توجس اقتصادي من «الحرب الجزئية» وامتداداتها وتداعياتها.. والتعافي ليس قبل 10 سنوات!

يعيش لبنان توجس “الحرب الجزئية” التي تدور على حدوده الجنوبية مع القوات الإسرائيلية، بحيث ترتفع حدة الاشتباكات يوميا في تطور للأعمال العسكرية، التي يبدو حتى الساعة انها لن تكون على مستوى الحرب الدراماتيكية الكاملة، رغم “كسر” قواعد الإشتباك الى حد بعيد، المعمول بها منذ حرب 2006 وحتى اليوم.

الا ان هذا الواقع، يقلق جميع اللبنانيين لجهة الانكماش القائم في الاقتصاد أصلا، وفي ضعف المالية العامة، نتيجة عدم إيجاد حلول منذ 3 سنوات للازمة المالية، والتخوف الدوري من انفلات سعر الدولار الأميركي في السوق اللبنانية، بحيث ان تدابير البنك المركزي لا تزال فاعلة حتى اليوم، لكن لا أحد يعلم ما سيكون الوضع عليه، في حال تطورت المناوشات والاشتباكات في الجنوب.

هذا الواقع يقلق جميع اللبنانيين لجهة الانكماش القائم في الاقتصاد أصلا وفي ضعف المالية العامة

ويتأتى التخوف اللبناني بكل شرائحه، من عدم التفاعل الإيجابي مع الحلول الموضوعة، والإرجائيات الدورية للإجراءات الاصلاحية، نتيجة الصراعات السياسية الدائرة، والتي افضت حتى اليوم الى الفراغ الدستوري القائم، على عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وعلى عدم تشكيل حكومة جديدة، تطبق الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي، للخروج من الازمة المالية والاقتصادية في لبنان”.

وحذر خبير مالي إقتصادي عبر “جنوبية” ل “جنوبية” من انه “في ظل الشلل السياسي وعدم القدرة على انتخاب رئيس للجمهورية منذ تشرين الأول 2022، وحكومة تصريف أعمال ذات صلاحيات محدودة، ونفوذ “حزب الله” في البلاد واتساع مشاركته في الحرب، فإن ذلك من شأنه أن يدمر الاقتصاد اللبناني، ويدمر ما تبقى من البنية التحتية بعد 4 سنوات من الأزمات الاقتصادية والمالية الكارثية”.

احتمال حدوث خسارة إضافية في رأس المال بسبب الحرب قد يستغرق أكثر من ١٠ سنوات لاسترداده مما سيؤدي إلى مزيد من التأخير في التعافي الاقتصادي

ولفت الى ان “احتمال حدوث خسارة إضافية في رأس المال، بسبب الحرب قد يستغرق أكثر من ١٠ سنوات لاسترداده، مما سيؤدي إلى مزيد من التأخير في التعافي الاقتصادي، و يمكن أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4% في عام 2023 (مع انكماش بأكثر من 15% في الربع الأخير من هذا العام)، وانكماش كبير بنحو 30% في عام 2024، وسيتسع عجز الحساب الجاري والعجز المالي، وقد تُستنزف الاحتياطيات الرسمية من النقد الأجنبي، وقد تتفكك البلاد”.

وجزم “ان استمرار الوضع على ما هو عليه في نتيجة الانكماش، ستكون له تداعيات اقتصادية أكثر سلبية، من الذي هو عليه اليوم كما انها ترخي بظلالها على الاقتصاد الوطني العام، التي تبدأ بتراجع رغبة المستثمرين بالاستثمار، وتردد وانخفاض في توجه رأس المال نحو لبنان، والتأثر السلبي للاستهلاك المحلي وبسرعة، بسبب شبح الحرب، بغض النظر عن التهافت لتخزين الأساسيات في التموين المنزلي وانخفاض الاستهلاك غير الاولي.”
وبحسب الخبير فان “توقف قطاع الاتصالات والإنترنت، سيكون ضربة قاضية لمن يحاول المواجهة، اذ إن اقتصاد الحرب سيحد من حركة البواخر، ولا سيما بواخر الفيول، التي ستُخفّف ممّا تبقى من تأمين التيار الكهربائي، أكان من شركة الكهرباء المهترئة، أو حتى من المولّدات الخاصة. وستنشأ اسواق موازية جديدة، وسيُعزّز التهريب والاقتصاد الأسود، على حساب الاقتصاد الأبيض، وما تبقّى من الشركات الشفّافة”.

وأكد ان “الانكماش الاقتصادي سوف يؤثر على قدرة الدولة على جباية وتحصيل الضرائب، مما يؤثر على إيراداتها بشكل كبير، فضلا عن فقدان المواطن ثقته بالدولة، و في قدرتها على الحفاظ على الاقتصاد، وكذلك بالمنظومة المالية والنقد الوطني، والذي هو حاليا شبه مدمر كليا في لبنان”.

اقتصاد الحرب يوقف ويجمّد ويهرّب كل المشاريع والاستثمارات الداخلية والخارجية

و خلص الى ان “اقتصاد الحرب يوقف ويجمّد ويهرّب كل المشاريع والاستثمارات الداخلية والخارجية، وفي الوقت ذاته، تُهرّب الأموال والعملات من كل المنطقة، إضافة إلى ذلك، تُجمّد التوظيفات وترفع البطالة إلى آفاق مخيفة، ليس فقط في لبنان بل في المنطقة الشرق الأوسطية ككل، وتُوقف الحركة السياحية ونشاط النقل من المنطقة الساخنة وإليها، فانحدار الثقة بهذا الشكل، ستستمر سنوات لإعادة بنائها، لأنّ الهلع والخوف لا يُنسيان بسهولة”.

السابق
بالصور.. الأوركسترات الوطنية تعود إلى التألّق بعد غياب قسري
التالي
اللجان النيابية تدرس خطة الطوارئ الحكومية