«حزب الله» يَبتز المنظومة..من «الحَاكم» إلى «الصُهر»!

علي الامين
قدر لبنان المشؤوم، ان يقع في براثن منظومة عاتية يتزعمها "حزب الله" لا ترحم من اللبنانيين، إلا من يخدم مصالحها، على شاكلة الحاكم السابق "بأمرها" رياض سلامة، ليتفرع عنها أحد المشمولين بحمايتها، صهر حليف الحزب الإستراتيجي الرئيس ميشال عون، رئيس التيار الوطني جبران باسيل، الذي يسوق شعاراتها البائدة، حاملاً "زوراً" لواء "حماية المسيحيين"، فيدعو الى لقاء في بكركي، ظاهره "وطني" رئاسي وباطنه "محاصصاتي".

ثمة منظومة سياسية، حكمت ولاتزال تحكم لبنان، تتحمل مسؤولية ما آلت اليه اوضاع الدولة ومؤسساتها ومرافقها، فلا احد يذكر اليوم من اطراف هذه المنظومة، حاكم مصرف لبنان السابق رياض السلامة، كمسؤول عن عملية نهب اموال المودعين، ولا المشرف على تهريب اموال المنظومة من لبنان الى خارجه، وتحديداً وسائل اعلام عدة، ولا سيما تلك التي تسمي نفسها “اعلاما مقاوما”، لطالما حملت سلامة المسؤولية، ولكنها ما لبثت ان تعامت عنه، وعن حمايته من القضاء المحلي والغربي.

لم تزل المنظومة التي يرأسها ويديرها “حزب الله”، تدفع لبنان نحو مزيد من الانهيار، ويكفي ان اي ملف فساد او قضايا اجرامية كانفجار المرفأ، او ملف نهب اموال المودعين، او ملف تسييس القضاء، وغيرها الكثير مما يندرج تحت عنوان المحاصصة والزبائنية، لم تجر معالجة اي ملف من هذه الملفات، فيما الوقائع تقول، ان المنظومة مستمرة في سلوكها اللامسؤول تجاه الدولة والدستور والقانون، بل ان ليس لديها ما تقدمه الا المزيد من الشيء نفسه، وباختصار، النهب والتدمير لكل ما هو عام ووطني، من خيارات سياسية واقتصادية، ومؤسسات، وشعب.

لم تزل المنظومة التي يرأسها ويديرها “حزب الله” تدفع لبنان نحو مزيد من الانهيار ولم تحل اي من الملفات كانفجار المرفأ ونهب اموال المودعين وتسييس القضاء

ترسيخ هذه المعادلة وحمايتها، هو دأب اطراف المنظومة وحاضنها، ودفع اللبنانيين نحو الاحتماء بعصبياتهم من قبل المنظومة، اذ يكشف عن تحلل الدولة ومؤسساتها، ويظهر في المقابل، ان اللبنانيين، ولا سيما من قدموا انفسهم، كمشروع انقلاب على منظومة المحاصصة والمافيا، عجزهم عن خلق حالة استقطاب، مرشحة لمنافسة خيار العصبيات، ونزعة الانزواء الفيدرالية او الطائفية.

إقرأ ايضاً: يوم جنوبي طويل..« حزب الله» يستهدف 5 مواقع اسرائيلية!

يقترح رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، لقاءً مسيحياً ترعاه بكركي، يمهد له بنوع من اتهام ل”حزب الله” بالخروج على تفاهم مار مخايل، وهو اقتراح غايته -بحسب باسيل- محاولة تهميش المسيحيين ومصادرة حقوقهم، وهذا ديدن باسيل وحماه منذ اتفاق مار مخايل، اي حقوق المسيحيين، وهذا عنوان اتفاقه مع “حزب الله” وهو اليوم عنوان التهويل بالافتراق عنه. وهو بكل تأكيد شعار يعرف باسيل، الذي نشأ سياسيا في احضان “حزب الله”، انه من الشعارات التي يحبذها الحزب ولا تثير قلقه او تخيفه، بقدر ما اخافته اصوات اللبنانيين التي صدحت في “١٧ تشرين”، لأنها كانت خروجا على قواعد اللعبة التي اتقن حزب الله ادارتها، اي “المنظومة”.

جبران باسيل
جبران باسيل

اقتراح باسيل، او دعوته، فيما هي ترتكز على دور القوى المسيحية وحصتها، فلا بأس، والسؤال الذي سيطرح على طاولة الاقطاب، او المتزعمين في حال التقوا في بكركي، هو حماية مواقع مسيحية في الدولة من سطوة الطوائف الأخرى، وهذا يمكن ان يتفقوا عليه بالشكل، ولا يحرج بقية المنظومة ولا السيد حسن نصرالله او رئيس مجلس النواب نبيه بري، كذا انتخاب الرئيس سيتفقون على ضرورة انتخابه سريعا، ولكن من سيأتي رئيس سيختلفون، وسيتفرج عليهم اقرانهم في الجبهة الاخرى، ويقولون انهم لن يتفقوا، الم يقل لكم الرئيس بري ان مشكلة انتخاب الرئيس هي عند الموارنة؟

لم يكن لقاء قرنة شهوان المسيحي معنيا بمراكز او وزارات او حقوق مسيحية ضيقة كان معنيا بقضية وطنية عنوانها سيادة لبنان

هذه حقوق المسيحيين، التي يجب ان لا تمس، من انتخاب الرئيس الى حاكم مصرف لبنان الى رئيس مجلس القضاء وغيرها من مواقع، هذه وظيفة اجتماع قوى مسيحية في بكركي، وهي على اهميتها الا انها ليست اصل البلاء.

يطرح باسيل هذا الاقتراح، مدركا سهولة تقويض مثل هذا اللقاء، ان لم يكن بالخلاف بين اطرافه، فبقصر اللقاء على مطالب طائفية محقة او غير محقة، بينما السؤال الأهم والمطلوب تقويضه، هو سؤال لبناني عام حمله بطرك الموارنة مار نصرالله بطرس صفير عام ٢٠٠٠ اي السيادة، لم يكن لقاء قرنة شهوان المسيحي معنيا بمراكز او وزارات او حقوق مسيحية ضيقة، كان معنيا بقضية وطنية عنوانها سيادة لبنان، هذه السيادة التي قام باسيل وتياره على تجويفها ولن يتوقف.

السابق
مركز نفايات صيدا..«اللي بيجرب المجرب بيكون عقلو مخرب»
التالي
غارات حربية إسرائيلية وهجمات لـ«حزب الله»..عيترون تتحدى وتُخرج «مناطيع» التبغ!