صورة كألف كلمة

ان صورة الفيديو التي يظهر فيها المقدم شالوم آيزنر يضرب وجه النشيط الدانماركي الذي جاء لتأييد الفلسطينيين بقاعدة بندقية ام16، قد نشرت في الحقيقة في وقت محرج بصورة مميزة لاسرائيل، لكن الوقت الاشكالي لا يعفينا من اسئلة غير سهلة تتعلق بسلوك جنود الجيش الاسرائيلي وتتعلق بمكان العنف في المجتمع الاسرائيلي.
ينبغي ان نبارك تنديد رئيس الحكومة ورئيس هيئة الاركان واعفاء المقدم من عمله. فليس الحديث عن حادثة اولى. فقبل بضع سنين جرى التقاط صورة لمقدم في سلاح المدرعات يضرب متظاهرا قرب جدار الفصل بخوذة. وقد أعفي الضابط من الخدمة، ومنذ ذلك الحين رفعت رتبته. وتوجد بضع حالات اخرى وقعت مع أصحاب رتب عالية كهذه. ربما يجدر ان نفحص من أين يأتي العنف وكيف يمكن ان نعالجه لأنه في كل حادثة اليوم توجد كاميرات فيديو ولا يمكن اخفاء ما يحدث. ولا يجوز أن نتفق مع المقربين من آيزنر الذين يزعمون أنه تم التخلي عنه وأنه لا يحظى بالدعم المناسب من كبار مسؤولي الجيش الاسرائيلي. فهذه واقعة شديدة لا تسويغ لها. ان تسطيح علاج اسرائيل لهذه الواقعة وفي لحظة كهذه يمكن ان يجلب ضررا شديدا بالجهاز العسكري وبجهاز اسرائيل الاعلامي في فترة حرجة جدا. ويمكن ان نتفهم لماذا يدافع عنه مقربوه مثل أم غير مستعدة للاعتراف بمشكلات ابنها. ومع ذلك يجب علينا ان نتحمل مسؤولية عامة واسعة وأن نسأل أصعب الاسئلة كي نتوصل الى العلاج المناسب للجهاز.

ان رد المقدم شالوم آيزنر يثير اسئلة. ومن المهم ان نتذكر ان متحدث الجيش الاسرائيلي العميد يوآف (بولي) مردخاي، قال انه لا يسوغ سلوك الضابط وان الحديث عن حادثة خطيرة تعارض قيم الجيش الاسرائيلي. وفي المدة الاخيرة فقط كانت هناك نية ترفيع رتبة المقدم آيزنر ليصبح نائب قائد مدرسة الضباط «بهاد 1». وفي رأيي كان يجب في هذه الحال على آيزنر ان يعترف بأنه خرج عن السيطرة على نفسه. فالقادة يفترض ان يأمروا جنودهم. ويجب علينا ان نفترض ان يكون لدى قادتنا وعي ذاتي ووعي للذنب. وهكذا فقط نستطيع ان ننشئهم تنشئة انسانية مركبة لا بانكار الاشكال وكتمه.

ليس العنف في المجتمع الاسرائيلي وباء زائلا ولا يجب ان نذهب الى المناطق المحتلة لنجده لأنه يمكن ان نجده ايضا في العلاقات بين الشرطة والنشطاء الاجتماعيين. انظروا مثلا الى اقتراح القانون – الذي أجيز بالقراءة الاولى – لاوري اريئيل ودوف حنين ونتسان هوروفيتس الذي يعزز واجب أن يحمل رجال الشرطة اشياء تعرف بهم. وهذه الاشياء التعريفية تفضي الى خفض مقدار العنف.

لماذا تحتاج دولة اسرائيل وجيشها بين أقوى جيوش العالم الى عنف اشكالي كهذا؟ ومن أين ينبع الضعف الكبير الذي يعبر عنه فعل كهذا؟ وهل يمكن في الحقيقة ان نقول ان هذه الواقعة شاذة عن القاعدة أم نقول ان حالة المقدم آيزنر هي ثمرة الجهاز نفسه. واذا كانت نتيجة للجيش أو للشرطة أو لكل مؤسسة اجتماعية اخرى فعلينا ان نسأل ما الذي حدث لتلك القوة الاسرائيلية التي أصبحت دقيقة هشة على هذا القدر.
ان قاعدة بندقية المقدم آيزنر التي ضرب بها وجه النشيط الاجنبي يجب ان توقظنا لتفكير محزن في المجتمع الاسرائيلي، فقد شاهدنا في المدة الاخيرة فقط العنف الذي نشب داخل ملعب كرة القدم. فلماذا نحل صراعاتنا بواسطة العنف؟ ولماذا لا نستطيع ان نعبر عن المشكلات بلغة يفهمها الطرف الآخر؟

السابق
خطيئة الغباء
التالي
الاحتلال يفرج عن الشيخ خضر عدنان