رسالتان الى الموارنة شارل مالك

منى فياض

اعادت جامعة الكسليك نشر كتاب شارل مالك: رسالتان الى الموارنة عام 2010. وارتأيت ان استعيد بعض ما كان قد توجه به الى الموارنة بين عامي 1974 و1980. 
تجدر الإشارة في البداية الى انه كتب الرسالة الأولى، وكان الموارنة لا يزالون الكتلة البرلمانية الأكبر دون ان يجيّر لهم طرف ثالث اصواته عمداً لاختراقهم. 
لاحظت انه بذل جهداً كبيراً كي يوصل رسالتيه الى الموارنة ويحمّلهم مسؤوليتهم الكبرى تجاه لبنان، مع محاولة إرضاء المكونات الأخرى والاشارة اليها كشريك يتمتع بكامل المواصفات والمسؤوليات التي حمّلها للموارنة.  لكنها بدت محاولة عرَضية، وبدا لبنان مسؤولية الموارنة الحصرية الأولى، على اعتبار انه هبة فرنسية لهم كما يؤكدون. 
لقد بذل الموارنة جهدا كبيراً لإيجاده كدولة بالطبع؛ لكن يجب لفت الانتباه ان فرنسا لم توجده كرمى لعيونهم كما يرددون، بل من أجل مصالحها الخاصة في حقبة تقاسمها نفوذ الرجل العثماني المريض مع بريطانيا. والدليل على ذلك سياساتها المنحازة الى حزب الله وإيران، عندما قضت مصلحتها بذلك. ولم تعد الأم الحنون. 
 
ما لفت نظري في مقولات شارل مالك، وأنا أقرأ رسالتيه للمرة الأولى، اعتباره الموارنة شعباً (لأنهم سريانيون) على نفس سوية الشعبين العربي واليهودي. وفي هذا مغالاة وعدم دقة علمية، لأنه أولا يخلط الدين بالقومية كما يفعل اليهود. ثانيا لقد شاركتهم الانتماء الى السريانية، بجذورها الآرامية التي تكلمها اليهود، مكونات عديدة جداً ولا تعتبر نفسها شعباً منفصلاً عن العرب لذلك. ولقد تأثرت اللغة العربية والفارسية والعبرية واليونانية واللاتينية باللغة الأم الآرامية.  
على كل ما يهمني هنا هي الوصايا التي توجه بها إليهم وفرط الموارنة بها وبلبنان، سوى قلة منهم. 
 
يشدد شارل مالك على الحرية كمكون أساسي يجب الحفاظ عليه والا لا معنى للبنان. فماذا فعل الموارنة بالحرية عندما أسلموا قيادهم الى الحزب الحديدي ومن قبل لسوريا ولإسرائيل؟ 
كما اوصاهم بالوداعة على غرار سلوك المسيح. ولقد تحاربوا فيما بينهم ومع الآخرين. 
في رسالته الثانية شدد كثيرا على السيادة والاستقلال التامين وعدم التفريط بهما في سبيل أي قضية او ضغط او إغراء. وسقطوا أمام اغراءات كثيرة وخضعوا للضغوط. 
وطالبهم بالحرص على السيادة ومصادر الحق والحقيقة وعلى الحرية الكيانية الإنسانية الشخصية. فلا معنى للسيادة دون حرية. 
 
كما برفع الغبن عن أي طائفة وإزالة كل حرمان مادي او ثقافي عن أي فئة.  
وأخيرا الحرص على التعاون مع إخواننا في البلدان العربية. 
كل هذا ساهمت المارونية السياسية في القضاء عليه وبالتالي على لبنان. 
 

السابق
بالصور: احتكار قطاع الطيران السوري.. شركة «واجهة» تأتمر من الأسد وعقيلته و«يتربحان» منها!
التالي
املاك رياض سلامة.. بيد الدولة!