فنيش: لا مانع من إشراك القطاع الخاص في أي شيء نستطيع مراقبته جيداً كدولة

بلغة عصرية ومفاهيم مستقاة بمجملها من أدبيات علم الإدارة الحديث تناول وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش مختلف موضوعات وإشكاليات إصلاح الإدارة العامة في لبنان. كما تطرق إلى مواضيع شتى قد لا تتصل بمهام وزارته المباشرة، لكنها من دون أدنى شك تتصل اتصالاً وثيقاً برؤيته الذاتية، المتولدة من تجربته الشخصية، لآليات تطوير إدارات الدولة، لا سيما منها في مجالات التعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP والشواغر الوظيفية والخصخصة والتخطيط ووجود الهيئات الناظمة في الوزارات، وذلك في لقاء خاص مع أسرة «السفير».
ففي موضوع الـUNDP قال فنيش «أنا لست ضد الفكرة أن تكون هناك إمكانية الاستفادة من كفاءات خارقة غير متاحة في نظام الإدارة العامة لا لجهة المباريات التي تتم، ولا لجهة طريقة التعيين، ولا حتى لجهة سلسلة الرتب والرواتب. ففي النهاية اذا أردت كفاءة بنوعية عالية عليك توفير مستلزمات ذلك كالراتب مثلاً. في نطاق ما هو متاح اليوم عبر الإدارة العامة وسلسلة الرتب والرواتب هذا الأمر مستحيل. من هنا تبرز الحاجة لمثل هذه البرامج. فالعلاقة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منشأها انه من طريق الـUNDP يستطيع البلد الحصول على نوع من المساعدات. فإذا كنا نتابع مع UNDP مشروعا إصلاحيا أو أي برنامج معين في الوزارة، تكون هي معنية بمتابعة هذا المشروع، عندها تقوم UNDP بتأمين مانحين قادرين على توفير هبة أو قرض إلى ما هنالك».
وعن الشواغر في الإدارة العامة شدّد فنيش على انه «عند الحديث عن الشواغر نكون نتحدث عن الشواغر في رحاب الملاكات المقرة وليس بالضرورة عن الحاجات الفعلية للإدارة العامة. فإذا كانت الشواغر الملحوظة في الملاكات على مستوى الفئة الرابعة مثلاً عشرة آلاف، وعلى مستوى الفئة الخامسة 3 آلاف، وعلى مستوى الفئة الثانية الثالثة نسبة معينة، إنما ليس بالضرورة ان تكون هذه الأرقام معبرة عن الحاجات في كل إدارة من هذه الإدارات. وهذا له علاقة بإعادة النظر بالتشريعات التي حددت هيكليات الإدارات في الأربعينيات والستينيات، حيث لم يكن الكومبيوتر وغيره من التقنيات قد دخلت بعد إلى الإدارة. وقتها كنا بحاجة للعناصر البشرية بصورة واسعة، ولكن هل لا نزال اليوم في حاجة إلى العنصر البشري بالعدد ذاته؟ لا أعتقد ذلك قطعاً».
وعما إذا كان يؤيد نقل بعض المهام التي تقوم بها مؤسسات الدولة إلى القطاع الخاص عبر الخصخصة، قال فنيش «أنا مع أن يكون أي شيء يستطيع القيام به القطاع الخاص ونستطيع مراقبته كدولة بصورة جيدة بما يضمن مصالح الناس في الشفافية والسعر المناسب والجودة والمنافسة في يد القطاع الخاص»، متسائلاً «ما الداعي عندها كي تقوم به الإدارة العامة؟».
وإذ أيّد فنيش وجود هيئات ناظـمة في الوزارات ضمن شروط محددة، أكد أنه «بناء على تجربتي، نظرية أن الدولة تـاجر أو صناعي أو منتج نظرية فاشلة. الدولة تراقب وتنظم وتضع شروط نعم، وتبادر حيث لا يبادر القطاع الخاص نعم. فليأتني أحد بمبرر أيديولوجي أو مصلحي كي تقوم الدولة بهذه المهام».
وفي ما يلي نص الحوار الذي أجرته «السفير» مع فنيش:
{ سنبدأ من موضوع الساعة الذي أثار ولا يزال إشكاليات عديدة، وهو موضوع الموظفين التابعين لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP في الوزارات. ما عدد العاملين في الوزارة ضمن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وما هي وظيفة وزارة التنمية الإدارية بشكل عام؟
^ نسبة العاملين في الوزارة التابعين لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP تقدّر بحوالى 90 في المئة من إجمالي عدد الموظفين. أما الموظفون الآخرون فيعملون في الوزارة إما عبر التعاقد أو عبر لجان ذات مهام إدارية بحتة.
