فيتوريو اريغوني “بطل فلسطين”

بدأت أجهش بالبكاء وأرتجف غضباً عند سماعي خبر اغتيال ناشط السلام الإيطالي فيتوريو آريغوني الذي قام بحملة منذ أكثر من عشر سنوات من أجل الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي، لقد جعلتني هذه الجريمة أبكي بحرقة وغضب من أولئك القتلة الذين نفذوا جريمتهم بقسوة مطلقة، جاء نبأ اغتياله بمثابة صدمة مرعبة ورهيبة لجميع من عرفوه ووفقاً لتقارير صحفية فقد قتل آريغوني من قبل مجموعة سلفية تعمل في قطاع غزة كمعارضة لحكومة حماس.
كل من عرفه كان يناديه باسم «فيل» وكان معروفاً للجميع بأنه داعية لحقوق الإنسان يمتلك قدرة لا يمكن وقفها أو ثنيها عن متابعة تحقيق ما يصبو إليه من أهداف.

قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بترحيله من الضفة الغربية، إلا أنه بقي يشارك في العمل المباشر المرتبط مع حركة التضامن الدولية لتسليط الضوء على استبعاد إسرائيل المتعمد والمستمر لنشطاء السلام واحتجازهم في بعض الأوقات، كما حصل مع آريغوني عندما ذهب في رحلة إلى مطار بن غوريون على أمل أن يسمح له بحضور مؤتمر السلام في بيت لحم إلا أنه تم ترحيله واحتجازه حيث قضى عيد الميلاد عام 2005 في سجون الاحتلال.

التقيته لأول مرة بينما كان يستعد لهذا العمل وأجريت معه لقاء وصف لي خلاله كيف أنه وبعد عدة سنوات من معاناة الاكتئاب تعهد بالعمل الطوعي في أفريقيا وأوروبا الشرقية ووجد نفسه بعدها في فلسطين مناصراً للفلسطينيين ومدافعاً عن حقوقهم في وجه الاحتلال الإسرائيلي.

انضم لحركة التضامن الدولية ورأى أن عليه أن يفعل كل ما بوسعه للمساعدة على تحقيق المساواة بين الشعوب وبالوقت نفسه عمل على نشر الوعي خارج فلسطين حول حقيقة ما يجري فيها من ظلم واضطهاد للفلسطينيين وعمل على تذليل الصعوبات التي تواجههم من خلال نقل وكتابة تقارير صحفية.

اعتقل آريغوني عدة مرات في إسرائيل وكان في قطاع غزة أثناء عملية الرصاص المصبوب التي شنتها إسرائيل على القطاع وقام حينها بمساعدة الأطباء وكتابة تقارير تصور ما يحدث في القطاع من قتل وتدمير وتشريد، كتب في عدة صحف منها صحيفة آيل مانيفستو الإيطالية وصحيفة السلام، وفي عام 2010 نشر كتاباً عن غزة تناول فيه كل ما شاهد بالتفصيل خلال عملية الرصاص المصبوب.

لقد كان الناشط الإيطالي من أشد المدافعين عن القضية الفلسطينية تحدث عنه خليل شاهين في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة «إن ما حدث هو يوم أسود في تاريخ الشعب الفلسطيني، نحن ندين الجريمة المروعة ونطلب من السلطات المحلية تقديم المجرمين إلى العدالة بأسرع وقت، كان صديقاً حميماً وسيبقى حياً في وجداننا دائماً، إنه بطل فلسطين».

تأتي هذه الجريمة القبيحة بعد مقتل عائلة وإطلاق النار على مدير المسرح جوليانو ميرخيس الأسبوع الماضي، وكمتابعة وكاتبة اهتمت ولوقت كبير بشؤون الفلسطينيين تبدو هذه الأحداث غريبة عن ثقافة المقاومة التي أعرفها وأحترمها، ولكن هذه الأفعال هي نوع من الحروب القذرة التي تعتمد على دوافع ليس لها علاقة بالنضال المستمر في سبيل تقرير المصير الفلسطيني.
ترجمة: هناء شروف – البعث

تجمع جميع أصدقاء آريغوني في السفارة الإيطالية في لندن وهم يحملون الشموع المضيئة والأزهار وبالوقت نفسه قامت مظاهرات بعد صلاة الجمعة عند مقر الأمم المتحدة في غزة تندد بهذه الجريمة وقد خصصت قرى بلعين تظاهرات يوم الجمعة لآريغوني وتجمعوا في ساحة المنارة في رام الله وعند الجندي المجهول في غزة وتم فتح خيمة عزاء في شمال الضفة الغربية ودعت الأحزاب السياسية لإدانة مقتل آريغوني والاحتفال بأعماله.
عانى زميلنا /فيل/ من الظلم والعنف في حياته ولكنه بقي ذلك الإنسان المحب حتى نهاية حياته، فيتوريو آريغوني سنفتقدك كثيراً.

السابق
الجراح: قلق من إمكانية اغتيالي لأن جميع الشهداء تعرضوا لافتراءات وأكاذيب
التالي
أوروبا والثورات العربية