البناء: اجتماع القاهرة حلقة من مسلسل الضغوط الغربية المُستعربة

دفع فشل عرب واشنطن المتكرر في الزام سورية تنفيذ بروتوكول وثيقة اللجنة الوزارية العربية، الصادرة عن اجتماع الرباط الأربعاء، الماضي من دون الأخذ بتعديلات الخارجية السورية عليها، دفع هؤلاء الى طلب النجدة والدعم من الامم المتحدة لمعالجة الوضع، وذلك اثر انقضاض اجتماعهم في أحد فنادق القاهرة أمس، حيث لم يتمكنوا من إصدار أي قرار، وأتى الاجتماع مشابهاً لما سبقه من اجتماعات فارغة.
بيان خجول
ولم يتطرق الوزراء العرب أمس الى بحث أي من الأزمات التي تعصف في المنطقة، رغم كل ما يحيط بهم من أحداث متنقلة، بدءاً مما يدور في ميدان التحرير، على مرأى ومسمع منهم، ومروراً بما يحصل في القطيف من إطلاق نار على المتظاهرين، وصولاً الى ما أظهرته لجنة تقصي الحقائق من ارتكابات السلطات البحرينية، بحق المئات من البحرينيين، واكتفوا في نهاية اجتماعهم الى إصدار بيان مقتضب خجول أمهلوا فيه سورية مهلة 48 ساعة، تنتهي عند الأولى من بعد ظهر اليوم، للموافقة على مطالب الجامعة، وإلا السير بالعقوبات الاقتصادية ضد دمشق، وهو الأمر الذي أناطته الجامعة بمجلسها الاقتصادي الذي تركت له أمرتحديد هذه العقوبات.
مسعى الجزائر
وعلم في هذا السياق، أن الجزائر وعبر وزير خارجيتها مراد مدلسي، كانت قد تقدمت بمسعى خلال الاجتماع للأخذ بالتعديلات التي اقترحتها دمشق على بروتوكول بعثة المراقبين، إلا أنه لم يؤخذ بالاقتراح الجزائري، والذي تردد أن الوزير مدلسي غادر إثر ذلك.
وفي معلومات توافرت لـ "البناء" أمس أن دمشق عبر خارجيتها، أبلغت الأمين العام للجامعة مواقفها الشفهية على البروتوكول مع الجامعة، إلا أنها طلبت ان ترفق جميع مراسلاتها الى الأمين العام مع نص البروتوكول، وعلى ان تكون جزءاً لا يتجزأ منه، وهو ما لم يحصل.
تعليمات عليا
وفي قراءة لمصادر مواكبة ومتابعة لما يجري، فإن القابضين على عنق الجامعة العربية، ماضون بتعليمات عليا من الإدارة الأميركية في مؤامراتهم لمحاصرة سورية والنيل منها.
وقد باتت اللعبة مكشوفة، اجتماعات متسارعة لما يسمّى باللجنة العربية، برئاسة الوزير السامي القطري حمد بن جاسم، والغرض هو إصدار المزيد من القرارات المكتوبة سلفاً، في إطار سيناريو استهداف سورية وشعبها، إلا أن سورية ورغم كل المؤامرات والدسائس وهي التي لم تخضع يوماً لأي ضغط، فهي لن تخضع اليوم لهذا الضغط العربي المشبوه.
وما جرى في الساعات الماضية في القاهرة، أبلغ دليل على ذلك.
فاللجنة العربية برئاسة حمد، قطعت الطريق أمام أي محاولة لإضافة تعديلات على البروتوكول بين الجامعة وسورية، رغم بعض المحاولات من الجزائر وغيرها، لا بل إن لبنان حوصر وأُبعد عن الأجواء من خلال محاصرة هيئته الدبلوماسية في القاهرة، من قبل الشبيّحة التي تتحرك باسم ما يسمَّى المعارضة السورية، وذلك بهدف شل الموقف اللبناني وحجبه عن القرارات المرسومة.
توزيع أدوار
ووفق المعلومات المتوافرة من مصادر مطّلعة لـ "البناء"، فإن لعبة القابضين على زمام الامور في الجامعة، تقضي بأن يجتمع المجلس الاقتصادي يوم السبت لإتخاذ عقوبات ضد سورية، مع وقف الرحلات الجوية معها، وعدم التعامل مع البنك السوري واتخاذ اجراءات اقتصادية ضدها.
وسيرفع المجلس الاقتصادي مثل هذه الاقتراحات الى مجلس الجامعة، الذي ينتظر أن يجتمع بدوره الأحد في إطار مسلسل سريع، لاتخاذ القرارات باسم الجامعة، من أجل فرض المزيد من الحصار والضغوط على دمشق.
إلى أين؟
والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا بعد كل ذلك؟ وإلى أين يذهب هؤلاء في مواقفهم وعدائهم لسورية، بل ماذا يبقى من الجامعة العربية، وماذا يبقى من اسمها؟
والسؤال الأكبر الذي يطرح هنا، هو هل ان كل هذه الاجراءات الانتقامية ضد سورية هي بفعل دورها الممانع والداعم للمقاومة، وخصوصا للمقاومة العراقية عشية الانسحاب الاميركي المقرر من العراق، خصوصا وان هناك معلومات شبه مؤكدة ِأن آخر جندي أميركي سيسحب من العراق في 7 من الشهر المقبل كحد أقصى.
وهل ان الاميركي يستعجل الرحيل والانسحاب من العراق ليستعجل في الوقت نفسه معاقبة سورية على موقفها الداعم للمقاومة العراقية؟
وتقول المعلومات في هذا السياق ايضا، ان المسؤولين الاميركيين السياسيين والأمنيين يفاوضون الآن الجهات العراقية ودولا اقليمية اخرى، للتأكد من ان المقاومة العراقية لن تهاجم قواتهم العسكرية في لحظات انسحابهم من العراق؟
والجواب واضح، فهؤلاء وضعوا أنفسهم في خدمة المشروع الأكبر، المشروع الأميركي الغربي المستمر ضد سورية.
مضاعفات وتداعيات
وفي هذه الأجواء، وإذا ما سارت الجامعة بهذه القرارات، فإن مضاعفات وتداعيات خطيرة يمكن أن تحصل، لا سيما إذا أمعن المتآمرون في مثل هذه القرارات، ومنها قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق والعقوبات الاقتصادية.
وفي هذه الحال، كيف سيكون الموقف في لبنان؟
حسب الأجواء المتوافرة لـ "البناء"، فإن لبنان لن يدخل في مثل هذه المؤامرة، ولن يستجيب سفيره ولن يقفل الحدود، لأن مثل هذه الإجراءات هي ضد مصلحة لبنان وشعبه، قبل أن تكون ضد سورية، وأن اللعب بهذا الموضوع سيؤدي الى مضاعفات خطيرة يفترض أن يحسب لها الجميع كل الحساب.
  

السابق
ثلاث سيناريوهات محتملة للمنطقة في ظل الربيع العربي
التالي
اللواء: ميقاتي لحزب الله: حماية المقاومة بتمويل المحكمة