المفهوم العام لوزارة الدولة يجعلها لا تتسم بهيكلية ثابتة ودائمة، إنما قوام دورها تولي ملفات محدّدة. وعدد العاملين في الوزارة ضمن برنامج UNDP حوالى 20 إلى 25 عاملاً. إذ نتعاقد مع UNDP على تنفيذ برنامج محدد لفترة زمنية معينة وبعدما ينتهي البرنامج، يصير العقد بحكم المنتهي أيضاً. أما مرد هذه العقود فإلى قلة الكفاءات في الإدارة العامة، ما يضطر الإدارة إلى توقيع عقود مع الاتحاد الأوروبي أو مع مؤسسات دولية من خلال تقديم منح وقروض او هبة لمشروع، شرط أن تقوم الدولة اللبنانية في المقابل بتقديم فريق بمقدورها تحمل أعبائه الإدارية على الأقل، ولكن لا يوجد إدارة عندها هذه الإمكانيات، لذا تتم الاستفادة من ذلك عبر التعاقد مع UNDP لإدارة مشروع له علاقة بوزارة محددة، مثلاً مشروع إدارة النفايات الصلبة يحتاج إلى فريق لإدارته، لذا تم التعاقد مع فريق الـUNDP لإدارته، أما القسم الأخر فمن طريق الهبة العائدة للاتحاد الأوروبي.
ومن المهام المنوطة بالوزارة أيضاً متابعة تنفيذ مشاريع وإدارتها مع وزارات أخرى، مستفيدة من المرونة المتاحة لوزارة التنمية الإدارية في ما يخص التوظيف عبر عقود مع UNDP.
من خلال متابعتي لموضوع UNDP سواء عندما كنت في المجلس النيابي (وما زلت)، أو عندما استلمت وزارة التنمية الإدارية حيث أتيح لي أن اطلع بشكل تفصيلي أكثر على حيثيات الموضوع. أنا لست ضد الفكرة أن يكون هناك إمكانية الاستفادة من كفاءات خارقة غير متاحة في نظام الإدارة العامة لا لجهة المباريات التي تتم، ولا لجهة طريقة التعيين، ولا حتى لجهة سلسلة الرتب والرواتب. ففي النهاية اذا أردت كفاءة بنوعية عالية عليك توفير مستلزمات ذلك كالراتب مثلاً. في نطاق ما هو متاح اليوم عبر الإدارة العامة وسلسلة الرتب والرواتب هذا الأمر مستحيل. من هنا تبرز الحاجة لمثل هذه البرامج. فالعلاقة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منشأها انه من طريق الـUNDP يستطيع البلد الحصول على نوع من المساعدات. فإذا كنا نتابع مع UNDP مشروعا إصلاحيا أو أي برنامج معين في الوزارة، تكون هي معنية بمتابعة هذا المشروع، عندها تقوم UNDP بتأمين مانحين قادرين على توفير هبة أو قرض إلى ما هنالك. هذه هي إذاً أهمية مشروع الـUNDP.
نقل الخبرات معدوم!
{ لكن لهذا المشروع عيوبا أيضاً. ما هي هذه العيوب التي تكشفت من خلال التجربة والتطبيق؟
^ عيوب هذا البرنامج أن العاملين فيه وهم لبنانيون بالمجمل قد أصيبوا بشكل أو بآخر بلوثة أن التطبيق ليس دقيقاً مئة في المئة. اذ تتداخل فيه أحياناً مخايرات سياسية لتوظيفات ليست بالضرورة خاضعة لشروط الكفاءة والمعايير المطلوبة، وهو محل شكوى في كثير من الإدارات.
المسألة الثانية أن هذه البرامج المعقودة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لها مدة محددة، وتهدف إلى المساعدة من خلال برنامج معين على النهوض بالإدارة في جانب محدد، والبرنامج سواء احتاج إلى سنة او سنتين أو أكثر يجب أن ينتهي في نهاية المطاف، ويفترض بعد ان ينتهي البرنامج ان تكون هذه الكفاءات قد نقلت خبرتها إلى الادارة، وتالياً نالت أجرها وتعويضها العالي. وعندها تكون الخبرة انتقلت إلى الإدارة العامة المعنية كي تشتغل على أساس أنظمتها. إلا أن ذلك أيضاً لم يحصل! لأن البرامج صار لها استمرارية، ما خلق نوعاًَ من الإدارة الموازية. ومرد ذلك، في حالة بعض الوزارات، إلى كون هذا النوع من العمل أسهل ويعطيهم حرية حركة أكثر، وبالمستطاع الاستفادة عبر هذه البرامج من توظيفات لأصحاب كفاءات برواتب مقبولة.
