غزة «تُسقط القناع» عن وجه لبنان.. «الشرنقة» الصهيونية نموذجاً!

تنكشف المزيد من هشاشة الكيان اللبناني، عند مفترق الاستحقاقات الداخلية والإقليمية، لتأتي الحرب على غزة ومشاغلة "حزب الله"، لتُسقط القناع "رسمياً" عن معظم مكوناته، وتُظهر الوجه الأبشع للقصور وانعدام الفاعلية والمسؤولية، والفرقة والطروحات التقسيمية المقيتة، في ظل غياب النخب السياسية الثورية الحقة، والإنزلاق نحو النموذج الديني الصهيوني.

بين التصعيد واللاتصعيد، بين الحرب المحدودة والحرب المفتوحة بين “حزب الله” واسرائيل، يبقى لبنان معلقاً في الهواء، تأخذه رياح الاقليم ذات الشمال وذات اليمين، من دون وجود افق لما يجري، سوى توقع المزيد من الخسائر البشرية والمادية، وفائض من التصدع على المستوى الوطني، ومشهد متماد لغياب الدولة، في السياسة والاقتصاد، وفي الحضور الفاعل على مستوى التحدي الاسرائيلي، وفي استمرار الفراغ الرئاسي المفتوح.

وسط هذه الوقائع، التي تندرج ضمن مسار انكفاء وطني عام، من الطبيعي ان تبرز النزعات الشللية، وتلك التي تتسم بدعوات الانفصال، فضلا عن اللامبالاة، التي عززها ايقاع المواجهة الجارية، والذي جعل العديد من اللبنانيين، وكأنهم غير معنيين بكل ما يجري في الجنوب، طالما ان آلة القتل والتدمير الاسرائيلية، لم توسع من دائرة استهدافاتها، وقصرت قذائفها على “حزب الله”، وعلى قرى جنوبية واخرى بقاعية.

اخطر ما يعانيه اللبنانيون اليوم، هو تراجع في حس المسؤولية الوطنية، والانكفاء نحو مساحات ضيقة، اشبه بالبحث عن خلاص فردي او فئوي، عبر التسليم (الواهم) باستحالة الحلول الوطنية.

الساحة السياسية تفتقد الى حضور لبناني مؤثر، وحركة دؤوبة تقدم البرنامج والخيارات

ثمة شبه غياب لخطاب لبناني، يؤمن بحتمية الخلاص الوطني من جهة، ويقرّ باستحالة الحلول الفئوية او الفيدرالية من جهة ثانية، فمرد هذا، الى ان الساحة السياسية تفتقد الى حضور لبناني مؤثر، وحركة دؤوبة تقدم البرنامج والخيارات، من اجل استعادة نظام المصالح الوطني وتعزيز حضوره، عبر تشكيلات سياسية عابرة للطوائف والمناطق، ومسكونة بهدف الخلاص الوطني وبتقديم ما يلبي التحديات القائمة، سواء في ما تفرضه الحرب الجارية، او في ما يمكن ان يشكل رافعة للهوية الوطنية.

هذا لن يتبلور، من دون رؤى تتطلع الى المستقبل، والى وظيفة لبنان الجديدة في محيطه، بعدما فقد لبنان دوره السابق، والى تثبيت دولة المواطن والمؤسسات، بعيدا عن نزعات المحاصصة والاستئثار والاستقواء، طالما ان تلك النزعات، لم تؤد الا الى خراب عام.

فكرة الخلاص الوطني، لن تتأتى من ارادة خارجية

فكرة الخلاص الوطني، لن تتأتى من ارادة خارجية، قد يساعد الخارج احيانا، لكن شرط تحققها، يتطلب ارادة داخلية، تنبع من تطلعات عبٌر عنها الشعب، في خيار العدالة والدولة والمواطنية، من خلال انتفاضة ١٧ تشرين ٢٠١٩، هذه التطلعات تتطلب وجود نخبة سياسية مؤمنة بها، وقادرة على بلورتها في السياسة والاقتصاد، وفي الوحدة.

يعتقد كثيرون من الخارج والداخل، ان الحرب الجارية بحدودها، بين “حزب الله” واسرائيل، ستستمر وتمتد الى زمن ليس بقصير، ازاء ما جرى ويجري والمخاطر المرتقبة، ليُطرح السؤال، هل ستزيد الشرانق الداخلية وتنغلق كل منها على ذاتها؟

المقاومة اللبنانية الفعلية والعميقة هي في مقاومة النموذج الاسرائيلي

يبقى القول، ان المقاومة اللبنانية الفعلية والعميقة هي في مقاومة النموذج الاسرائيلي، الذي يتمثل في محاولة تعميم صورته الدينية والطائفية او الشرنقة الصهيونية، التي لا تحيا الا بالخوف مما هو خارجها، وبتخويف من في داخلها، من كل ما هو خارج شرنقتها.

السابق
جبهة الجنوب.. جهود سياسية تسابق عمليات حربية
التالي
«تخطى سقف حماية لبنان».. باسيل يُهاجم «الحزب»: خرج من التفاهم!