شينكر: تهديد «الحزب» على طول الحدود لإسرائيل أسوأ من 2006

حذّر مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق ديفيد شينكر من “اتفاق وقف إطلاق نار سيّئ في غزة يبقي على قوة حماس”، ودعا إلى “تعلّم الدرس من حرب تموز 2006 في لبنان حيث إنّ قرار مجلس الأمن رقم 1701 لإنهاء الحرب في لبنان ضمِن اندلاع حريق آخر أكثر تدميراً بين إسرائيل والحزب في المستقبل”.

شينكر كتب مقالاً في مجلة “ناشيونال إنترست”، شبّه خلاله موقف الولايات المتحدة في الأزمة الحالية مع ما حدث خلال حرب عام 2006 بين إسرائيل “ووكيل آخر مدعوم من إيران، هو الحزب”. باعتبار أنّه في تموز من ذلك العام، “بعد وقت قصير من اختطاف حماس لجندي إسرائيلي إلى غزة، شنّ الحزب غارة غير مبرّرة عبر الحدود، وهو ما أسفر عن مقتل العديد من جنود الجيش الإسرائيلي وأسر اثنين، وأشعل فتيل حرب استمرّت أربعة وثلاثين يوماً، أطلق خلالها الحزب أكثر من 4,000 صاروخ على إسرائيل، وأسقطت إسرائيل نحو 7,000 قنبلة وصاروخ على لبنان. وبلغت ذروتها بغزو برّي إسرائيلي واسع النطاق لجنوب لبنان فقُتل في المجموع ما يقرب من 160 إسرائيلياً و1,200 لبناني، ونزح نصف مليون إسرائيلي ومليون لبناني”.

يكمل شينكر: كما في الأزمة الحالية في غزة، تعالت الدعوات الدولية إلى وقف إطلاق النار بعد بدء الحرب. وبعد أيام من القتال، عارضت وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك كوندوليزا رايس الإجماع الدولي، وقالت إنّ “وقف إطلاق النار سيكون وعداً كاذباً، إذا أعادنا ببساطة إلى الوضع السائد”. مع ذلك، ومع تقدّم الحرب وتزايد عدد الضحايا في لبنان، اشتدّت الضغوط الدبلوماسية. وكما روت رايس في مذكّراتها التي صدرت عام 2011 بعنوان “لا شرف أعلى” No Higher Honor: “كان المجتمع الدولي ينتقل من اليأس تجاه تزايد الخسائر الإنسانية إلى مرحلة إلقاء اللوم على إسرائيل”. بعد أسابيع من الحرب، التقت رايس نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك عمير بيريتس وأخبرته أنّ “الوقت ينفد” وأنّها “لا تستطيع الصمود” والاستمرار في معارضة وقف إطلاق النار لفترة أطول.

سعت رايس إلى إنهاء الحرب، لكنّها أدركت أيضاً أنّه في غياب “الشروط الصحيحة لوقف إطلاق النار”، فإنّ الحزب “سيحصل على انتصار لعدوانه”. وفي نهاية المطاف، تمّ تضمين شروط إدارة بوش لوقف إطلاق النار في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 الذي وسّع وجوده (سبعة أضعاف تقريباً) وتفويض قوات حفظ السلام الدولية المتمركزة على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية منذ عام 1978 (اليونيفيل)، وكلّفها تسيير دوريات في جنوب لبنان وضمان عدم تمكّن الحزب من إعادة التسلّح. لكن كان ذلك، وفقاً لرايس، “حلّاً غير كامل”، بل مجرّد ترتيب من شأنه أن يؤدّي إلى استقرار الحدود. وكتبت أنّ اليونيفيل كانت “قوة قادرة على حفظ السلام”.

