الراعي: الطائف ليس منزلا ونريد المشاركة الحقيقية

استقبل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، قبل ظهر اليوم في بكركي، رئيس الاتحاد المسيحي الديموقراطي اللبناني النائب نعمة الله ابي نصر على رأس وفد من الاتحاد.

ابي نصر

وألقى ابي نصر كلمة قال فيها: بفرح، واكبنا مساعيك الحميدة لجمع القيادات السياسية المارونية وتوحيد كلمتها حول المسائل الاساسية في حياتنا الوطنية، ولطالما كانت هذه الامنية، مطلب الاتحاد المسيحي الديموقراطي اللبناني، سبق لنا ان عبرنا عنها في مذكرة تقدمنا بها الى قداسة الحبر الاعظم سلمت في روما لسعادة امين سر دولة الفاتيكان المونسنيور دومينيك ممبرتي في تاريخ 21/9/2007.

اننا نتوجه اليك اليوم، وانت المؤتمن على تاريخ الكنيسة المارونية الحاضنة لهذا الوطن، ونناشدك بما اوتيت من قدرة وسلطان ان تبذل ما في وسعك في هذا الظرف التاريخي الصعب الذي تمر به البلاد والمنطقة، لكي يستعيد الموارنة رسالتهم الريادية في وطن اجدادهم وآبائهم.

واضاف: فلنواجه الوقائع بصراحة ولنسم الاشياء بأسمائها،ان ازمة تشكيل الحكومة اليوم في عمقها ازمة النظام السياسي الذي جرى تعديله في الطائف في غفلة من الزمن، حيث تم تجريد رئيس الجمهورية من صلاحيات دستورية كانت تؤهله ليكون هو نقطة الارتكاز والجاذبية في النظام، فجرى توزيع الصلاحيات عشوائيا بشيء من قصر النظر.
فوقعنا في خضم ازمة كيانية خطيرة مما ادى الى تولي الوصاية السورية طوال وجودها في لبنان، القيام بالدور الذي كان يتولاه رئيس الجمهورية قبل الطائف.
بعد خروج سوريا من لبنان، تم استبدالها برعاية اميركية – فرنسية، تولاها في حينه سفيرا اميركا وفرنسا (فيلتمان وايمييه).
وبعد تبدل المعطيات الدولية، عادت سوريا ومعها ايران لتحتلان موقعا مقررا في الحياة السياسية اللبنانية، فكان اتفاق الدوحة بعد احداث 7 ايار 2008.
صحيح ان اتفاق الدوحة ادى الى استقرار نسبي، لكن الحكومة لم تتمكن من القيام بواجباتها، لانها جمعت التناقضات وضاع فيها القرار فسقطت.
بعدها انقلبت اوضاع الدول العربية من مصر الى سوريا فوقع لبنان مجددا في فراغ المراوحة والعجز عن تشكيل حكومة بغياب ضابط وطني للايقاع كما هي الحال اليوم.

وتابع: ان الانقسام العمودي الحاد والمؤسف بين السنة والشيعة في لبنان وفي المنطقة، ولد ازمة ثقة بينهما مما جعل من الصعب ان يسلم طرف للآخر مقاليد الحكم والقرار. فمن مصلحة الطرفين معا ومن مصلحة لبنان بكامله، لا بل من واجب الموارنة ان يتولوا مجددا مسؤولية اعادة بناء الثقة بين اللبنانيين، واظهار القدرة على ادارة شؤون لبنان بعيدا عن اي وصاية خارجية قريبة او بعيدة.
هذا الامر، يستلزم اتفاق القيادات المارونية على المطالبة باسترداد الصلاحيات الاساسية التي سلبت من رئاسة الجمهورية على امل ان تمارس بحزم وحكمة وتجرد. هذا الموضوع الكياني يستحق ان يتصدر جدول أعمال الاجتماع المنتظر برئاستكم في بكركي.

وقال: اما الموضوع الثاني فلا يقل أهمية عن الاول ويتعلق بالاتفاق بين القيادات المارونية على طرح قانون جديد للانتخابات النيابية على اساس النسبية في الدوائر الوسطى.
ان من شأن هذا القانون، ان ينتج مجلسا نيابيا قادرا على تطوير الحياة السياسية، وضمان التمثيل الصحيح والشروع في بناء دولة مدنية عصرية تأخذ من الانظمة الغربية ايجابياتها في احترام حقوق الانسان والمواطن، وتستمد من روح الشرق اصالته في الحفاظ على القيم الاجتماعية المنبثقة من المبادئ الدينية السامية.

واضاف: ان طرح هذين الموضوعين باجماع ماروني على الطوائف اللبنانية الاخرى من شأنه ان يفتح باب الحوار الحقيقي بين اللبنانيين لايجاد الحلول السليمة لازمات الوطن فتتحقق فعلا رسالة الشراكة والمحبة التي تبشرون بها.
علما ان معالجة هذين الموضوعين الاساسيين المهمين، لا يعني اهمال معالجة بقية المواضيع الهادفة الى تغيير ديموغرافية لبنان وجغرافيته عبر: التوطين، التجنيس، الهجرة، التهجير، وتملك الاجانب ، وهضم حقوق المغتربين، واعتماد سياسة التمييز بين منطقة واخرى انمائيا، وبين مواطن وآخر في ادارات الدولة ومراكز القرارات.
اننا نعول على دوركم الابوي في هذه المسألة ونتمنى لكم النجاح والتوفيق.