أنا لست ضد الفكرة من أساسها اذاً. لكن يجب أن تكون أولاً محصورة بنوعيات ومواصفات عالية، وثانياً ببرنامج محدّد ولوقت محدّد، وثالثاً، عند الانتهاء من البرنامج إما أن يؤتى بهؤلاء للمشاركة في الإدارة للمتابعة، أو يقال لهم شكراً على نقلكم خبراتكم للإدارة التي من المفترض الآن ان تشتغل على ذلك الأساس. وبكل الحالات يفترض أننا عندما نستفيد من برنامج للـUNDP أن نمنع ولادة إدارة موازية.
محورية دور الوزير
{ ماذا عن معدّلات الشواغر في الإدارة العامة؟ وما هي أبرز الصعوبات والمشاكل التي تواجه الإدارة العامة؟
^عند الحديث عن الشواغر نكون نتحدث عن الشواغر في رحاب الملاكات المقرة وليس بالضرورة عن الحاجات الفعلية للإدارة العامة. فإذا كانت الشواغر الملحوظة في الملاكات على مستوى الفئة الرابعة مثلاً عشرة آلاف، وعلى مستوى الفئة الخامسة 3 آلاف، وعلى مستوى الفئة الثانية والثالثة نسبة معينة، إنما ليس بالضرورة ان تكون هذه الأرقام معبرة عن الحاجات في كل إدارة من هذه الإدارات. وهذا له علاقة بإعادة النظر بالتشريعات التي حددت هيكليات الإدارات في الأربعينيات والستينيات، حيث لم يكن الكومبيوتر وغيره من التقنيات قد دخلت بعد الى الادارة. وقتها كنا بحاجة للعناصر البشرية بصورة واسعة، ولكن هل لا نزال اليوم في حاجة إلى العنصر البشري بالعدد ذاته؟ لا اعتقد ذلك قطعاً. وهو ما يطرح ضرورة إعادة النظر بهيكليات الإدارات. عندما نتحدث عن الملاكات نكون نتحدث عن الملاكات الملحوظة ولسنا بالضرورة ملزمين بالرقم.
أما موضوع الشواغر في الفئة الأولى فيستدعي الحديث عن آلية التعيين المقرة. إذ الشواغر في الفئة الثالثة والرابعة يتم ملؤها من طريق مباريات يجريها مجلس الخدمة المدنية، الفئة الثانية يتم تعيينها بمرسوم عادي، حيث يقترح الوزير المعني شخصاً ويذيّل المرسوم بتوقيع وزير المالية ورئيسي الجمهورية والحكومة والوزير المعني، ولا تحتاج إلى مجلس وزراء. ويجب على الموظف استيفاء شروط معينة، وأن يكون متخرجاً من معهد الإدارة العامة، ولكن هذه الشروط جميعها معطلة اليوم، حيث وجود معهد الإدارة العامة لا يلغي حقيقة انه عاطل من العمل. ومن المتوقع أن يحال قسم كبير من موظفي الفئة الأولى إلى التقاعد عما قريب ما سيرفع من نسبة الشواغر في الإدارة.
على الوزير بوصفه رأس الهرم الإداري معرفة حاجات وزارته بالتفصيل، وبالتالي يستطيع المساعدة في تطوير وزارته، ومهمتنا نحن في الوزارة مساعدة كل الوزارات في التقييم والدعم التقني والتشريعي ولا دخل لنا بالقرار. لذا يتبدى الدور المحوري لكل وزير في عملية النهوض بالإدارة، لأنه من خلال احتكاكه بإدارته يستطيع معرفة فيما إذا كانت هيكلية إدارته تصلح لتأدية المهام المطلوبة منها، ولوضع السياسات وتنفيذها، أو أنها في حاجة للتطوير والتعديل. اذا كان الوزير يتابع بصورة جيدة يستطيع تبيّن أين الخلل. بالتالي، يكون عليه المبادرة إلى تعديل هيكلية الوزارة، ودورنا نحن يقتصر على مساعدته. وهي الخطوة الأولى التي يجب القيام بها من اجل تعديل هيكليات الوزارات، وهذا ملف كبير ولا ندعي انه يمكن القيام به دفعة واحدة بل بصورة تدريجية ومدروسة. ونقوم نحن بتشكيل فريق من خبراء لمساعدة كل وزير على أداء هذه المهمة ونطالب بإعداد مشاريع القوانين اللازمة في هذا الصدد.
