كتاب مفتوح إلى القمة العربية

وجّه الأمين العام لاتحاد المحامين العرب المحامي عمر زين كتاباً مفتوحاً إلى القادة العرب، لمناسبة القمة المقرر عقدها يوم غد الأربعاء في العاصمة العراقية بغداد.

وقال المحامي زين في كتابه: إن اتحاد المحامين العرب يستصرخ ضمائركم العمل على مواجهة المخاطر الجسيمة التي تهدد الأمة في وجودها وبقائها، والمؤامرات الكبرى التي تهدف إلى تقسيم الكيانات السياسية العربية إلى دويلات عرقية ودينية وطائفية، إضعافاً للشعب العربي وتمزيقاً لوحدته، ويستصرخ ضمائركم العمل على عودة القرار العربي بعد ان تخلت العواصم العربية عن العمل العربي المشترك، وانصراف كل منها الى همومه الداخلية الطبيعية والمصطنعة، واعتقادها ـ خطأ ـ ان نجاتها من الحراك العربي الآن يجنبها المشروع الاستعماري الذي تتبناه الادارة الأميركية والكيان الصهيوني لتقسيم الدول العربية لدويلات واحتلال خيراتها وثرواتها وبترولها عبر القواعد العسكرية الضخمة التي انطلقت منها الطائرات الحربية التي ضربت بغداد وبيروت وليبيا ودير الزور والصومال والسودان وغزة ومن قبل بحر البقر.

إن الواقع العربي الراهن والمرير الذي يغيب عنه المشروع العربي او التنسيق والتعاون العربي، يلقي بظلاله السلبية على الجماهير العربية التي ترصد بقاء فلسطين الجريحة تحت الاحتلال الصهيوني، المستباحة حرماتها وحرمها، والمكبّل شعبها تحت الحصار الظالم، لا أمل في عودة اللاجئين إلى أراضيهم، ولا حقهم في تقرير المصير ولا إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس. والعراق المناضل الذي قاوم الاستعمار الأميركي ـ الغربي بعد احتلاله وتدميره وقتل أبنائه وتشريدهم ما زال يقاوم محاولات تقسيمه، وما زال الاقتتال الصومالي مستمراً، وتم انتزاع جنوب السودان من دولته الموحدة، وضرب ليبيا والقضاء على قدراتها، إضافة إلى الاقتتال المسلح في اليمن وما يحصل في سورية، ولم تكن التظاهرات التي اجتاحت معظم العواصم العربية المطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والمتمسكة بالقضاء على الاستبداد والفساد والتبعية السياسية والاقتصادية إلا بعد ان غابت جماهير الامة عن المشاركة في صناعة قرارها السياسي، وممارسة حقوقها وحرياتها، وقهر بعض الأنظمة لها اعتقالا وتعذيبا ومحاكم استثنائية او عسكرية، ومنعها من حقوق التعبير والمشاركة السياسية، فكان الفقر والمرض والجهل الذي يعانيه كثير من أبناء الأمة بسبب كل ذلك.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..

إن اتحاد المحامين العرب يؤكد انحيازه المطلق للشعب العربي في التمسك بحقوقه وحرياته، حقه في أن يعيش حراً أبياً، ينعم بخيراته وثرواته، وأن يقيم دولته الديمقراطية عبر انتخابات حرة، وأن يصنع دستوره وقوانينه بإرادته الحرة كما يؤكد ايضاً انحيازه لوحدة الشعب العربي ضدّ تقسيمه، مع نظامه الديمقراطي ضد الديكتاتورية مع تقدمه ضد تخلفه.

إن جماهير الأمة تميّز بين الأجندة الوطنية للتغيير السلمي الديمقراطي وبين الأجندة الأميركية الصهيونية التي تهدف الى التفتيت والتقسيم، وهو يتطلب من الجميع حكاماً ومحكومين توخي الحذر والحيطة، وسرعة الاستجابة لمطالب الجماهير والتفاعل معها بالحوار المتكامل والمتكافئ والبناء نحو غد أفضل ترضاه الجماهير وتصنعه بأيديها.

إن الحاجة ماسة من اي وقت مضى للعمل العربي المشترك والعمل من خلال الجماهير وبالجماهير نحو تحقيق مصالحها وحقها في الحرية والعدالة الاجتماعية والتقدم، وحقها في مواجهة أعداء الأمة بمشروع عربي نهضوي يحقق حرية الوطن والمواطن، يحقق استقلال القرار العربي وكرامة المواطن، يحقق التكامل العربي نحو مستقبل أفضل للجميع.

إن الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى للعمل العربي المشترك والتفاعل مع دول الجوار من خلال سياسة اقليمية تتسم بالجدية والفعالية يضعها القادة العرب تحقق المصالح المشتركة مع دول الجوار، وتضع قيدا على أي منها في التدخل في الشأن الداخلي العربي، وتضيف إلى العمل العربي عمقاً طبيعياً من العلاقات التي تزيد العرب قوة ومناعة في مواجهة العدو الصهيوني وأعداء الأمة.

إن الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى للعمل العربي المشترك الذي يتفاعل مع الدول والشعوب الآسيوية والإفريقية والإسلامية ومنظومة عدم الانحياز، بحيث يكون التفاعل مع هذه الدوائر والترابط معها تحقيقا لمصالح الأمة العربية.

إن الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى للعمل العربي المشترك والارتقاء فوق كل الخلافات وتجاوز المحن، وهو ما يتطلب حل الخلافات العربية العربية والعمل على انهائها داخل بيت العرب من خلال مبادرات وحلول عربية بعيدا عن الأجندات الأجنبية، فعودة سورية والحفاظ على وحدتها ووحدة ليبيا واليمن والعراق والصومال وغيرها من الدول العربية أصبحت واجباً قومياً وواجباً وطنياً في آن واحد، والتكامل العربي والسوق العربية المشتركة والاتحاد الجمركي ومنطقة التجارة الحرة العربية هي نقاط إرتكاز اساسية يتعين العمل من أجلها، كما ان حرية الانتقال والإقامة والعمل والتجارة ستؤدي إلى التكامل العربي واسترداد المال العربي من الخارج واستثماره في المنطقة العربية صناعياً وزراعياً وتجارياً نهوضاً بالامة نحو التكامل، فضلا على الاستثمار العربي في جميع المشروعات التي ترفع من شأن المواطن في كل ارجاء الوطن.

إن اتحاد المحامين العرب يأمل ان يكون دور الانعقاد الحالي للقمة العربية صفحة جديدة من العمل العربي الذي يتجاوز المآسي والمحن التي عانى منها الشعب العربي ليرتفع صوت العقل والمصلحة المشتركة ويدرك الجميع ان العلاج لن يأتي من الخارج ولا اللعب على المتناقضات، لكنه يعتمد على القرار العربي وعلى قدرة القادة العرب على حشد طاقات الامة لمقاومة الفساد والاستبداد، وإشاعة روح الديمقراطية وضمان مشاركة الجماهير وحقها في الاختلاف مع الحكام وحق معارضتها لهم بالطرق السلمية واقامة الدولة القانونية وسيادة حكم القانون، وذلك هو السبيل الحقيقي لكي يدرك المواطن العربي احساسه بالمسؤولية والمواطنة وعندها تتحمل الجماهير كل التضحيات للنهوض بالمجتمع العربي لكي يبقى عزيزاً قويا شامخاً.

السابق
من عتمة التيار إلى عبد الحليم أنان
التالي
اضراب الحكومة عن العمل!