعات التي سيتوجه اليها الطلاب، وتالياً اماكن القوة والضعف في الجامعات، اضافة الى تشجيع الشباب على الاستمرار في نشاطهم الحزبي".
اما الاحتفال الثاني فمخصص للجامعيين "اذ يفيد هؤلاء من تسجيل اسمائهم لدى الحزب الذي يسعى دائما الى توفير الوظائف المناسبة لهم، كما يعمل على نقل ملفات المتخرجين الى النقابات العمالية ليستمر هؤلاء في عملهم الحزبي في قطاعاتهم المهنية".
ويشير ضرغام الى ان الانطلاقة الجديدة المنظمة ادت الى تأسيس "ما يسمى مندوبية المتخرجين التي تعمل جاهدة في هذا الاطار"، آملاً في ان يؤدي احتفال التخرج "الى اظهار الحجم الحقيقي لاستقطاب الحزب في الجامعات والمدارس".  

السابق
بطلة هاري بوتر وكلبها الوردي
التالي
في طرابلس لا تنسَ هويتك في المقهى!