دو ميستورا: قلقون حيال الأقليات في لبنان

ليس اسم ستيفان دو ميستورا غريبا على لبنان والمنطقة. فالمسؤول الاممي الذي تنقل بين بيروت وبغداد وكابول ممثلا للامين العام للامم المتحدة، من اكثر العارفين بخبايا العالم العربي وحساسياته. ودو ميستورا الذي يشغل منذ تشرين الاول الماضي منصب نائب وزير الخارجية الايطالي في حكومة ماريو مونتي، عاد الى بيروت التي احب حاملا اكثر من رسالة، تزامنا مع تسلم بلاده قيادة القوة الدولية مجددا اليوم. في مقدم هذه الرسائل التزام ايطاليا لبنان واستقراره وامنه وكونه عنصرا مهما للاستقرار والسلام في هذا الجزء من العالم في مرحلة التعقيدات. وقال في حديث خاص لنا، بعيد وصوله الى لبنان: “نحن هنا لدعم الاستقرار ليس فقط عبر “اليونيفيل” بل عبر روابط اخرى كالاقتصاد. نريد ارسال مؤشرات أننا نؤمن باستقرار لبنان ومستقبله”. ولفت الى لقاء سيجمعه (ليل امس) بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ويتخلله بحث في وضع الاقليات الدينية، في ظل “الربيع العربي”. وقال: “شكل لبنان حتى الآن مثالا لافتا على مستوى التعايش. ننظر اليه على انه مثال يحتذى”.

واذ ابدى قلقه مما يحصل في سوريا، جدد حرصه “على رؤية الجامعة العربية تتخذ مبادرات اكثر فأكثر لايجاد حل في سوريا”، موضحا ان “ما نريده هو وقف القتل وايجاد آلية في اتجاه الديموقراطية”. واعرب عن تفاؤله بالمحادثات الفلسطينية – الاسرائيلية في عمان، معتبرا ان “الانسحاب الاسرائيلي من الغجر يمكن ان يشكل مؤشرا لبناء الثقة”، وان “الربيع العربي” يحدث زخما في مقاربة مسائل السلام.
في ما يأتي الحوار:

