«الصدريون» يُربكون انتخابات مجالس المحافظات..والعراق يُراهن على «تحالف الدولة»!

مقتدى الصدر العبادي
بدأت أزمات عدة تتصاعد وتيرتها، مع دنو موعد الانتخابات لعضوية مجالس المحافظات العراقية، في ظل أصوات فاعلة ووازنة، تنادي بضرورة مقاطعة هذه الانتخابات، للحيلولة دون وصول الفاسدين إلى عضوية مجالس المحافظات.

يأتي التيار الصدري في أول قائمة المعارضين للانتخابات، والمشجعين على عدم المشاركة فيها، بل هو العامود الفقري لهذه المعارضة، في ظل اتهامه بالسعي لتسلم حصة الشيعة كاملة في الحكم والسلطة العراقية، عبر اتفاق وراء الكواليس ترعاه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودول أخرى ترتبط بمشروع أمريكي يهدف لسحب البساط من تحت أقدام السلطة الشيعية في العراق، ليأتي ممثلون عن الشيعة مرتهنون لإرادة السنة وبقايا البعث والقوى اليسارية، التي كانت حاكمة قبل سقوط النظام السابق عقب الاحتلال الأمريكي للعراق ..

ويرى مراقبون أن السيد مقتدى الصدر قائد التيار الصدري، قد يقع في خديعة من هذا النوع، فيساهم بعزل ممثلي الشيعة الحاليين لقاء وعود له بتسليمه السلطة كاملة دون الوفاء له، ويشيع انصاره انها سوف تكون مثل خديعة معاوية وعمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري، في تحكيم حرب صفين، فقد يتكرر التاريخ وتعيد التجربة انتاج نفسها، بمسميات جديدة في العراق هذه المرة.

الصدريون يهددون

والمراقب على أرض الواقع، يجد المعارضين للانتخابات يتحركون في الدائرة الشيعية، ويسعون للتأثير سلبا على المرشحين الشيعة والناخبين، وتنشط هذه الأيام في مجموعة من المحافظات العراقية وفي العاصمة بغداد مجموعات، تعمد إلى تحطيم اللوحات الإعلانية للمرشحين، كما تهدد الناخبين والمرشحين الشيعة بالقتل، وينحصر التهديد في مناطق الشيعة دون غيرهم، وتُنسب هذه التحركات للصدريين، مما ينذر بفقدان الشيعة في هذه الجولة الانتخابية، لجزء كبير من تمثيلهم في النظام السياسي المقبل، وبالتالي عدم مشاركتها الفاعلة بنسبة كبيرة في قرارات الحكم والحكومة في المرحلة المقبلة، لأن عضوية مجالس المحافظات هي التجربة التمهيدية، التي من خلالها يتم في مرحلة لاحقة انتخابات أعضاء البرلمان العراقي الجديد، الذي بدوره يحدد هوية الحكومة التي سوف تحكم العراق لسنوات أربع مقبلة، فعدم وجود تمثيل شيعي حقيقي في تركيبة الحكم الجديد، يعني خللاً في التوازن السياسي والاجتماعي وحرمان مكون أساسي من حقه في التمثيل ..

تنشط هذه الأيام في مجموعة من المحافظات العراقية وفي العاصمة بغداد مجموعات تعمد إلى تحطيم اللوحات الإعلانية للمرشحين كما تهدد الناخبين والمرشحين الشيعة بالقتل

فهل سيخسر الشيعة تمثيلهم الحقيقي في الحكم، بمقاطعة انتخابات مجالس المحافظات هذه المرة ، وهل ستقول المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف كلمتها في اللحظات الأخيرة، لتلافي السقوط في هذا المنزلق، الذي يهدد أمن البلاد وينذر بمشكلات لا خلاق لها في المدى المنظور؟

العبادي والحكيم

أما الفريق الثالث، فهو تحالف «قوى الدولة»، الذي يضم «تيار الحكمة»، بزعامة عمار الحكيم، وتحالف «النصر»، برئاسة حيدر العبادي.

إقرأ ايضاً: الفراغ الماروني الثالث..مع وقف التنفيذ!

واذا كان السيد الحكيم يمثل ارث ابائه واجداده الديني والجهادي، الذين قدموا للشيعة عامة والعراقيين خاصة فقهاء ومراجع كبار، اثروا الفقه الشيعي الجعفري، كما قدموا مهجهم وفلذات اكبادهم شهداء في سبيل العراق، ورفع الظلم عنه وعن اهله في عهد حكم البعث الصدامي ، فان الشريك الاخر في لائحة “قوى الدولة”، صنع تاريخه الناصع بنفسه، عندما تسلم الحكم وترأس حكومة وحدة وطنية عامة عام 2014، اثر احتلال داعش لثلث العراق بعد انهيار الجيش العراقي الذي افسده، سوء ادارة سلفه نوري المالكي، وتمكن من اعادة بناء الجيش وطرد تنظيم الدولة الإسلامية من كامل العراق، كما استعاد السيطرة على مناطق، استولت عليها قوات البشمركة الكردية في كركوك وغيرها، خارج حدود إقليم كردستان الشمالي، واعادها الى حضن الدولة، بعد الاستفتاء العدواني الذي قام به مسعود البرازاني، من اجل فصل اقليم كردستان عن العراق.

وبعد ان انقذ العبادي العراق من الافلاس بسبب انهيار اسعار النفط عام 2014، واعلن الانتصار على داعش عام 2017، بدأ ببرنامج مكافحة الفساد، استرجع فيه مليارات الدولارات المختلسة من قبل المسؤولين في الطبقة السياسية الفاسدة، وهؤلاء المسؤلون المدعومون من المليشيات، هم انفسهم عادوا وتحالفوا من اجل عدم تكريس نهج الدولة، وعملوا جهدهم على استبعاد العبادي من العودة للسلطة، خوفا من استكمال نهجه الاصلاحي والقضاء على نفوذهم، وكان لهم ما ارادوا بمساعدة قوى خارجية، لا تريد للعراق الا ان يبقى ضعيفا وهشا، طمعا في بقاء هيمنتها عليه.

بعد ان انقذ العبادي العراق من الافلاس بسبب انهيار اسعار النفط عام 2014 واعلن الانتصار على داعش عام 2017 بدأ ببرنامج مكافحة الفساد استرجع فيه مليارات الدولارات المختلسة من قبل المسؤولين

ومع بدء معاناة العراقيين من أزمة اقتصادية، بدأت تطل من خلال نظام مراقبة البنوك وتحويلات العملة الصعبة، الذي انعكس شحّ في الدولار، خصوصا بعد اصدار قرار يتحظر السحب النقدي والمعاملات بالدولار، اعتبارا من الأول من يناير 2024، فان عيون العراقيين تعود لتتطلع مجددا في انتخابات المحافظات ،باتجاه رئيس الوزراء السابق الدكتور حيدر العبادي، كمنقذ من حالة انحلال الدولة وضعفها، واهترائها الاقتصادي والسياسي.

فهل ينتصر نهج الدولة في وعي العراقيين، ويقترعون في هذه الانتخابات ضدّ من يفقرهم ويضعف دولتهم، لصالح تحالف “قوى الدولة” الذي نجح بالماضي القريب في قهر ارهاب “داعش” وحافظ على مالية الدولة ومصالحها؟

السابق
«حزب الله» يُعيد المُسيّرات الانقضاضية الى مشاهد استهداف المواقع..وينعى مقاتلاً جديداً على «طريق القدس»!
التالي
قصف ليلي ونهاري اسرائيلي على طول الحدود من الناقورة الى عيتا الشعب!