لا توجد ثقة

عندما عرض نتنياهو أمس رده على موجة الاحتجاج، إختار طريق كبير من ساكني الخيمة في جادة روتشيلد الا يصغوا اليه. إلى هذه الدرجة يبلغ عدم ثقتهم بهذا الشخص وبما يمثله وبما يقوله. والى هذه الدرجة عمق عدم ثقتهم بكل سياسي وبكل رجل مؤسسة وبكل حزب.
إن تمرد جادة روتشيلد ظاهرة آسرة. يصعب عليّ أن اقدر جديته وعمقه ومدة بقائه. فهو يقاس بمقاييس لا أعرفها، ويشكل جزءا من خطاب مختلف وثقافة مختلفة عما ميز امواج احتجاج سابقة. اعتدنا أن نقدر امواج الاحتجاج بحسب المطالب التي تثيرها وبحسب الانجازات التي حظيت بها في نهايتها. ولا توجد لساكني الخيمة في روتشيلد قائمة مطالب منظمة ونقاط انطلاق معدة سلفا. ليس عندهم شيء سوى الشعور الاصيل في أن وضعهم باعتبارهم شبابا اسرائيليين من الطبقة الوسطى، مختل وغير عادل ويقتضي التغيير كثيرا. وكما يبغضون نتنياهو أو شتاينتس، يبغضون سكان الابراج الفخمة عند منتهى الشارع وهو بغض غير سياسي بل هو مضاد للسياسة. وما يزال السؤال مفتوحا وهو هل سيصبح في مرحلة ما أداة ضغط سياسية تقلب الترتيبات في الدولة.
يكثر صحفيون مثلي سؤالهم ماذا يطلبون وعوض ماذا سيوافقون على نقض خيمتهم. وهم يرفضون السؤال رفضا باتا. فهو يشهد في رأيهم على عدم فهم أساسي لثقاتهم وضيقهم وخيبات الأمل التي أتت بهم الى الجادة. انهم لا يناضلون من أجل الخبز والعمل بل من أجل الحق في حياة طيبة، وأمن اقتصادي وشقة يمكن العيش فيها بكرامة، ودخل زائد في نهاية الشهر. إن الخطب في الهايد بارك المرتجل تذكر بنضالات اجتماعية من الماضي من الفهود السود في القدس حتى عمير بيرتس لكن الكلمات وحدها تتشابه. فالغضب ليس غضب أبناء أحياء الفقر أو العمال المعدمين. لم يظلموهم بل احتالوا عليهم.
رد نتنياهو على موجة الاحتجاج كعادة نتنياهو. فقد حاول أن يحاربها وأن ينضم اليها ايضا. أخذ قائمة مطالب اتحاد الطلاب الجامعيين واستجاب لكل ما كتب فيها. فقد طلب الطلاب الجامعيون السفر في القطار وخطوط المواصلات بين المدن بنصف السعر – وأراد أن يعطيهم السفر بالمجان (وحينما عاود الوعد في الحفل الصحفي أمس صححه شتاينتس قائلا النصف فقط). ودهش ايتسيك شمولي رئيس اتحاد الطلاب الجامعيين. قال لي أمس انه لم يأمل في أحلامه الوردية ان يحصل على هذا الشيء الكثير جدا. وبرغم هذا قرر بعد المشاورة أن يستمر على تأييد الاحتجاج فهذه الموجة قد تجاوزت برنامجا فئويا. وقد أخذت تطغى دونما صلة بما تعطيه الحكومة أو لا تعطيه.

السابق
مفجر لوكربي يظهر في التلفزيون الليبي
التالي
أوسلو أصبح في داخلنا