■ أعلنت الخارجية الايطالية قبل يومين تعيين ممثل خاص لشؤون البحر المتوسط. ما هي خلفيات الخطوة؟
– “الاسباب بسيطة، فقد قررنا تعيين السفير ماساري في هذا المنصب وهو شخص كفي جدا. وقد قال وزير الخارجية جيليو تيرزي باسم رئيس الحكومة ان احدى الاولويات المهمة في السياسة الخارجية الايطالية راهنا هي حوض المتوسط. والمتوسط، بحر يمكن ان يكون هادئا جدا، لكنه بات متحركا جدا في الاشهر الاخيرة، حين بدأ الربيع العربي. لذا يحتاج الى اهتمام وتركيز خاص. ايطاليا تقع في هذه المنطقة مثل لبنان. لذا، لا يمكن انكار اولوياتنا المشتركة. ■ نلاحظ حضورا متزايدا لايطاليا في هذا الجزء من العالم، وضمنه لبنان، مقابل تراجع ادوار غربية وتحديدا اوروبية؟
– “ لا اعتقد ان دورنا يختلف عنه في الماضي، الا انه يمكن القول انه بات اكثر تركيزا وازداد اهتمامنا، اولا انطلاقا مما يشهده الربيع العربي، وثانيا لان كل ما يحصل في دول حوض المتوسط من المنطقة العربية له تأثير علينا. لقد ازداد المهاجرون لدينا ويمكن ان يزداد اللاجئون السياسيون، وقد يكون لذلك انعكاسات اقتصادية. ونحن الايطاليين مهتمون بقوة باستقرار المنطقة، لاننا شركاء.
■ بالامس، اصدرت الخارجية الايطالية بيانا دانت فيه مقتل الكاهن نصار في سوريا. هل تخشون على مستقبل المسيحيين والاقليات في ظل “الربيع العربي”؟
– سأجتمع الليلة بالطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وسنناقش على عشاء هذه المسألة. نحن قلقون حيال كل الاقليات الدينية في هذا الجزء من العالم. وقد شكل لبنان حتى الآن مثالا لافتا على مستوى التعايش، وننظر اليه على انه مثال يحتذى”.
■ هل يعني ذلك انك واثق من انه لن تكون تداعيات للاحداث في سوريا على استقرار لبنان؟
– نحن مذهولون حيال تمكن الحكومة والسياسيين اللبنانيين جميعا من المضي قدما خلال الاشهر الاحد عشر الاخيرة. ثمة مسائل تتعلق ببلدين متجاورين كسوريا ولبنان لم يكن لها تداعيات قاسية. نحن نركز على دعم استقرار لبنان كي لا تكون التداعيات قاسية عليه.
■ ناقش وزير الخارجية الايطالي التطورات الاخيرة في سوريا مع نظيره التركي. كيف تنظر روما الى تطور الاوضاع هناك مع تحويل المبادرة العربية الى مجلس الامن؟
– اولا، نحترم بشدة ما يسعى الى فعله وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو. هم ناشطون جدا في الاتجاه الصحيح، ولهم حدود مشتركة طويلة. ثانيا، نحن قلقون مما يحصل في سوريا. فتمنياتنا هي تمنيات كل فرد ان يتوقف قتل الناس وتحديدا قتل المدنيين. ثالثا، نحن حرصاء جدا على رؤية الجامعة العربية، كما تفعل، تتخذ مبادرات اكثر فأكثر لايجاد حل في سوريا، ومن اجلها. وهذا يجب ان يتضمن تقدما على مستوى حقوق الانسان والديموقراطية.
■ ولكن حتى الآن الانقسام ما زال واضحاً مع تمسك روسيا بخطوط حمر ضمنها عدم تنحي الرئيس السوري بشار الاسد، وتفويض صلاحياته؟
– ما يمكن ان اقوله هو اننا لا نتحدث عن تغيير نظام او تنحّ او اخراج. ما نقوله هو وقف القتل وايجاد آلية في اتجاه الديموقراطية.
■ هل تقصد عملية على الشاكلة اليمنية؟
– لا اريد التعليق على ذلك، يجدر بالجامعة العربية واعضائها مناقشة الموضوع في ما بينهم.
■ رد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد على تشديد العقوبات الاوروبية على بلاده بالقول ان اوروبا ستدفع الثمن؟
– انا هنا للحديث عن لبنان.
■ رغم العوائق التي واجهتها المحادثات الفلسطينية – الاسرائيلية في عمان، ابدت مسؤولة الشؤون الخارجية والامنية في الاتحاد الاوروبي كاترين آشتون تفاؤلها بمسارها، وكذلك فعلت الخارجية الايطالية.
– أيقظ “الربيع العربي” كل شيء، بما فيها آمالنا في مستقبل جيد للعالم العربي. الكل يعلم ان النزاع العربي – الاسرائيلي يحتاج الى حل. لذا نتطلع بتفاؤل رغم الصعوبات الى المحادثات في عمان برعاية اردنية.
■ عين الاتحاد الاوروبي منسقا خاصا للسلام، من مهمته احياء المسارات السورية واللبنانية والاسرائيلية.
– نشعر بأن “الربيع العربي” يحدث زخما في مقاربة هذه المسائل.
■ هل يمكن ان يتجلى ذلك بانسحاب اسرائيلي قريب من الغجر، علما ان قائد القوة الدولية الجنرال الايطالي السابق كلاوديو غراتسيانو عمل على الملف؟
– عملت ايضا على الملف، وهو ملف صغير لكنه يحمل مؤشرا مهما. يمكن ان تشكل الخطوة مؤشرا لبناء الثقة.
■ هل انت واثق من تمكن القيادة الايطالية للقوة الدولية من التوصل الى تطبيق كامل للـ1701، وصولا الى وقف دائم لاطلاق النار؟
– انا اكثر حذرا على هذا المستوى، اذ اظهرت التجربة ان كل قيادة جديدة للقوة الدولية تمكنت من تحقيق بعض المساهمة لتفادي الازمة. لنعط الجنرال باولو سيرا فرصة لاظهار قدرته القيادية، ونحن واثقون منها. 

السابق
سفير يستدعي الدولة !!
التالي
شباط وآذار: لبنان في مواجهة إستحقاقات صعبة