«أسهم الحريري» ترتفع مجدداً

 تنقل أوساط مقربة من الرئيس سعد الحريري، ارتياحه لوضعه السياسي والشعبي في لبنان من جهة، وللحالة التنظيمية لتيار "المستقبل" من جهة أخرى. ففي إطار تفعيل عمل التيّار وانتشاره، يتابع الحريري من "منفاه" عمل الخلوات التنظيمية المتواصل والدؤوب، للتوصل إلى مشروع تنظيمي عصري يتلاءم مع التطورات والتغييرات التي طاولت المنطقة العربية.

بعيدا من الحشود الشعبية التي شهدها مهرجان "خريف السلاح ربيع الاستقلال" لتيار المستقبل في طرابلس، تؤكد الأوساط أنّ عودة الحياة إلى نبض "شارع ثورة الأرز" بدأت منذ تعثر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، واندلاع الثورات في العالم العربي وسعيها إلى تحقيق الحرية والتغيير. وستشهد المرحلة المقبلة، في رأي الأوساط ما يشبه "الربيع اللبناني المصغّر" الذي سيحمل في أولى أهدافه تعزيز حضور الدولة ومؤسساتها، وتحرير قرارها السياسي الداخلي والخارجي، وتعزيز حضور السلاح الشرعي.

قطار العدالة

ففي إطار مسار عمل المحكمة الدولية، تؤكد الأوساط أنّ الرئيس سعد الحريري يعتبر أنّ هذه المحكمة باتت أمرا واقعا لها شرعيّتها الدولية، فبعدما كان الخلاف محليا على فكرة قيام هذه المحكمة أو عدم قيامها، أصبح اليوم محصورا في موضوع تمويلها، في الوقت الذي انطلقت فيه صفارة قطار تحقيق العدالة، على رغم الأصوات المعترضة في السابق، والتي ذهبت إلى حدّ التأكيد أنه لن يكون هناك محكمة، وستكون بالتالي هذه المحكمة موضع تسوية أو صفقة دولية مع سوريا أو مع إيران، وغيرها من فرضيات وتحليلات.

ارتياح الحريري نابع أيضا ممّا تضمّنته تقارير فريقه السياسي ومستشاريه عن وضعه الشعبي المتقدم في لبنان والذي أثبتته نتائج المسح الاستطلاعي الذي أجرته أخيرا شركة إحصاء معروفة بمصداقيتها ودقتها بطلب من قيادة تيار "المستقبل" في لبنان. وعلى رغم النتائج الإيجابية التي حملتها هذه الاستطلاعات، فإن المسؤولين في التيار أبقوها طيّ الكتمان لأنها أجريت في الأساس لغايات تنظيمية داخلية لا للنشر، وللانطلاق بموجبها في رسم خارطة الطريق والتحركات المستقبلية.

وهذه "الاستطلاعات" التي شملت مواطنين من مختلف المناطق والطوائف والمذاهب اللبنانية، أكدت أنّ الشريحة الكبرى من المجتمع اللبناني، بكل أطيافه تؤيد عودة الرئيس سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة اللبنانية، وتعتبره ضمانا للواقعين السياسي والاقتصادي للبنان، لما يتمتع به من شبكة علاقات واسعة في الأوساط العربية والدولية، فضلا عن حضوره الشعبي والوطني. وأظهرت الاستطلاعات أنّ "تعثرات الحكومة الميقاتية" وإخفاقاتها، فضلا عن تطورات الأحداث في عدد من الدول العربية وخصوصا في سوريا، رفعت أسهم الحريري الذي وقف موقف الداعم والمؤيد لمسيرة "الربيع العربي". والمفاجأة الكبرى التي حملتها "استطلاعات الرأي" كانت في الكشف عن ارتفاع نسبة المؤيدين للرئيس الحريري من الوسط الشيعي، على عكس الأعوام السابقة.

حوارات و«تويتر»

وتعبر الأوساط، أنّ تغريدات الحريري عبر موقع الاتصال الاجتماعي "تويتر"، وحواراته المستمرة والصريحة مع مجموعة كبيرة من المواطنين من مختلف المناطق والمذاهب والشرائح السياسية والحزبية، ساهمت في تبديد التساؤلات، وتصحيح بعض المفاهيم ووجهات النظر لدى جيل واسع من الشباب اللبناني الذي شعر بقربه من الحريري، وبأنه يمثّل تطلعاتهم الشبابية في التغيير.

وهذه "التغريدات" التي شابتها في بعض الأحيان انتقادات جارحة من البعض للحريري، ووصل بعضها إلى ما يُشبه "الشتائم" التي تقبّلها الحريري بكل رحابة صدر، ساهمت من نواحي أخرى في زيادة شعبيته، على رغم انتقاد البعض واستغرابه لهذا الأسلوب الحواري الذي لجأ إليه، ربما لأنه كان من الأمور الجديدة وغير المألوفة على الصعيد السياسي في لبنان.

الانتخابات و«المستقبل»

وتشير الأوساط إلى أنّ المرحلة المقبلة وخصوصا بعد الانتهاء من "معضلة" تمويل المحكمة، ستكون مرحلة التحضير الفعلي للانتخابات النيابية المقبلة، والعمل على تنشيط تيار "المستقبل" في المناطق وتنظيم لجانه ومنسقيّاته.

وفي هذا الإطار، يؤكد الأمين العام للتيار أحمد الحريري في مجالسه أنه "يسعى إلى بناء "تيار المستقبل" على أسس صلبة وقوية ومتماسكة، وإلى "إقفال الدكاكين" والتفتيش عن النوعية لا الكمية، للانطلاق بصيغة جديدة وفق خطاب وطني لبناني جامع. وهو على تواصل يومي مع القيادات الوسطى في التيار في مختلف المناطق، ويتابع بنفسه كل صغيرة وكبيرة في مسار العمل التنظيمي، وقد كان في صدد الانتهاء من تقويم مفاعيل المؤتمر التأسيسي الأخير للتيار، والإفادة من الثغر والأخطاء والتجارب الماضية، ولكن الأزمة المالية التي مر بها تيار "المستقبل" أخّرت هذا الوضع، فضلا عن تفرغ قيادة التيار على الصعيد السياسي لما يجري في سوريا.

وترى الأوساط، أن القيّمين على التيار استفادوا من الأزمة المالية، لأنها كشفت فعلا من هم الأوفياء فعلا لخط التيار والمؤمنين بمبادئه ومن هم "النفعيّون" وأصحاب المصالح. وتابعت: "إن تيار المستقبل أثبت مدى تماسكه وحضوره على الساحة السياسية على رغم الصعوبات المالية التي مر بها والتي أثرت إلى حد كبير على وضعية التنظيم الشعبية، وما مهرجان طرابلس إلا صورة من الصور التي تثبت أن الحريري ما زال في موقعه، الأوّل، سواء على صعيد الطائفة السنيّة أو على صعيد الزعامات اللبنانية والوطنية".
 

السابق
سوريا والعرب: اللاعودة في تشابك صراعين؟
التالي
اسرائيل ترد على الكاتيوشا وتحمل الحكومة والجيش المسؤولية وتبرىء حزب الله