الفرزلي: حزب الله ارتضى الخسارة بالنقاط وليس بالجولات

 رأى نائب رئيس المجلس النيابي الأسبق ايلي الفرزلي أنه لم يتسرب الى ذهنه يوما أن الرئيس ميقاتي قد يمتنع عن تمويل المحكمة الدولية، وذلك لأسباب عديدة أهمها: 1 – التزامه في دار الفتوى بالمحكمة الدولية وبما سماه البيان الختامي للقاء السني الموسع، 2 – التزامه بالتمويل على المستوى الدولي، 3 – موقعه ومسؤولياته على المستوى الاقليمي والدولي لم يكونا ليسمحا له نتيجة المواقف الدولية سوى بالوقوف الى جانب تمويل المحكمة ومتابعة شؤونها، هذا من جهة معتبرا من جهة ثانية أن الرئيس ميقاتي اضطلع بوظيفة سياسية عنوانها الرئيسي تأليف حكومة بالاتفاق مع «حزب الله» للحفاظ على استقرار لبنان، تمهيدا لفصل ساحته أمنيا، عن الساحة السورية، وعدم إدخالها في صراعات المنطقة، وهو ما ترجمته الحكومة من خلال نأي لبنان بنفسه سواء في مجلس الأمن أو في مقررات الجامعة العربية.

ولفت الفرزلي في تصريح لـ «الأنباء» الى أن الرئيس ميقاتي وانطلاقا من مسؤولياته بتنفيذ مضمون الوظيفة السياسية المشار اليها أعلاه، كان لابد له من طرح استقالته في حال تمنعت حكومته عن تمويل المحكمة الدولية، ويكون بالتالي قد أسقط الحكومة وقدم خدمة ذهبية للاطراف السياسية المنافسة لها محليا، وشكل عامل ضغط محليا ودوليا جديدا على المقاومة، مشيرا الى أن حزب الله تلقف ما قد ينتج عن الاستقالة من انعكاسات سلبية عليه وعلى الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، وهو ما سيجعله يدفع مع حلفائه الثمن غاليا قبيل الانتخابات النيابية المقبلة.

بمعنى آخر يعتبر الفرزلي انه وبغض النظر عما اذا كان «حزب الله» على علم مسبق بالمخرج الذي اعتمده الرئيس ميقاتي لتمويل المحكمة أم لا، فإن تهديد هذا الاخير بالاستقالة شكل عاملا ضاغطا على الحزب وضعه في موقع يحتم عليه القبول بالاخراج الذي أفضى الى إقرار التمويل، معتبرا من جهة ثانية أن موضوع العقوبات الاقتصادية على لبنان كان جديا وهو ما كان سيؤدي في حال إقرارها دوليا الى تدمير المجتمع اللبناني على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وما كان سيؤدي حكما الى تحميل الاعلام المحلي والعربي والغربي «حزب الله» والمقاومة وحلفاءهما مسؤولية التدهور الذي آلت اليه البلاد، لذلك وجد «حزب الله» نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما: إما تحميله وتحميل لبنان نتائج استقالة الرئيس ميقاتي وما سيرافقها من تداعيات سلبية على تحالفاته، وإما بقاء الرئيس ميقاتي في موقعه على رأس الحكومة من خلال القبول بالتمويل، مستدركا ان «حزب الله» وتبعا لقبوله بالتمويل سدد ضربة قوية لقوى «14 آذار» على المستوى اللبناني الداخلي، إنما تلقى في المقابل لويا معنويا لكل من ذراعه وذراع المقاومة وذراع حلفائهما، مستخلصا ان «حزب الله» ارتضى بين هذين الخيارين أعلاه الخسارة بالنقاط وليس بالجولات، مقابل عدم إعطاء قوى «14 آذار» متعة توجيه ضربة قاسية له عبر استقالة الرئيس ميقاتي.

وردا على سؤال، أكد الفرزلي أن قوى «14 آذار» لم تكن بالأساس تريد تمويل المحكمة الدولية من قبل الحكومة الميقاتية، وذلك لكونها مطمئنة الى تمويلها من مصدر دولي آخر عملا بمضمون الاتفاقية المبرمة بين لبنان والأمم المتحدة، وبالتالي فهي مطمئنة لمسار المحكمة واستمراريتها، مشيرا بالتالي الى أن هذا الاطمئنان لدى القوى المذكورة إن أكد شيئا، فهو يؤكد انها كانت تحلم باستمرار الخلاف بين الفرقاء في الحكومة للوصول الى استقالة الرئيس ميقاتي وسقوط الحكومة، على أن تسارع بعدها الى استثمار الموضوع دوليا وعربيا لاستقطاب المزيد من الضغوطات على المقاومة و«حزب الله» وعلى تحالفاتهما المحلية والاقليمية، لاسيما أن الاستقالة كانت ستؤدي إما الى فرض عقوبات اقتصادية على لبنان، وإما الى تدهور سياسي واقتصادي حاد يكون كل من هذين الخيارين مركز الثقل في الاستثمار المشار اليه أعلاه.

وفي سياق متصل ختم الفرزلي لافتا الى أن الأزمة الحكومية لم تنته مع انتهاء الصراع بين أعضائها حول تمويل المحكمة الدولية، وذلك لاعتباره أن الحكومة ذاهبة حتما الى صراعات أمعاء داخلها قبل حلول شهر مارس 2012 حيث سيُطرح على طاولة مجلس الوزراء ملف تمديد العمل في بروتوكول المحكمة الدولية، معتبرا بالتالي أن الرئيس ميقاتي سيضطلع بدور متقدم في هذا الإطار، خصوصا في ظل ايجابية خطوة أمين عام «حزب الله» تجاه أزمة تمويل المحكمة، بمعنى آخر يؤكد الفرزلي أن صراعا جديدا وحادا سينشب بين الرئيس ميقاتي وفريق الاكثرية عنوانه «التمديد لبروتوكول المحكمة الدولية»، لأن جزءا أساسيا من وظيفة الرئيس ميقاتي السياسية هو منع إسقاط منطق الحريرية السياسية داخل الحكومة. 

السابق
اكتشاف “توأم” للأرض
التالي
معلومات لـ «الأنباء»: ميقاتي لا يرى أن ملف شهود الزور موجود أصلاً!