استياء أميركي يبعد بندر عن الواجهة السعودية

اعتبر محللون أن إعفاء رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان، الذي اتبع سياسة متشددة حيال الدولة السورية، جرى تحت ضغط أميركي لكنه لا يعني بالضرورة تغييرا في سياسة الرياض المصممة على إسقاط النظام القائم في سوريا.

ولم ترد أي توضيحات رسمية حول رحيل الأمير بندر الذي يتمتع بنفوذ كبير، وهو ابن احد أشقاء الملك عبد الله بن عبد العزيز، إذ اكتفت وسائل الإعلام الرسمية بالقول انه اعفي من مهماته “بناء على طلبه”. لكن خبيرا سعوديا، طلب عدم كشف هويته، قال إنّ الولايات المتحدة تشعر باستياء متزايد من إدارته للملف السوري وطلبت منذ شهر كانون الأول الماضي استبعاده.

وكان الأمير السعودي في الواجهة في تمويل وتسليح وتوحيد المعارضة السورية المسلحة، التي لم تسجل حتى الآن تقدما كبيرا في مواجهة القوى العسكرية التابعة للدولة السورية. وقد اصطدم بتحفظات واشنطن التي يبدو في الظاهر أنها ترفض تسليم المعارضين أسلحة يمكن أن تغير التوازن على الأرض، بحسب عدد من المحللين.

وقبل إعفائه من منصبه، لم يتردد الرجل الذي كان يوصف “ببندر بوش” عندما كان سفيرا للسعودية في واشنطن بسبب علاقاته الوثيقة مع الإدارة الأميركية في ظل ولاية الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن، في توجيه انتقادات إلى الولايات المتحدة. فقد عبر عن غضبه خصوصا أمام ديبلوماسيين غربيين بعدما تخلت واشنطن في اللحظة الأخيرة عن توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا على الرغم من الاتهامات المزعومة باستخدام أسلحة كيميائية ضد المدنيين خلال الصيف الماضي.

وقال ديبلوماسيون إنّ الأمير بندر أكد حينذاك أنّ السعودية لم تعد تعتبر الولايات المتحدة حليفتها الرئيسية وستسعى للحصول على دعم دول أخرى مثل فرنسا أو قوى أخرى.
وكان آخر نشاط رسمي للأمير بندر في بداية شهر كانون الأول 2013 في محاولة لتغيير موقف روسيا من الرئيس بشار الأسد. وأكد خبراء آخرون أنّ تشجيعه للإسلاميين المتطرفين عزز الخطر الذي يشكله “الجهاديون” السعوديون على دولتهم.

وقال الخبير في الأمن الإقليمي في “المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية” ايميل حكيّم إنّ “الأسلوب الهجومي للأمير بندر بشأن سوريا كشف الهوة بين التوقعات والقدرات العملانية والاستخباراتية السعودية”. وأوضح أنّ “القيام بجهد واسع ومعقد لإسقاط نظام أجنبي مدعوم من إيران وروسيا هو ببساطة أمر اكبر من قدرة السعودية خصوصا بسبب تحفظات حلفائها الغربيين الرئيسيين وأجندات مختلفة لدول مهمة فعالة إقليميا مثل قطر وتركيا”.

وتابع حكيّم أنّ “الرياض قدمت الأسلحة والمال” لكنها اضطرت للعمل مع “مجموعات خطيرة وغير منضبطة” بينما تتمتع دمشق بدعم غير محدود من قبل إيران.

وكان ديبلوماسيون ذكروا منذ شهر شباط الماضي أن إدارة الملف السوري سحبت من الأمير بندر ليعهد بها إلى وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز الذي يتولى مكافحة تنظيم “القاعدة”. وكانت النتيجة تحذير شديد اللهجة من الرياض للسعوديين الذين يقاتلون مع “الجهاديين” في الخارج ويمكن أن يعاقبوا بالسجن عشرين عاما.

وقال حكيّم انه حتى إذا كان الأمير بندر “متساهلا” حيال الجماعات الإسلامية أكثر منه “شريكا” لها، فقد “ساهمت في هذا التغيير زيادة عدد الجهاديين السعوديين في سوريا التي سيكون لها على الأرجح نتائج سلبية على المملكة، والإخفاقات في سوريا”.

ويؤكد محللون سعوديون من جانبهم أنّ هذا التعديل لن يؤثر في سياسة الرياض حيال سوريا. وقال جمال خاشقجي، وهو مدير القناة الإخبارية الجديدة “العرب”، انه “ليس هناك من تغيير، السعودية تريد سقوط (الرئيس السوري) بشار الأسد”. وأضاف “ليس هناك شيء اسمه سياسة بندر. هناك سياسة الحكومة وتوجيهات الملك عبد الله وأي رئيس استخبارات سينفذها”.

وأخيرا، سيحل محل بندر مساعده يوسف بن علي الإدريسي، الذي كلف حاليا القيام بمهماته. لكن مصادر سعودية مطلعة قالت إن أحد أفراد الأسرة الحاكمة يمكن أن يتولى المنصب، الذي يشغله منذ أكثر من ثلاثين عاما أمراء من الصف الأول، آخرهم قبل بندر بن سلطان الأمير مقرن بن عبد العزيز، الذي عين مؤخرا وليا لولي العهد السعودي.
(أ ف ب)

السابق
روحاني: لم نعتد على أحد..لكن نواجه بقوة اعتداء الآخرين
التالي
’بروفيل’ الرئيس المقبل مرآة للتسوية السعودية ـ الإيرانية