من الضروري هنا التشديد على انه من أهم مهام الوزير، إضافة إلى منصبه السياسي ودوره في مجلس الوزراء، السهر على عمل الإدارة العامة. والمدير العام هو الساعد الأيمن للوزير. وعندما يكون شغور المدراء العامين 55 في المئة هذا يعني أن هناك خللاً كبيراً. لذلك بدأنا في موضوع التعيينات الإدارية. كما أنجزنا مجموعة من المشاريع، من مثل موضوع إعادة النظر بقانون المحاسبة العمومية، فقد أنجزناه وأرسلناه إلى مجلس الوزراء في الحكومة السابقة، وإلى مجلس النواب، وتشكلت لجنة لدراسته، ولكن لا أملك وحدي القرار. مجلس الخدمة المدنية كذلك الأمر انجر له قانون، وهو قيد المناقشة في لجنة الإدارة والعدل، التفتيش المركزي أيضاً تم تجهيز مشروع له أصبح جاهزاً. ومن أهم المشاريع التي أنجزت إعادة النظر بمشروع المناقصات، حيث أعدنا تشكيل إدارة المناقصات، وقمنا بمشروع جديد للمناقصات العمومية تحول إلى مجلس الوزراء، ومن المفترض أن يبت فيه كي يتحول إلى مجلس النواب. في الآخر نحن في حاجة إما إلى مشروع قانون أو إلى قرار من مجلس الوزراء أو إلى مراسيم.
كوزير وبغض النظر عن رأيي في النظام السياسي، عليّ كما على مجلس الوزراء ومجلس النواب أن نعمل تحت سقف النظام السياسي. ففي موضوع التعيينات مثلاً علينا تجريب التوفيق، قدر المستطاع، ما بين الكفاءة والتوزيع الطائفي، لأننا عاجزون عن إلغاء هذه الطريقة في التعيين. كما يجب اعتماد المداورة بين الطوائف في بعض المناصب. ومن الصعوبات الأساسية في الإدارة كيفية الاختيار، أولاً من خلال تحديد ماهية الإدارة والمهام المطلوبة منها، والحاجات فيها، والأعباء المترتبة على هذه الحاجات. بالتأكيد لا نستطيع التخلي عن الإدارة، ولكن أنا مع أن يكون أي شيء يستطيع القيام به القطاع الخاص ونستطيع مراقبته كدولة بصورة جيدة بما يضمن مصالح الناس في الشفافية والسعر المناسب والجودة والمنافسة في يد القطاع الخاص، فما الداعي عندها كي تقوم به الإدارة العامة؟
على سبيل المثال، اكبر عملية هدر مالي في تاريخ الدولة اللبنانية الكيفية التي تم التعاطي من خلالها مع ملف الخلوي. ورأيي في الموضوع مذ كنت في مجلس النواب لا يزال على ما هو عليه، عندما جيء بالعقود لفسخها وما رافق ذلك من موجة حماسة، انضم الجميع اليها، فيما العقود فسخت في الحقيقة عندما صارت لمصلحة الدولة اللبنانية! أي عندما صارت الدولة اللبنانية تنال 45 في المئة من الإيرادات وصار بمقدورنا إطلاق رخصة ثالثة فسخنا العقود، وأعطينا فرصة للشركات كي تذهب إلى التحكيم لـ«تشليحنا مصاري». عندها انبرى الشهيد رفيق الحريري وقال لي: معك حق لكن لم يعد بوسعي الاحتمال أكثر! فأجبته: أتفهم ان لا تعود قادراً على الاحتمال في مسألة شخصية تتعلق بك وحدك، ولكن في موضوع يخص مصالح الناس، لا استطيع أن اقبل منك هذا الجواب. ماذا فعلنا وقتها؟ أعدنا تحويل شركات الخلوي إلى إدارة الدولة. لا غنى عن وجود الإدارة طبعاً، وفي كل دول العالم وأكثرها تطوراًَ ورقياً وليبرالية هناك إدارة. القانون يتطلب إدارة، وكذلك تنفيذ السياسات. ولكن القول بأنه يجب على الإدارة العامة أن تنشئ معامل وتديرها وتنتج وتشغّل أنا أرى أن هذا النظام فاشل. ولكن القول من جهة ثانية، بإعطاء القطاع الخاص مشاريع من دون وجود إدارة تضع له دفتر شروط وتضمن المنافسة وتراقب جودة الخدمة، أقول هذا نظام فاشل أيضاً. فالقطاع الخاص كما القطاع العام فاسد وقادر على الإفساد.
