المعلومات وأمن حزب الله قبضوا على عملاء سي اي ايه

أحدثت معلومات واشنطن، وسواء عبر مسؤولين فيها ام عبر وسائل الاعلام، حول تعرض وكالة الاستخبارات المركزية الــ «سي اي ايه» لنكسة، اثر تمكن فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي، وكذلك الجهاز الامني لدى «حزب الله» من القبض على مخبرين يعملون لحسابها في لبنان في الصيف الفائت، مفاجأة كبيرة لدى فريقي النزاع في البلاد.
واذ يعتبر فريق 14 آذار نفسه صديقا، او حليفا، للولايات المتحدة، فيما «فرع المعلومات» الذي يرأسه العقيد وسام الحسن يعتبر «محسوبا» عليه، فإن المفاجأة الكبرى كانت لدى فريق 8 آذار الذي طالما هاجم الفرع المذكور بحجة انه تابع للفريق الآخر، رغم خوضه مواجهة «تقنية» وميدانية شرسة مع جهاز الاستخبارات الاسرائيلية (الموساد)، وتمكنه من تفكيك عدد كبير من الخلايات التابعة له ع‍لى الاراضي اللبنانية كافة، وقد شمل ذلك ضابطا في الجيش والامن العام، اضافة الى رجال دين وموظفي مصارف ورؤساء بلديات.
وكما هو معروف بأنه سبق للامين العام لــ «حزب الله» حسن نصر الله، واشار في احد خطبه في شهر يونيو الماضي الى الكشف عن عملاء للاستخبارات المركزية في صفوفه، وهو الامر الذي احدث هزة عميقة آنذاك، كون المتعاملين يشغلون مواقع عسكرية وامنية حساسة في الحزب الذي اضطر الى اعادة النظر في عدد من خطط عمله، وحتى من شبكات الانفاق والمواقع.
وقد نفت السفارة الاميركية في بيروت ما ورد على لسان نصر الله، فيما كان جمهور الحزب يتداول، مع شعور بالصدمة العميقة، معلومات حول هوية المعنيين والمهمات التي كانت ملقاة عليهم.
وعلى الرغم من ان الاضواء تركزت امس على وقائع الاحتفال بعيد الاستقلال (العرض العسكري واستقبالات التهنئة)، فقد استقطبت المعلومات الاميركية اهتمام عدد من المسؤولين والسياسيين، وان كان هناك من سأل عن وضع «مخبري» اجهزة الاستخبارات الاخرى الذين يعتقد انهم موجودون ايضا وبكثافة، والى حد وصف بعض الجهات الساحة اللبنانية بانها «فردوس للاستخبارات»، التي يمكن لها ان تحول لبنان الى جحيم في اي لحظة!

لا أميركيين
ووفق معلومات قناة اي بي سي التلفزيونية الاميركية، فانه لا يوجد بين المعتقلين اي مواطن اميركي، حيث ان جميعهم مواطنون لبنانيون وايرانيون. وافادت بأن ما ساهم باعتقالهم هو استهتار موظفي السي اي ايه الذين كانوا يجتمعون مع كل مخبريهم في المكان نفسه.
وعندما اندس عميلان تابعان لحزب الله بين المتعاونين مع المخابرات الاميركية، ثم كشف مكان اللقاء، وتاليا اعتقال المخبرين. وقال مصدر في المخابرات السرية الاميركية للقناة التلفزيونية المذكورة: «كنا كسولين للغاية، والآن يقف جهاز الاستخبارات الاميركي كالاعمى ضد حزب الله».

لن نراهم مجدداً
وليس معروفا حتى الآن مصير المخبرين والعملاء المذكورين، الا ان المتخصصين بالشأن الامني يتوقعون بان يكون الموت بانتظارهم. وقال روبرت باير ضابط السي آي ايه السابق الذي عمل في الثمانينات في بيروت، بانه «في حال كان هؤلاء جواسيس بالفعل، ويعملون ضد حزب الله، فإنني اعتقد باننا لن نراهم مجددا. هؤلاء الرجال لا يغفرون ابدا».
ووفق رأيه فإن حزب الله كان يسمح بإعدام الأشخاص المتهمين بالتجسس، وحذّر في هذا السياق بأن حزب الله يملك إجراءات قوية جدا مكافحة للتجسس، ولا يجب على الغرب أن يقلل من أهميتها أبدا. وقال إن «إجراءات حزب الله المكافحة للتجسس هي الأفضل في العالم، وهو حتى أفضل مما كانت عليه الكي جي بي».

حرب طاحنة في الخفاء
جدير بالذكر أن الحرب الموجّهة ضد التجسس في لبنان، والتي تساهم فيها، الى جانب حزب الله، القوى الأمنية، تدور منذ بضعة أعوام وراء الكواليس، وأدت حتى الآن إلى تفكيك عشرات الشبكات المهمة العاملة لمصلحة اسرائيل.
وبالإضافة للنشاط الأمني الأميركي تبين في أوقات سابقة بأن أجهزة أمنية تابعة لدول أوروبية مختلفة هي متورطة بشكل أو بآخر في هذه الحرب، إن كان بشكل مباشر من خلال عملائها المنتشرين تحت أغطية مهنية مختلفة، أو بشكل غير مباشر من خلال تأمين الدعم اللوجستي بكل أنواعه.
وفي هذا السياق كُشف النقاب عن قيام دول مثل تشيكيا والمجر وغيرهما بتأمين تأشيرات دخول لبعض العملاء اللبنانيين الذين كانوا يستخدمون أراضيها، إما لتلقي التدريب على يد شبكات تابعة للموساد الإسرائيلي، او كمعبر للانطلاق منه إلى اسرائيل نفسها، حيث كان يتم تدريبهم.

تدريبات في تشيكيا
وقد كشفت هذه المعلومات بعض التحقيقات التي أجرها فرع المعلومات مع بعض الموقوفين، اعترفوا خلالها بسفرهم إلى تشيكيا والمجر غيرها، وخضوعهم للتدريب الأمني في معسكرات مخفية داخل قرى محددة. وبالرغم من أن الحصول على تأشيرات الدخول إلى تلك الدول يعتبر من الأمور الصعبة، الا ان هؤلاء كانوا يحصلون عليها بشكل سهل. وبرغم إصرار السلطات الرسمية في الدول المعنية على رفض التعليق على هذا الأمر بشكل واضح، والسعي إلى إبقائه طي الكتمان، إلا ان بعض وسائل الاعلام المحلية تصر بدورها على فتح الموضوع مثلما فعلت الإذاعة التشيكية اخيرا، والتي أشار مراسلها في الشرق الأوسط برجيتيسلاف توريتشيك، معتمدا حتى على مصادر اسرائيلية خاصة، إلى أن «بعض العملاء اللبنانيين العاملين لمصلحة الاستخبارات الاسرائيلية قد تدربوا بالفعل فوق الاراضي التشيكية».
 

السابق
دوريات اسرائيلية مكثفة ما بين الوزاني ومزارع شبعا
التالي
هذا ما يُخطّط لسوريا