«الإستثمار» الإيراني في «حزب الله».. غزة نموذجاً!

علي الامين
يظل الإستثمار السياسي اللبناني والإقليمي الإيراني، يتصدر سلم أولويات "حزب الله"، كأحد اهم الأذرعة الإيرانية "المسلولة"، بصرف النظر عن القضية المستجدة، وآخرها تحت "الشعار الممجوج "نصرة غزة"، والتدرجات العسكرية على جبهة الجنوب، والاستفادة القصوى من تداعياتها ونتائجها المحلية والإقليمية.

المخاوف من تدحرج حرب غزة الى حرب مفتوحة مع لبنان، واقع يمكن تلمسه في وجوه اللبنانيين، وفي العديد من المواقف السياسية والشعبية، وعلى رغم الالتزام المعلن من قبل اسرائيل والولايات المتحدة وايران، بعدم الانجرار الى حرب اقليمية او حرب مفتوحة، فان ما يجري في الميدان، وعلى ضفتي الحدود اللبنانية والاسرائيلية، هو اشبه بحرب من حيث النتائج الاجتماعية والاقتصادية.
فمنذ “طوفان الاقصى”، ومع بدء عمليات القصف المتبادل بين “حزب الله” والجيش الاسرائيلي، انحسرت الحركة الاقتصادية على طول الحدود الجنوبية، واقفلت معظم المدارس وهجر العديد من السكان بلداتهم، في ظل غياب شبه تام لأي دعم لصمود من تبقى من السكان.

العمليات العسكرية المتبادلة فضلا عن الخسائر الاسرائيلية البشرية، لم تؤد حتى الآن الى تخفيف مستوى الاجرام الاسرائيلي في غزة

العمليات العسكرية المتبادلة، فضلا عن الخسائر الاسرائيلية البشرية، لم تؤد حتى الآن، الى تخفيف مستوى الاجرام الاسرائيلي في غزة، لا من جهة التدمير الممنهج لقطاع غزة، ولا من جهة الحدّ من وتيرة القتل، الذي لا زالت على حالها ان لم تتصاعد، ولا ساهمت “عمليات الاسناد” لغزة، بفتح المعابر والممرات الانسانية للقطاع.
ازاء هذه الوقائع يبرز السؤال، ما هي المكاسب او الاهداف من وراء عملية القتال في جنوب لبنان من قبل “حزب الله”؟ بالتأكيد، لو أن محور الممانعة بادر الى تنفيذ ما كان يروج له، من شعار “وحدة الساحات”، بتنفيذ هجوم تقوده ايران ضد اسرائيل، بمساندة من الأذرعة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، لكان الأمر مختلفا، ولكن يعلم الكثيرون، ان ايران لن تخوض حربا مع اسرائيل، من اجل غزة او القدس او حركة “حماس” او الفلسطينيين، بل يمكن ان تخوضها دفاعا عن طهران او عن اصفهان، ولطالما كانت استراتيجية ايران الاعتماد على هذه الأذرعة بما لا يضر بايران مباشرة، على أساس ان لبنان مسرح من مسارحها الايرانية، بل “حزب الله” هو “درة تاج” هذه الأذرعة ومصدر قوة ونفوذ، لن تقدمه ايران ايضا على مذبح غزة او القدس.

المشاغلة للجيش الاسرائيلي او المساندة لغزة من لبنان هو الحدّ الأقصى الذي يمكن ان تساهم ايران في تقديمه ل “حماس” ميدانيا


المشاغلة للجيش الاسرائيلي، او المساندة لغزة من لبنان، هو الحدّ الأقصى الذي يمكن ان تساهم ايران في تقديمه ل “حماس” ميدانيا، والغاية هي “مراكمة النقاط” في المواجهة مع اسرائيل، كما وصف امين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله، والمكاسب المنتظرة ايرانيا، ليس في تحقيق انتصار على اسرائيل، او بتوصيف أدق، ليست الغاية الاساسية تحقيق انتصار سياسي للفلسطينيين، بل استثمار المشهد الغزاوي في ترسيخ النفوذ في لبنان، وتثمير التفاهمات الضمنية مع واشنطن في تعزيز دور “حزب الله”، كضامن لهذه التفاهمات ومتطلباتها، على المستوى الامني والسياسي، كما كان جاريا ولا يزال، على مستوى عمليات الترسيم البحري ماضيا، وتحديد الحدود البرية لاحقا.
الاستثمار حزبي سياسي، لا علاقة لمفهوم المقاومة به، بل تبدو الدولة اللبنانية مهمشة ومغيبة الى حدّ كبير، وهو تغييب مقصود من قبل محور الممانعة و”حزب الله”، لأن مقتضى تعزيز نفوذ ايران و”حزب الله”، بل تشريع هذا النفوذ اميركيا، تغييب الدولة وتهميشها، وهو ما تم ويتم منذ سنوات، فعندما نجح “حزب الله” في تطويع المؤسسات الدستورية والقانونية والامنية، عمل على تهميشها وتعطيلها او اضعافها، ومن ثم التحكم بها، وهو سيخرج على اللبنانيين بعد انجلاء مشهد غزة، لمحاسبة اللبنانيين على ضعف دولتهم، وعلى هشاشتها، وعجزها، وسيمننهم بانهم لايزالون على قيد الحياة، بفضل مقاومته وقتاله وحيدا دفاعا عن لبنان.
وايا كانت الخسائر اللبنانية المعنوية والبشرية والمادية، سيظل “حزب الله” و”جوقة الممانعة”، يعتبرون ما هو قائم انتصار، بل انتصار الهي.

وايا كانت الخسائر اللبنانية المعنوية والبشرية والمادية سيظل “حزب الله” و”جوقة الممانعة” يعتبرون ما هو قائم انتصار بل انتصار الهي


في هذا المسار التدميري للبنان، الفكرة والدولة، يمكن ادراك معنى ان شرط الدويلة واستمرارها هو تدمير الدولة، والشرط الاسرائيلي لاستمرار الكيان وقوته، هو اضعاف الدول والمجتمعات المحيطة به، لا بل المكسب المهم في لبنان، ان “يتسيد” حزب او مقاومة، عنوانها مذهبي وارتباطها العضوي بايران، هذه الارض المحاذية التي كانت دولة في زمن مضى، استثمار “حزب الله” هو لبناني خالص، لكن ليس في تعزيز الدولة، بل في الاستقواء والاستعلاء ..اوليس هو الذي قدم الشهداء والتضحيات، وفي رضوخ الآخرين له باسم المقاومة حيناً، وباسم الطائفة احيانا، وباسماء شتى في كل الأحيان.

https://fb.watch/oi9MvSPnto/?mibextid=tUvUA8
السابق
بعدسة جنوبية.. «تأجيل تسريح قائد الجيش».. الجمهورية القوية في عين التينة
التالي
على الهواء مباشرة.. فيديو يوثّق لحظة استهداف للإعلاميين جنوب لبنان!