إيران و«نقيصة» الرَدّ «المنقوص»!

علي الامين
يبدو ان ايران أهرقت كل "ماء الوجه"، الذي حاولت بائسة الحفاظ عليه، من خلال "نقيصة" "الرد المنقوص"، إثر فضيحة "الوقوف على خواطر" أميركا وإسرائيل وأوروبا، قبل المسرحية "السمجة" المكشوفة، التي طلعت بها على العالم، عبر 300 مسيرة وصاروخ، لا تغني غزة ولا تسمن من جوع إسرائيل الى المزيد من الدمار والدماء، مستخفة بعقول شعوبها، قبل الرأي العالمي، لينطبق عليها القول الشائع، "إذا لم تستح فأصنع ما شئت"!

ثمة ما يلامس المهزلة في مشهد الرد الايراني على اسرائيل، بعد استهدافها لمبنى القنصلية الايرانية في دمشق، وقتل عدد من قادة واركان “الحرس الثوري” فيه. ولم يكن غافلا، عن اقل المتابعين لحديث الرد الايراني خلال الاسبوعين الماضيين، الاستجداء الايراني للقوى الاوروبية وللولايات المتحدة، توفير شروط رد آمن، لا يغضب حكومة الحرب الاسرائيلية، عبر اتصالات لوزارة الخارجية الايرانية مع نظرائها في فرنسا والمانيا وبريطانيا، واتصالات غير مباشرة مع واشنطن، وكل الكلام الايراني ان ايران لا تبغي اكثر من رد، يحفظ شيئا من “ماء الوجه”.
الفضيحة او “المسخرة”، بدأت من سلطنة عمان، عندما طلبت ايران قبل اكثر من اسبوع من مسقط، اثناء زيارة وزير الخارجية حسين امير عبد اللهيان، ان تتوسط لها مع واشنطن، لتحقيق مطلبين لعدم قيام طهران برد على تل أبيب وهما:
١- وقف اسرائيل لاطلاق النار في غزة
٢- اطلاق المفاوضات النووية مع واشنطن، والعمل على انهاء العقوبات الدولية على ايران.

الرد الاميركي كان سلبيا، ولم يول هذه المطالب اي اهتمام، فعادت طهران لتطرح اقتراحا آخر، هو ان يجتمع مجلس الامن ويدين ضرب القنصلية الايرانية في دمشق، كثمن لعدم قيامها برد على اسرائيل، كذلك لم يلق الاقتراح الايراني تجاوبا امميا، وهذه كانت الخيبة الثانية للمسعى الايراني، الذي لا يريد التورط في رد على اسرائيل، لا يعرف تداعياته ولا ردود فعل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي طالما تحدث المسؤولين الايرانيين وحلفائها، عن سعي نتنياهو لاستدراج ايران لحرب.

انتقل المطلب الايراني خلال اسبوع واحد من وقف النار في غزة والملف النووي الى ضربة عسكرية لا يكون لها ارتدادات على ايران

لم يعد امام القيادة الايرانية بعد الخيبة الثانية، الا البحث عن سيناريو للخروج من المأزق، فتركز التفاوض المباشر مع الاوروبيين، وغير المباشر مع الاميركيين، على التفاهم على طبيعة الضربة، وبدأ الكلام لدى مسؤولين ايرانيين عن القيام بضربة لا تؤدي الى حرب، عكسته الصحف الاوروبية والاميركية وانتشر على وسائل الاعلام، حيث انتقل المطلب الايراني خلال اسبوع واحد، من وقف النار في غزة والملف النووي، الى ضربة عسكرية لا يكون لها ارتدادات على ايران.

إقرأ ايضاً: بعدسة «جنوبية»..المسافرون عالقون في المطار لا طائرات ولا من «يُطيّرون»!

انتقل الموقف الايراني من الخيبة الى المهزلة، وهو ما قبلت به واشنطن، بشرط ان لا تؤدي الضربة الايرانية الى اضرار وسقوط ضحايا اسرائيليين، ومساء امس ابلغت ايران قبل ساعات عن موعد ردها، واتاحت كل شروط الحماية للاسرائيليين، من استعدادات عسكرية ودعوة الاسرائيليين الى الاحتماء في الملاجئ.

ما حصل يفضح مستوى التكنولوجيا عند ايران في تصنيعها العسكري التي تراهن على الكم والعدد لا النوعية والذكاء مستنسخة نموذج كوريا الشمالية.. ولكن بأبخس الأثمان والأهداف!


في المقابل، اعادت اسرائيل صورة التضامن الاوروبي والاميركي الكلي معها، بعد اهتزازها بسبب حرب غزة، وشاركت فرنسا وبريطانيا واميركا، في اسقاط المسيرات الايرانية والصواريخ البالستية، قبل وصولها لاسرائيل، لا بل طالبت تل أبيب الامم المتحدة، بادانة ايران على ما اقترفته.

اعادت اسرائيل صورة التضامن الاوروبي والاميركي الكلي معها بعد اهتزازها بسبب حرب غزة وشاركت فرنسا وبريطانيا واميركا في اسقاط المسيرات الايرانية والصواريخ البالستية


٣٠٠ مسيرة وصاروخ ارض ارض ايرانية، اطلقت تجاه اسرائيل، وفرت لنتنياهو انتصارا في الداخل الاسرائيلي، كان يحتاجه بقدرته على افشال الهجوم الايراني، كما ساهمت في تبييض صفحته اميركيا واوروبيا، واظهرت عمليا التفاف هذه الدول حول اسرائيل، بشكل لا لبس فيه.


ما فعلته ايران انها اعادت احياء الدعم الدولي الكاسح لاسرائيل، ما يؤمن لها الغطاء الكامل في الاستمرار بتدمير غزة، ويعطيها المسوغ لاي حملة عسكرية داخل لبنان.
ما حصل، أخيراً، يفضح مستوى التكنولوجيا عند ايران في تصنيعها العسكري، التي تراهن على الكم والعدد لا النوعية والذكاء، مستنسخة نموذج كوريا الشمالية.. ولكن بأبخس الأثمان والأهداف!

السابق
بعدسة «جنوبية»..المسافرون عالقون في المطار لا طائرات ولا من «يُطيّرون»!
التالي
إيران واسرائيل بين رد الضربة.. وإستثمارها!