الراي: شتائم وتهديدات في الشارع وتحت قبة البرلمان والسبب… سورية

صراخ وضرب على الطاولات، تهديدات بالشارع واتهامات وشتائم. هكذا انفجرت «القلوب المليانة» في واحدة من اكثر الجلسات البرلمانية (لجنة حقوق الانسان) صخباً، حيث بلغت «الضوضاء» الردهة الخارجية لمجلس النواب. لم تكن المواجهة مفاجئة لارتباط الملف الذي اشعل المعركة الكلامية بالاحداث في سورية وتداعياتها لبنانياً، وتحديداً اتهام السفارة السورية في بيروت بالضلوع في خطف اربعة معارضين سوريين من آل جاسم واحد ابرز مؤسسي حزب البعث النائب السابق للرئيس السوري شبلي العيسمي.

هذا «التوتر النيابي» بين طرفي الصراع 8 «و 14 آذار» تزامن مع توترات متنقلة على الارض ذات صلة بـ «هيبة» الدولة، من ترشيش (المتن) التي «انتفضت» لمنع «حزب الله»، من مد شبكة اتصالات خاصة به، الى لاسا (جبيل) التي ادّى قمع احد مخالفات البناء على ارض متنازع عليها مع الكنيسة المارونية الى قطع طرق في الضاحية الجنوبية لبيروت ليل اول من امس.
وجاء هذا «الهدير» السياسي والامني في ما كانت بيروت تستعد لـ «الانتقال» اليوم وغداً الى الرياض للمشاركة في تشييع ولي العهد السعودي الامير سلطان بن عبد العزيز وتقديم التعازي بوفاته، وهو ما سيفضي الى «استراحة محارب» بين اطراف الصراع… فجلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة اليوم ارجئت، مما ابعد كأس المواجهة السياسية بين مكونات الحكومة التي غالباً ما تتحول اجتماعاتها منازلات، لا سيما بين وزراء رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط ووزراء زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون.

ويغادر اليوم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بيروت، التي اعلنت الحداد ليوم واحد على وفاة الامير سلطان، متوجهاً الى الرياض للمشاركة في مراسم تشييع ولي العهد، على ان يقوم رئيس الجمهورية ميشال سليمان وعلى رأس وفد لبناني «جامع» بتقديم التعازي غداً الى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، في وقت اعلن ان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري سيشارك في مراسم التشييع وتقديم التعازي على رأس وفد كبير (اليوم). وتوقعت الدوائر السياسية المراقبة في بيروت ان يشكل السفر اللبناني على خط الرياض فرصة لتهدئة الاجواء السياسية بعد التوترات المتزايدة داخل الحكومة وخارجها، بسبب «حساسية» الملفات المطروحة وتحديداً تمويل المحكمة الدولية الذي شكل القطبة المخفية «غير الخفية» التي ادت الى ارجاء مناقشة مشروع موازنة الـ 2012 وسط اصرار رئيس الحكومة ومع وزراء جنبلاط على التمويل تفادياً لمواجهة مع المجتمع الدولي، مقابل ضغط مناهضي التمويل اي «حزب الله» وتيار العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري لاسقاط التمويل بـ «ضربة» التصويت في مجلس الوزراء.
 
وكان لافتاً ان اوساط رئاسة مجلس الوزراء سارعت الى نفي ما كانت بثته احدى وسائل الاعلام المرئية عن موافقة رئيس مجلس الوزراء على تعديل البروتوكول المعقود بين لبنان والمحكمة الخاصة بلبنان (يستحق تجديده في مارس المقبل).
ونقل عن مصادر معنية إن اي كلام عن تعديل البروتوكول يبدو اقرب الى موقف سياسي منه الى موقف جدي لأن امكانات التعديل متعذرة تماماً ولا يمكن لبنان طلبه لان نظام المحكمة وضع في ضوء القرار الدولي 1757 المتخذ تحت احكام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة. كما برز ما نقله الوزير السابق الياس المر عن ميقاتي من تأكيد ان «موضوع التمويل قرار يسير به، وسيطرحه في الوقت المناسب امام مجلس الوزراء، وبالنسبة له شخصياً فهو ملتزم بالقرارات الدولية وبالتمويل». واضاف المر: «انا شخصياً انصح ان يمر هذا الموضوع في مجلس الوزراء بسلام، لان النتائج السياسية والاقتصادية على لبنان دولياً قد تكون حساسة ودقيقة. لا أريد ان ازرع الرعب وتصوير الامر وكأنه كارثة، لكن نتائج عدم التمويل ستكون صعبة كثيراً على البلد اقتصادياً وسياسياً وكذلك بالنسبة لعلاقات لبنان مع المجتمع الدولي».

