تبادل الأسرى في غزة..خفايا وعوائق و«تعادل سلبي»!

اسرى اسرائيليين غزة

لن تكون عملية تبادل الأسرى المقبلة عملية شاملة لكافة الأسرى. إذ لا يمكن أن تتخلى “حماس” عن الورقة التفاوضية الوحيدة التي تملكها وذلك، باحتفاظها بضباط وعساكر الجيش الاسرائيلي حتى بلوغ مرحلة التفاوض على نهاية الحرب! هذا من جهة :حماس”، ولكن الجانب الاسرائيلي يسعى لإنهاء الحرب بانتصار واضح وصريح. وهو ما لم يتحقق منه أي شيء جدي وملموس بعد، باستثناء ارتفاع أرقام عداد القتلى والجرحى والدمار في القطاع، وسيكون هذا الانتصار، برأيهم، إما باحتلال كامل لقطاع غزة أو بتوقيف أو اغتيال قادة حماس، وكل ما هو غير ذلك هو بمثابة الهزيمة، وهذا الجانب الاسرائيلي بدوره لن يتنازل كثيراً في أي عملية تبادل. ولن يفرج عن أي من مسؤولي “حماس” أو عن أي من الأسماء والرموز الفلسطينية الكبرى من جهة السلطة، إلا إذا أراد لها أن تلعب دوراً أسياسياً في إدارة المرحلة السياسية المقبلة… في غزة.

مع صعوبات الظروف كافة فإن عملية تبادل ثانية للأسرى تبقى مفيدة لاسرائيل و”حماس” فكل منهم سيحاول احتسابها ظاهرياً بمثابة تسجيل نقاط على خصمه

وتختلف الرهانات بين “حماس” التي ترى لنفسها دوراً سياسياً في مرحلة ما بعد الحرب، وبين الجانب الاسرائيلي الرافض لهذا الواقع رفضاً قاطعاً، كل ذلك، من دون البحث بأي حل نهائي للأزمة، لا بحل الدولتين ولا بأي حل آخر، في حين يميل المجتمع الدولي الغربي، المساند بقوة لاسرائيل، للذهاب الى حل الدولتين، الذي يعتبره ممكناً وضرورياً، ولكن من دون حماس، ومن دون بنيامين نتنياهو!

إقرأ أيضاً: بالصور: شجرة ميلاد علما الشعب «تُعانق» مشاتل تبغ رميش

ما يعني أن فرصة تبادل الأسرى، وإن كانت هامة جداً ل”حماس” لإعادة تنظيم صفوفها، وإن كانت هامة للجيش الاسرائيلي لإعادة قضم قليل من الثقة المفقودة به لدى الرأي العام الاسرائيلي، إلا أن الجيش الاسرائيلي غير راغب في حصول عملية تبادل للأسرى كي لا تتمكن حماس خلال الهدنة من “أخذ النفس”! فهو يراهن على إرهاق مقاتيلها، الذين ليس لهم بديل في المعارك، بعكس التبديل الدائم في صفوف الجيش الاسرائيلي. هذا في وقت يتحول عدد من الأسرى الى قتلى بفعل القصف الاسرائيلي. وستتحول جثامينهم بدورها الى موضوع هدنة أخرى فيما بعد، قد لا تكون بحجم ومفاعيل استعادة جثمان “رون أراد”!

الصعوبة تكمن هذه المرة بعدم اهتمام الجانب الأميركي لعملية التبادل وهو القادر على تحريك دينامية هذا التبادل وبتراجع مستوى “حماس” من الجانب القطري

إذن فإن “حماس” تريد الهدنة وتسعى إليها أكثر من الجيش الاسرائيلي. وعملية التبادل المقبلة، ولو محدودة، ولو مشروطة بوقف كامل للنار، ستشبه الى حد بعيد الهدنة الأولى في الظروف الأمنية والاجتماعية، وخاصة اللوجستية، مع تركيز كبير على الحاجة للوقود، بالإضافة الى الطعام والأدوية. ولكن الصعوبة تكمن هذه المرة بعدم اهتمام الجانب الأميركي لعملية التبادل، وهو القادر على تحريك دينامية هذا التبادل من جهة، وبتراجع مستوى “حماس” من الجانب القطري لتكرار دوره من جهة أخرى، وسط معلومات عن مغادرة قادة حماس لقطر!

ولكن، ومع صعوبات الظروف كافة، فإن عملية تبادل ثانية للأسرى تبقى مفيدة للطرفين، فكل منهم سيحاول احتسابها ظاهرياً بمثابة تسجيل نقاط على خصمه. ولكنها في الحقيقة هي بمثابة تعادل سلبي مرّ لكليهما، مع أفضلية واقعية ل”حماس” بفضل صمودها, و عدم تحقيق الجيش الاسرائيلي لأي من أهدافه بعد!

السابق
بالصور: شجرة ميلاد علما الشعب «تُعانق» مشاتل تبغ رميش
التالي
الجيش يكافح تهريب البشر..إنقاذ 51 شخصاً على متن مركب مقابل شاطىء طرابلس!