“كلية النفط” موجودة… من يقيمها مجدداً؟ ثروات من البحر إلى “اللبنانية”

 تتشعّب القضايا وتكثر الرهانات، تستعر المعركة ويشتد الكباش، ما إن يدور حولها الكلام. هي الجامعة اللبنانية التي تمرّ بمخاض عسير "وبمرحلة دقيقة لم تذق مرارتها حتى في سنين الحرب اللبنانية"، على حد تعبير أحد أساتذتها. في وقت يكثر الكلام على تعيين رئيس جديد للجامعة، وترتفع الأصوات المطالبة باحترام القانون الرقم 66، يبدو أن ملامح تحد جديد بدأت ترتسم للمرحلة المقبلة، قد تضاف إلى سلسلة رهانات "اللبنانية".

بالتزامن مع تزايد اهتمام الحكومة الحالية بإيلاء الثروة النفطية وحدود لبنان البحرية أهمية، ورفع الرئيس نبيه بري شعار "من النفط الخلوي إلى النفط البحري در"، لم تستبعد مصادر جامعية أن تبادر الحكومة قريبا إلى استحداث كلية جديدة في الجامعة اللبنانية تحت اسم "كلية النفط"، مولجة بتخريج مهندسين متخصصين بالحقل النفطي.

الكلية قائمة منذ 1974

على وقع سماع همسات في الكواليس الأكاديمية والسياسية عن بدء دوائر متخصصة إعداد المشاريع والدراسات الضرورية لهذه الكلية، أعرب رئيس رابطة الأساتذة المتفرغين شربل كفوري لـ"الجمهورية"عن تخوفه من عملية سطو تتعرض لها "اللبنانية"، فقال: "لا يمكن أن يخطر على بال أحد أنه "اخترع" الموضوع، لأن منذ العام 1974 صدر المرسوم الرقم 9305 في 21/10/1974، ينصّ على إنشاء كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية، وتتناول أقسام الهندسة الخمسة الآتية: المباني وتنظيم المدن، الأشغال العامة، الميكانيك، الكهرباء والإلكترونيك، الكيمياء الصناعية والبتروكيمياء، إضافة إلى أي قسم آخر يقرره وزير التربية، بناء على توصية مجلس الكلية واقتراح مجلس الجامعة". وأضاف: "صدرت المراسيم التنظيمية بناء على المرسوم الرقم 2821 في 24/3/1980، الذي يحدّد نظام التدريس في كلية الهندسة، إلى جانب البرامج والمواد المدرّسة، ما يعني أنّ اختصاص الهندسة البتروكيميائية ليس مشروعا فرديا، وهو جزء لا ينفصل عن كلية الهندسة".

لهذه الاسباب لم يبدأ التدريس

في هذا الإطار، يلفت كفوري إلى مساع حثيثة بُذلت لإطلاق العمل الاكاديمي في هذه الكلية، "على رغم مساعينا الدؤوبة، لم نتمكن من بدء التدريس في هذا الاختصاص، نظرا إلى أنّ سوق العمل لم يكن قادرا على استيعاب الخريجين، كما اننا عجزنا عن تحمل تكاليف مختبرات الهندسة البتروكيميائية". أضاف: "تمكنا من تجهيز مختبرات الهندسة الميكانيكية، الكهرباء، في المقابل، حاولنا ان نؤجل أمر الهندسة البتروكيميائية، إلا ان رؤيتها كانت مرسومة".

ودعا كفوري إلى ان تكون الهندسة الكيميائية فرعا في حد ذاته في النقابة، "معظم النقابيين هم من حملة شهادة الهندسة الميكانيكية، المدنية، والكهرباء، فلا بد من ضم مهندسين بتروكيميائيين". كما ناشد مجلس وحدة كلية الهندسة ومجالس فروعها المباشرة فورا بتطبيق المرسوم، "آن الوقت للمباشرة بالتجهيزات اللازمة وتنظيم الهيئة التعليمية، ولا سيما أن الاساتذة الاكفاء متوافرون".

ولدى سؤالنا عن خلفية اختياره هذا التوقيت بالذات للتشجيع على هذا الاختصاص، أجاب: "في السابق، لم تسمح لنا الظروف، بينما بتنا اليوم على مسافة قريبة من أن يستفيد لبنان من ثروته النفطية. نستبشر خيرا من حلحلة قريبة وانفراج في سوق العمل. لذا، لماذا لا نستفيد وكنّا أول المخططين؟" وتابع موضحا: "قد يكون كلام بعضهم على استحداث كلية النفط بريئا ولا يحمل أي ذيول أو قطبة مخفية، إلا أن ارتفاع رغبة بعضهم في التحايل على القانون 66 أثارت شكوكنا، وزادت حرصنا في قطع الطريق على كل من تساوره نفسه بأن "اللبنانية" مكسر عصا".

لاحترام القانون 66

من جهة أخرى، جدد كفوري مطالبته وزير التربية والتعليم العالي حسّان دياب، باحترام الاصول الاكاديمية التي ترعاها قوانين الجامعة، تحديدا القانون الرقم 66، سائلا: "كيف يمكن السماح بالتعدّي على قانون لم يتجاوز عمره السنتين، واللجوء إلى استشارات غير ملزمة، في حين ان المادة الثانية واضحة ولا تحمل الكثير من الاجتهادات: "يعيّن رئيس الجامعة من بين خمسة مرشحين برتبة أستاذ أو ممن استوفوا شروط الرتبة، يرشحهم مجلس الجامعة". في الوقت نفسه، طالب أعضاء مجلس النواب بعدم التحول إلى شهود زور: "تخضع اللبنانية لآلية معينة حددها القانون، لماذا توريط الوزير في استشارات تؤدي إلى تعيين وليس انتخاب، أو الوقوف عند رأي الاساتذة".

في هذا السياق، توجّه كفوري إلى القلقين من تحول رئاسة الجامعة إلى طائفة محدّدة، "نحن لا ننظر إلا إلى كفاية الاشخاص ورصيدهم الاكاديمي، لا فرق بين مسلم أو مسيحي، فرئيس الجامعة لكل الناس، وليس على حساب أحد".

كما شدّد كفوري على تمسكه بسلسلة الرتب والرواتب، "سبق وقدمنا طرحنا لهذه السلسلة، لذا، نتمنى من الوزير دياب أن يولي القضية حيزا من اهتماماته، فللأستاذ الجامعي متطلبات وعليه انجاز الابحاث، وراتبه لا يكاد يغطي مصاريفه، مقارنة بما يعطى من إغراءات لأستاذ في القطاع الخاص. لذا، لا أستبعد ان تكون "اللبنانية" قادمة على ساخن وحار".

بما أن المكتوب يقرأ من عنوانه، يبدو ان موجة الحر التي تضرب لبنان، لن تستثني الجامعة، وتخفي في طياتها الكثير من المفاجآت، ولا سيما أن رابطة الاساتذة لن تقف مكتوفة، وقد وعدت "بالتصعيد"، على حد تعبير كفوري.

أبعد من كل الرهانات القائمة والتحديات المرتقبة، عدد كبير من الجامعيين يسألون: هل المقصود تفريغ "اللبنانية" من طلابها؟ 

السابق
ياغي: العدو يدرك ان قدرات المقاومة اصبحت اقوى
التالي
تعديل توقيت الامتحانات الرسمية