وعلى وقع اختبار تمويل المحكمة الذي تطرق اليه الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في اطلالته التلفزيونية مساء امس، الى جانب المواضيع الاقليمية الساخنة والذي بات يضع مصير الحكومة على المحك، جاء اجتماع لجنة حقوق الانسان النيابية ليخرج «جمر» العلاقة المتوترة بين فريقي «8 و 14 آذار» الى فوق «الرماد» على خلفية ملف خطف المعارضين السوريين في لبنان. وتحول اجتماع اللجنة الذي شكل استكمالاً للاجتماع الذي كان عقد قبل نحو اسبوعين تخلله تقديم ملف موثّق عن مسؤولية السفارة السورية في بيروت عن خطف الاخوة الجاسم والعيسمي الى مواجهة صاخبة في حضور المدعي العام التمييز القاضي سعيد ميرزا ووزير الداخلية والعدل مروان شربل وشكيب قرطباوي اضافة الى نحو 45 نائباً، علماً ان اعضاء لجنة حقوق الانسان لا يتجاوز عددهم 12، ما عكس اهمية جلسة الامن وحساسيتها السياسية.

وفي المعلومات أنّ الجلسة التي بُحث خلالها في مواضيع سياسية وأخرى قضائيّة على خلفيّة خطف المعارضين السوريين على الاراضي اللبنانية، تحوّلت صاخبة جداً، وسادها هرج ومرج، وكاد نوع من العراك يحصل بين النائبين خالد الضاهر وأحمد فتفت من جهة (من كتلة الرئيس سعد الحريري) والنائب علي عمّار من جهة ثانية (من «حزب الله») قبل ان يتدخل عدد من النواب لتهدئة الامور وخفض الاصوات العالية التي «لعلعت» في البرلمان. وبعد انتهاء الاجتماع لفت فتفت، الى ان «ما حصل لم يكن سجالاً بل إنّها تهديدات ومنها ما قاله له علي عمّار» سنتلاقى بالشارع».
واعتبر النائب اكرم شهيب (من كتلة جنبلاط) أن «هناك تمييعاً للتحقيق في مسألة المعارضين السوريين المفقودين في لبنان»، لافتاً الى أن «على القضاء أن يقول كلمته. وهذا الملف انساني لا علاقة له بالسياسة». بدوره قال النائب مروان حمادة (من14 آذار) غاضباً «لم نتوصل الى اي شيء ولن يتم اتخاذ اجراءات، ومن الجيد اننا كنا واعين عام 5002 لاقرار المحكمة الدولية كي يتم معاقبة المجرمين»، اما نائب «حزب الله» نوار الساحلي فقال: «في الجلسة الماضية قال المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي أنه يتحدث بصفته الشخصية واليوم قدم القاضي ميرزا وثائق لم تعجب البعض»، مشدداً على ان «موضوع شهود الزور لم يقفل لكن الحكومة الماضية رفضت النقاش فيه، ولكن الوزير (العدل شكيب) قرطباوي يعد الملف».
واوضح رئيس لجنة حقوق الانسان النائب ميشال موسى ان «الجلسة اوصت بمتابعة كل قضايا الخطف عن طريق القضاء الذي لديه كل المعطيات»، مشدداً على ان «القضاء عليه مسؤولية متابعة كل دعوى تقدم».
وفي موازاة ذلك، يعقد اليوم اجتماع امني ـ سياسي في وزارة الداخلية للبحث بملفّ الاعتداءات على الأملاك الخاصة التابعة لمطرانية جونية المارونية في لاسا، غداة منع القوى الامنية من قمع بناء مخالف في لاسا لشخص من آل المقداد وتوقيفه، فترجمت عائلته ردّة الفعل قطعا لبعض الطرق الرئيسة في الضاحية الجنوبية بإشعال الإطارات عند تقاطعات الغبيري والمشرّفية ومار مخايل، وأوتوستراد هادي نصر الله، وتدخّلت القوى الأمنية وفتحت الطرق في المنطقة بعدما تبلّغت المراجع الأمنية القيادية الإفراج عن الشخص الموقوف ورفع اليد نهائيّاً عن المخالفين في لاسا والمشرّفية معاً.  

السابق
إعدام العقيد
التالي
فنعترف: ربيعياً..14 آذار على حق