ثانياً، هناك مرافق أنا ضد خروج الدولة منها، ولكن ليس بالضرورة أن تتحكم فيها الدولة، حيث يمكنها أن تتولى دور المنظم regulator. في موضوع الكهرباء مثلاً، يشغلون بالهم فيما إذا كان يجب خصخصة المعامل الموجودة أو لا. رأيي أنه يجب الخروج من هذا الجدال، لأن حاجاتنا المستقبلية من الكهرباء أكثر بكثير مما هو موجود. يجب إفساح المجال أمام القطاع الخاص كي ينتج. ولندير القطاع بطريقة صحيحة من الآن وحتى نصل إلى وقت نعرف فيه ما هو مستقبل هذا القطاع. الدولة لا تملك الإمكانيات المالية ولا البشرية. من هنا الحاجة إلى الاستفادة من الكفاءات المتجددة في القطاع الخاص. نظام العمل الإداري داخل الإدارة العامة يدفع الموظف نحو البلادة والكسل. أما في القطاع الخاص، إذا لم يكن الموظف مبدعاً على الدوام، سيتعرض للصرف من موقعه.
3 مشاريع قوانين جديدة
{ ما جديد الوزارة اليوم على صعيد تطوير الإدارة العامة وتحسين إنتاجيتها؟
^ ماذا نفعل اليوم؟ ثمة 3 مشاريع قوانين جديدة من ضمن خطواتنا الإصلاحية الأساسية تهدف إلى، أولاً إنشاء وحدات تخطيط، ثانياً، إنشاء وحدات لإدارة الموارد البشرية، وثالثاً، إنشاء وحدات معلوماتية. قلنا لندخل مفهوم التخطيط إلى الإدارة فننشئ في الإدارات وحدات تخطيط، كما ننشئ مفهوم ثانيا للإدارات يتعلق بمسألة الموارد البشرية، فمن يهتم اليوم بتنمية قدرات الموظفين، الجواب لا احد. في السابق كان معهد الإدارة يقوم بدورات كل فترة، لكن دوره اليوم معطل. في القطاع الخاص تنمية قدرات العنصر البشري أمر دائم. يغدو ضرورياً اليوم معرفة ما يجب أن يكون ثابتاً في الإدارات بمعنى الهيكل الأساس أو النواة، الذي يتمتع بصفة الديمومة والاستمرارية، وهو عقل الإدارة ومحركها، بحيث إن كل ما عدا ذلك ليس من الضروري أن يندرج في عداد الفئة نفسها. نستطيع الإفادة من خدمات القطاع الخاص في كثير من المجالات ومن دون الحاجة إلى التعديل في سلسلة الرتب والرواتب بما ينعكس على الخزينة مزيداً من العجوزات.
بناء على تجربتي نظرية أن الدولة تاجر أو صناعي أو منتج نظرية فاشلة. الدولة تراقب وتنظم وتضع شروطا نعم، وتبادر حيث لا يبادر القطاع الخاص نعم. فليأتني أحد بمبرر أيديولوجي أو مصلحي كي تقوم الدولة بهذه المهام. أما الحديث عن استحداث وزارة للتخطيط، فأنا ضد هذا الموضوع، إذ الحلّ الأفضل يتمثل بإنشاء مديريات تخطيط داخل كل وزارة. لكن، هذه الأمور جميعها تقتضي إدارة سياسية تقبل بالتغيير.
نعم للهيئات الناظمة
{ هل تؤيد وجود الهيئات الناظمة في الوزارات؟
^ قناعتي نعم. أنا مع وجود هيئات ناظمة في الوزارات ضمن شروط محدّدة، إذ ما المانع لكي نقول انه مراعاة لدور الوزير الذي نص عليه اتفاق الطائف باعتباره موقع القرار إيجاد نوع من العلاقة بين الوزير والهيئات الناظمة. فالوزراء يتغيرون ويتبدلون بحسب التغيرات السياسية، أما الهيئات الناظمة ففي حاجة إلى إيجاد صيغة بين قطاع عام وقطاع خاص. ونحن في حاجة لها تقنياً لمساعدة الوزراء وتأمين الاستمرارية في عملهم. وهي في النهاية نوع من أنواع المؤسسات العامة.  

السابق
الرئيس لحود: من يركن الى المجتمع الدولي ضال ومشبوه
التالي
اليوم الأول من رمضان: الاستهلاك يرتفع.. الأسعار تزداد.. والناس تشتكي