النقابية شاهين تواجه بشجاعة تعسف الوزير الحلبي

غسان صليبي

السيدة نسرين شاهين، دكتورة في العلوم التربوية، وإستاذة متعاقدة في التعليم الرسمي الاساسي، قادت تحركات الاساتذة المتعاقدين الاخيرة، اضرابا واعتصاما وتظاهرا.

القاضي عباس الحلبي، وهو وزير التربية، صرف نسرين شاهين من العمل، ردا على نضالها النقابي، فما كان منها الا ان رفعت قضيتها أمام مجلس شورى الدولة، الذي نقض قرار الوزير وطالبه بإعادتها الى العمل. لكن الوزير يرفض حتى الآن تنفيذ حكم المجلس، وعوض عن ذلك لا يتوقف عن مطاردة نسرين شاهين قضائيا بتهم القدح والذم، وآخر مطارداته، استدعائها الى المثول امام المباحث الجنائية.

القضية بهذه البساطة وهذا الوضوح: مناضلة نقابية تواجه تعسف وزير التربية، الذي يريد معاقبتها على نضالها وعلى جرأتها في انتقاد مواقفه وسياساته، وعدم حسن إدارته وشفافيته في أنفاق المساعدات الخارجية للتعليم الرسمي.

نسرين شاهين استاذة متعاقدة، اي تمارس مهنتها بشروط صعبة، نسمّيها “هشّة” في علم اجتماع العمل، اي تفتقر لمكتسبات العمل الثابت، على مستوى الأجر والتقديمات الاجتماعية وديمومة العمل. لكن هذا الموقع “الهش”، لم يمنعها من الدفاع بصلابة عن حقوقها وحقوق زملائها، رغم ما يمكن ان يترتب على ذلك من مخاطر على عملها ومعيشتها.

عباس الحلبي يتمتع بالمقابل بحصانة موقعه كوزير، ويمثل عادة طائفة او حزبا، تجده “يتمرجل” بالمعنى الذكوري للكلمة، على سيدة تمارس حقها بالدفاع عن شروط عملها “الهش”. وزير للتربية، والتربية مرادفة للاخلاق، وقاضٍ سابق، والقاضي يطبق القانون، تجده يصرف تعسفيا أستاذة من عملها في ظروف معيشية قاسية، ويرفض تطبيق حكم مجلس شورى الدولة الذي يطالبه بالرجوع عن قراره.

شروط المواجهة غير متكافئة على الاطلاق بين الكرفين، خاصة في ظروف تسلط اركان السلطة على المواطنين بشكل عام.

غير مفهوم بعد لماذا استدعيت المناضلة النقابية الى المباحث الجنائية.

فهل اصبحت الشجاعة في بلادي جناية، وعلى الخوف ان يحكم قبضته على النفوس؟

وهل اصبح العمل النقابي المستقل جناية، فأحزاب السلطة هي التي يجب أن تقود النقابات وتتكلم بإسم العمال؟

وهل اصبحت المواجهة القانونية لتعسف السلطة جناية، وليس على المواطنين سوى الخضوع لمسشيئتها؟

وهل اصبح وقوف إمرأة بوجه رجل جناية، أكانت الأسباب جندرية او غير ذلك؟

وهل اصبحت جناية، انتقاد إمرأة شابة لرجل مسنّ يسيء استخدام السلطة، لأنه ممنوع على امل المستقبل أن يتحدى بؤس الحاضر؟

عند تبلغها ضرورة مثولها أمام المباحث الجنائية، صوّرت نسرين شاهين فيديو قالت فيه لعباس الحلبي: ” سأمثل أمام المباحث الجنائية وسأواجهك بالقانون. انت فالل وانا باقية وما رح اسكت.”

كلنا نسرين شاهين.

فلنتضامن غدا مع هذه المرأة النقابية الشجاعة، أمام المباحث الجنائية، الساعة العاشرة صباحا.

اليوم يريدون انتخاب رئيس بلا جمهورية، فلنُعِد نحن إحياء هذه الجمهورية، من خلال الدفاع عن حقوق المواطن، مصدر السلطة في هذه الجمهورية. أكان اسم هذا المواطن، وليم نون او نزار صاغية او نسرين شاهين.

السابق
الدولار «الأسود».. هكذا افتتح صباحاً
التالي
بعدسة «جنوبية»: أزعور يُطيح بفرنجية.. و«تطيير» الدورة الثانية