المجلس الثقافي للبنان الجنوبي يستنكر استمرار العدوان على غزة

المجلس الثقافي للبنان الجنوبي

صدر عن المجلس الثقافي للبنان الجنوبي البيان الآتي:
على الرغم من مرور أربعين يوماً على المجزرة المفتوحة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة وأيضاً في الضفة الغربية، لا يزال العالم بدوله وحكوماته يتفرّج بعين الرضى على تلك المذبحة الرهيبة، التي لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً، حيث يواصل العدو الإسرائيلي قتل الأطفال والنساء والعجّز دون رادع أو أي إجراء يُوقف تلك الجريمة.
لقد أصبحت الكلمات عاجزة عن التعبير عما يحصل. تقف خاشعة عند أسوار الدم المسفوك الذي يزنر غزة ويجعل منها مقبرة جماعية كبيرة، يعمل العدوان على توسعتها كل يوم، من خلال استهدافه حرمة المستشفيات ودور العبادة والمدارس ومراكز الإغاثة وغيرها من الأماكن التي من المفترض أن تبقى بعيدة عن الاستهداف وفق ما يُسمى القانون الدولي الذي على ما يبدو أن إسرائيل لم تسمع به، ولا يعدو عندها سوى حبر على ورق. وهذا ما يؤكّد على أنها طليقة اليدين بغطاء أميركي كامل من خلال الڤيتو الذي يُرفع عند كل مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو لوقف إطلاق النار، وأيضاً إلى تعطيل قرارات الأمم المتحدة التي أصبحت هيئة عديمة الفائدة منتهية الصلاحية.
لم يبقَ شيء بمنأى عن الاستهداف الإسرائيلي، سواءً في غزة أو في الضفة الغربية أو في قرى جنوب لبنان التي شهدت حقولها قصفاً متواصلاً بالقنابل الفوسفورية المحرّمة دولياً والتي نتج عنها احتراق آلاف الدونمات من الأحراج والزيتون المعمر. الأمر لم يقتصر على ذلك، بل تعداه لاستهداف الصحافيين في بلدة يارون بشكل مباشر وللمرة الثانية حيث نجوا بأعجوبة، بعد أن استهدفتهم في المرة الأولى ونجم عن ذلك استشهاد الصحافي في وكالة رويترز عصام العبدالله إبن بلدة الخيام.
غزة المسلوبة والمنتهكة تنزف مثقفيها وشعرائها وفنانيها، إذ ومنذ الأيام الأولى للعدوان، استشهد العديد من هؤلاء منهم الشاعر الشاب عمر فارس أبو شاويش، الذي نعاه الاتّحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيّين، ومنهم الكاتبة والشاعرة والقاصَّة هبة كمال صالح أبو ندى، التي نعَتها وزارة الثقافة الفلسطينيّة. وكانت أبو ندى قد كتبت عبر صفحتها على فيسبوك قبل رحيلها بغارة جوية على منزلها: نحن في غزة عند الله بين شهيد وشاهد على التحرير، وكلّنا ننتظر أين سنكون.. كلّنا ننتظر اللّهم وعدك الحق. كذلك قضت الفنّانة التشكيليّة والمحاضرة الأكاديميّة في جامعة الأقصى الدكتورة نسمة أبو شعيرة، التي استشهدت في خلال ضربةٍ جوّيّة نفّذتها الطائرات الحربيّة الإسرائيليّة على منزلها الكائن في مدينة غزّة.
إضافة لاستشهاد المثقفين والشعراء والفنانين، استكملت إسرائيل جرائمها ضد فلسطين من خلال استهدافها للمكتبات والمتاحف حيث تضرّر متحف القرارة الثقافيّ الذي أُنشئ في العام 1958، إذ تحطّمت معظم أجزاء المتحف من الداخل، وتصدّعت الأسقف، وتهشّم الزجاج الخارجيّ للمبنى التراثيّ.
إن ما يجري على أرض غزة من همجية، يبقى عصياً على التوصيف، ففائض القوة الذي يمارسه الاحتلال بمعية الأساطيل المنتشرة من المحيط إلى الخليج، لا يجد أمامه سوى فائض عجز وضعف عند ما يسمى العالم العربي الغارق عميقاً في أزماته وحروبه الداخلية التي لا تنتهي. لكن كل ذلك لن يستطيع أن يحجب بكاء طفل أو صرخة امرأة، لن يستطيع أن يكتم أنفاس غزة التي ستبقى تتنشق نسيم فلسطين، وستبقى لعنتها تلاحق كل من شارك في تلك المذبحة على مرّ التاريخ.

السابق
«حزب الله» يفشل في «إشغال» إسرائيل.. ودمار غزة خير دليل!
التالي
التمديد لقائد الجيش.. «معارضة» عونية و«برودة» شيعية و«حماسة» درزية!