رد الراعي

ورد البطريرك الراعي: ما تقدمت به حضرة النائب اعتقد انه مطلب اللبنانيين بالقول او الصمت او الهمس لاننا بتنا جميعا ندرك ان لبنان لا يستطيع السير بما هو فيه.
اضاف: النقطتان اللتان تفضلت بهما بجرأتك وفي صراحتك واذا أخفى علته يموت فيها. اشكرك انها العلة الاساسية، هاتان النقطتان الاساسيتان واللتان تتفرع منهما كل الازمات الموجودة في لبنان، فعبثا نبحث عنها في اي مكان آخر.
وتابع: الاختبار الذي عشناه بعد اتفاق الطائف وتعديل الدستور، بحسب وثيقة الوفاق الوطني، والتي نحن في مبادئها معها، أي مبدأ المشاركة، مبدأ الاصلاح الدستوري الذي حصل، الاصلاح السياسي، نعم، لكن تبين بعد الخبرة، وقد اصبح عمره اليوم 21 سنة، تبين لكل اللبنانيين ان في الامور عثرات، وثغرات وامورا تحتاج الى ضغط. تبين ان العمل الجديد، والذي نحن لسنا ضده على الاطلاق، لكن هناك امورا غير ماشية يعني رئاسة الجمهورية من دون صلاحيات هل تستطيع ان تحل المشاكل المطروحة؟ ينبغي ان تعطى رئاسة الجمهورية الصلاحيات الضرورية. انا لا اقول بالعودة الى النظام الرئاسي انتهى، سرنا في نظام المشاركة، نحن معها، ولكن نحن لسنا معها عندما يكون رئيس الجمهورية لا يملك اي امكان لكي يقرر بالثغرات الموجودة، ونضطر الى الانتظار مشكورين كل اصدقائنا أكان على المستوى العالمي او الاقليمي، وذكرتهم في كلمتك كي لا اردد. ليس من الضرورة ان ننتظرهم لكي يجلسوا الى الطاولة ويقرروا لنا ماذا نريد ان نعمل، فهذا لا يجوز اذ انه يحقر اللبنانيين في الوقت الذي نحن نحترمهم.

وسأل: هل يا ترى في كل مرة نريد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، تقفل ابواب البرلمان وننتظر الحل، وكذلك بالنسبة الى تأليف الحكومة واتخاذ أي قرار ننتظر الحل من الخارج؟.

واضاف: الاسوأ من ذلك يقولون لنا لنترقب الاوضاع. فأوضاعنا أصبحت معروفة، الامور داخلية ومتوقفة، البلد أصبح في حال اهتراء والهيكليات تقع حيث هناك المئات من الاماكن الشاغرة والاقتصاد متوقف والشعب اصبح جائعا، والهجرة تزداد، والانفلات الامني، اضافة الى الانفلات في كل شيء، فماذا ننتظر امام كل ذلك؟ لا نستطيع بعد اليوم ان نتغاضى عما يحصل فهناك صلاحيات ينبغي ان تعطى، ظهرت مشاكل في البلد ويجب ايجاد حل لها. فلا يجوز ان يقول احد انه لا يمكن العودة الى الوراء، وعقارب الساعة لا تعود الى الوراء، فهذا الكلام لا يقال. لا يوجد شيء منزل في هذه الدنيا، واتفاق الطائف ليس منزلا، قبلنا به جميعا، ولكن هناك ثغرات ظهرت تحتاج الى اصلاح، فنحن لا نطلب شيئا خارج المألوف، بل من اجل كل اللبنانيين.

وتابع: نوجه هذا النداء مع كل الصامتين والهامسين، ونطالب بأن يتحمل اللبنانيون مسؤولياتهم فاذا كنا في حاجة الى طائف ثان فليكن، لان المشاركة كانت اختزالا ولم تكن مشاركة حقيقية، فبدل ان يكون مجلس الوزراء هو الذي يحكم اصبح رئيس الحكومة وكذلك في المجلس النيابي ولا يوجد شيء في يد الجمهورية. وظهرت عندنا الترويكا مع اتفاق الطائف الذي عانينا ما عانينا واصبحت الدويكا وما زلنا حتى اليوم نعاني ذلك. فماذا ينتظر اللبنانيون. علينا تعبئة الثغرات التي ظهرت في اتفاق الطائف الذي قبلناه والذي لسنا نحن ضده، ولكن الازمات كثيرة ونحن امام ازمة حكومية لا نعرف كيف ستنتهي فهل يجوز ان يموت البلد ونحن نتفرج عليه، فمن يقرر في هذا الموضوع؟ ومن يشكل حكومة الان وينهي الازمة؟ فهل يجوز هذا في بلد ديموقراطي، وصوت الشعب من يسمعه؟

وقال: ان الخطيئة الاصلية الموجودة في لبنان هي قانون الانتخابات النيابية اذ لا يجوز ان نضع قوانين انتخابية على قياس الزعماء، لذلك علينا العمل لاعادة صلاحيات رئيس الجمهورية كي تسير البلاد الى الامام، والبدء بقانون الانتخابات النيابية منذ اليوم يكون الافضل كي يكون التمثيل على افضل ما يكون من الشعب ولكي يستطيع المواطن اختيار ممثليه على اساس ايصال الثوابت الوطنية الى الاهداف المطلوبة. فيأتي التأييد الشعبي على اساس خدمة المصالح اللبنانية من مبادئها الى ثوابتها. فلا يجوز بعد اليوم ان نسمع ان المحدلة ماشية لان الدستور هو حكم الشعب في العالم الديموقراطي.

وختم: لا بد ان تستيقظ الضمائر اللبنانية ونعرف اننا نحمل جوهرة كبيرة اسمها لبنان رسالة ونموذج في الديموقراطية والعيش معا في هذا العالم.

السابق
عددهم 17 الفاً..أجهزة تنصّت تستهدف حزب الله والساحل السوري
التالي
قبلان: لتشكيل حكومة إنقاذ