ترجمة التحوّل الأميركي

توقّع مصدر دبلوماسي عربي حصول المزيد من العمليات الإرهابية في سورية لافتاً إلى أن العمل الإرهابي الأخير في دمشق يأتي في سياق الردّ على الضربات الموجعة التي تلقاها الإرهابيون على يد الجيش السوري، خصوصاً حجم الخسائر الكبيرة في داريا والتقدّم الكبير الذي حقّقه في الغوطة الشرقية والجنوبية، التي يتم تطهيرها في هذه المرحلة من المسلحين بعد أن تمّ القضاء على مجموعة قيادية بارزة.
ويقول المصدر، إن لجوء المجموعات الإرهابية إلى الأعمال الانتحارية يهدف إلى خلق بلبلة داخل العاصمة وإلى إشغال الجيش السوري عن العمليات التي ينفّذها في الغوطة ناهيك عن أن اللجوء إلى إلقاء قذائف الهاون في بعض أحياء دمشق يهدف إلى خلق حالة من الإرباك بين المواطنين السوريين وإظهار أنّ دمشق غير آمنة، وفي الوقت نفسه إرباك السلطة والجيش، كل ذلك نتيجة فشل هذه المجموعات في تحقيق أي إنجاز عسكري على الأرض في مواجهة الجيش السوري.
وكشف المصدر عن أن العديد من المناطق السورية لم تعد تشكل بيئة حاضنة لهذه المجموعات إلى درجة أن مواجهات حصلت بين هذه المجموعات ولجان شعبية في بعض الأحياء، لأن هذه البيئة لم تعد تتقبلهم، بالإضافة إلى الوضع الميداني في حلب الذي يشير بوضوح إلى أن المقاتلين يمرّون بحالة من اليأس نتيجة الخسائر الكبيرة التي منيوا بها بعدما نجح الجيش السوري في السيطرة وتطهير مناطق عديدة من المدينة وريفها، كما فشلت هذه المجموعات حتى الآن في الدخول إلى مطار حلب على الرغم من حجم الحشود التي هاجمت المطار، ولكن الجيش السوري ألحق خسائر كبيرة جداً في صفوفهم وكل ما يقال في وسائل الإعلام الداعمة لتلك المجموعات عن تحقيق إنجازات على الأرض ليس صحيحاً على الإطلاق بل الانتصارات هي في الإعلام فقط.
ويعتبر المصدر، أن هناك مجموعات تلقى دعماً وتغطية من جهات إقليمية ودولية لا تريد أن تذهب المفاوضات إلى بعدها الحقيقي لتحقيق الحوار ومن ثم الحلّ السياسي، وهذه المجموعات هي التي لجأت إلى تنفيذ العمل الإرهابي في دمشق في محاولة منها لتعطيل عجلة الحلّ السياسي، وهذه المجموعات مرتبطة مباشرة بالقاعدة ومغطاة من قوى إقليمية تشعر أنه لن يكون لها دور في الحل السياسي وخصوصاً تركيا وقطر.
ويؤكد المصدر، أنه على الرغم من كل ما يحصل من أعمال عنف وقتل ودمار وعمليات إرهابية فإن العملية السياسية انطلقت، وهناك مؤشرات كثيرة على ذلك ومعالمها بدأت تتوضح، مع الإشارة إلى أن أصعب المراحل هي مرحلة المخاض الصعب الذي يحصل فيه المزيد من الآلام وأعمال العنف، وفي المقابل سيزداد تصميم الجيش السوري والدولة السورية على مكافحة الإرهاب بكل أشكاله، لأن أية مفاوضات حتى بين روسيا وأميركا لا يمكن أن تتمّ إلا في ظلّ المزيد من تصعيد الوضع الميداني، ولذلك من المتوقع أن ترتفع وتيرة الأعمال الإرهابية قبل بدء المفاوضات الجدية والحقيقية بين روسيا وأميركا ليس في الشأن السوري فقط، ولكن حول جملة ملفات عالمية سيكون الملف السوري في الواجهة، في نهاية الأمر من المتوقع أن نشهد تعاوناً سورياً ـ دولياً لتصفية كل ما تبقى من مجموعات إرهابية على الأرض السورية.
ويوضح المصدر الدبلوماسي العربي أن الأميركي والروسي متفاهمان على وحدة سورية كدولة والحفاظ على وحدة المؤسسات ومنها الجيش السوري، وان الأميركي أصبح مقتنعاً بأنه ليس من مصلحته استنزاف الدولة السورية وتفكيك مؤسساتها، لأنه إذا حصل ذلك سيكون له انعكاس مباشر على باقي دول المنطقة وإن كان إضعاف الجيش السوري خدم المصالح الأميركية، ولكن إضعافه أكثر يمكن أن يؤدّي إلى انهيار الدولة السورية خصوصاً أن الغرب بدأ يشعر بخطورة الوضع في سورية من إرهاب على يد تنظيم القاعدة لأن سورية تختلف تماماً عن أفغانستان واليمن والصومال وغيرها من الدول فإذا نجحت القاعدة في وضع يدها على سورية، فهذا يعني أن أوروبا كلّها ستصبح مهدّدة جديّاً وإنّ التقارير الغربية ترسم صورة قاتمة جداً عن الوضع في سورية لناحية احتمال أن يصبح للقاعدة نفوذ في سورية بعد وصول السلاح النوعي والمتطور إلى هذه المجموعات المنتمية إلى تنظيم القاعدة كجبهة النصرة ولواء الإسلام وغيرها من التنظيمات المسلحة، وهذا الأمر بدأت وسائل الإعلام الغربية تتحدث عنه بصراحة، ولذلك هناك تحول في الرؤية الاستراتيجية عند الإدارة الأميركية يجب أن يُترجم في اللقاءات الأميركية ـ الروسية المقبلة.

السابق
انفجار يستهدف رئيس بلدية يارون
التالي
عين الحلوة: توتر وشـائعات