برأي شينكر كانت إدارة بوش حسنة النيّة، لكنّ ثقة رايس بقوات اليونيفيل كانت في غير محلّها. أثبتت اليونيفيل عدم فعّاليتها. واستغرق الحزب خمس سنوات لإعادة بناء نفسه. ومنذ ذلك الحين، قام بتحديث ترسانته بشكل كبير. واليوم، لم يعُد التهديد على طول الحدود الشمالية لإسرائيل إلى الوضع الراهن الذي كان عليه في عام 2006، بل إنّه أسوأ بكثير.

ويعترف الدبلوماسي الأميركي المتخصّص في شؤون لبنان، أنّ أداء إسرائيل “كان ضعيفاً خلال حملتها عام 2006 ضدّ الحزب. لم يكن جيش الدفاع الإسرائيلي غير مستعدّ للصراع فحسب، إذ كان يفتقر إلى المعلومات الاستخبارية والأهداف والتدريب اللازم للمهمة. ويعود شينكر إلى رايس في كتابها التي قالت: “لم يكن لدى قادته فكرة واضحة عن أهدافهم الاستراتيجية”. ونتيجة لذلك، وعلى الرغم من دعم إدارة بوش للدولة اليهودية، خلصت رايس إلى أنّ استمرار القتال لن يحسّن أمن إسرائيل وأوقفت الحرب.

ثم يكمل الباحث المقارنة: “كما في الأسابيع الأولى من حرب عام 2006، بذلت واشنطن حتى الآن جهوداً غير عادية لتوفير الوقت الكافي لإسرائيل لإضعاف قدرات حماس وتدمير أصولها العسكرية في شمال غزة. ومع ذلك، ليس من المؤكّد أنّ إدارة بايدن ستستمرّ في معارضة وقف إطلاق النار، وهو ما يسمح لإسرائيل بالانتقال إلى المرحلة التالية الأقلّ كثافة من العمليات في الجنوب، خاصة إذا تمّ تمديد هدنة تبادل الرهائن والأسرى. ومع استمرار الحرب، ستشعر الإدارة بقلق متزايد بشأن الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين، والوضع الإنساني في غزة، واحتمال اتّساع نطاق الصراع. كما ستكون هناك مخاوف بشأن تأثير تآكل رأس المال الدبلوماسي على بنود أخرى ذات أولوية في جدول أعمال الولايات المتحدة مثل أوكرانيا والتداعيات المحتملة على الانتخابات الرئاسية لعام 2024”.

ويخلص شينكر إلى أنّ “حماس أصبحت مشكلة استراتيجية لإسرائيل. وفي غياب نكسة حاسمة لحماس في هذه الحرب، فسوف تخرج الحركة، مثل الحزب في عام 2006، “بانتصار إلهي”، وستعود غزة إلى وضع 6 أكتوبر، مع عواقب وخيمة على الموقف الرادع لإسرائيل وأزمة ثقة في إسرائيل بسبب عجز الدولة عن الدفاع عن شعبها”.

ويختم بأنّ “الدعم الأميركي للحملة لن يستمرّ إلى أجل غير مسمّى. ومن المحتمل أن يتمّ قياس صبر الإدارة المستمرّ بأسابيع وليس بأشهر. وبغضّ النظر عن الوقت الذي ستستسلم فيه إدارة بايدن أخيراً للضغوط من أجل وقف إطلاق النار، يجب أن تتعلّم الدرس من عام 2006. لقد أنهى قرار مجلس الأمن رقم 1701 الحرب في لبنان، لكن من شبه المؤكّد أنّه ضمِن اندلاع حريق آخر أكثر تدميراً بين إسرائيل والحزب في المستقبل. الدرس المستفاد من عام 2006 هو أنّ وقف إطلاق النار السيّئ، الهدنة التي تترك حماس في مكانها، لن يؤدّي إلا إلى تأجيل الجولة التالية من إراقة الدماء”.

السابق
إرتفاع عدد الشهداء المدنيين الى ١٣.. وإسرائيل و«الحزب» يوسعان دائرة الاستهدافات!
التالي
الألماس الروسي.. «الدموي»!