لماذا يُقلق نزار صاغية السلطة ومحامييها؟

غسان صليبي

لم يخطر ببالي من قبل، أن اسأل المحامي نزار صاغية،
لماذا اختار اسم “المفكرة القانونية” للمؤسسة التي يديرها
ويصدر عنها نشرة اسبوعية.

الحّ عليّ السؤال اليوم بعد تعرض الصديق نزار لحملة يقودها رئيس نقابة المحامين، بحجة مخالفته لقانون النقابة
المعدل حديثا، والذي يفرض على المحامي الحصول على اذن مسبق من نقيب المحامين قبل إجراء مقابلات اعلامية.

“المفكرة” بحسب تعريفها في القواميس، هي “دفتر صغير
تُقيَّد فيه المذكرات والأعمال اليوميّة والمواعيد”، وعندما تكون “المفكرة” قانونية تصبح المذكرات والأعمال والمواعيد ذات طابع قانوني.

بمعنى آخر وُضع القانون على جدول الأعمال اليومي
لنزار ورفاقه في “المفكرة القانونية”، هذا القانون الذي يُنتهك يوميا لا سيما من السلطة السياسية ومن أطراف أخرى ذات نفوذ مالي او عسكري او ديني.

“المفكرة القانونية” هي اذا قبل كل شيء تذكير يومي بالقانون وبضرورة احترامه، انها كالمطرقة اليومية
على رؤوس منتهكي القانون، وهذه هي الخطيئة الاصلية
لنزار ورفاقه، والتي فرضت انحناء رؤوس كثيرة أمام القانون،
في قضايا كثيرة من مثل الدفاع عن نقابيي شركة سبينس
وعن اهالي المخفيين قسريا.

صحيح كما يقول نزار أن قرار النقابة يمس بجوهر الحرية،
لكن الأصح القول انه في السياق العام في البلاد، أن ما جعل نزار يخالف قرار النقابة ويجري مقابلة اعلامية بدون إذن مسبق، هو في خلفيته الاعمق دفاعا عن مبدأ فصل السلطات الدستوري، الذي تقوم على أساسه دولة القانون.

ذلك ان قرار نقابة المحامين بضرورة الاذن المسبق قبل إجراء المقابلات الاعلامية، لا يطال نزار صاغية تحديدا ولا علاقة مباشرة له ب”المفكرة القانونية”، بل هو يأتي في سياق أشمل، يشهد السيطرة الكاملة للسلطة السياسية
على السلطة القضائية، ويجب مقاربته من هذا المنظور.

فما يقوم به نزار ورفاقه هو تماما مواجهة لنزعة سيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، حيث تلعب نقابة المحامين دورا مفصليا، مسهلا او معارضا لهذه النزعة،
بحكم موقع المحامي في المسار القضائي.

كل التضامن مع نزار صاغية، في معركة أشمل من مسألة
الاذن المسبق في نقابة المحامين، فالمطروح هو الوقوف
بوجه سلطة استبدادية تتشكل حثيثا، أحد شروط بسط هيمنتها هو القضاء على مبدأ فصل السلطات، الذي يقوم في جوهره على فكرة انه لا يحد من سلطة الا سلطة أخرى،
كما كان يقول مونتيسكيو، وبالنسبة لواقعنا الحالي،
لن يحد من استبداد السلطة التنفيذية الا السلطة القضائية،
بركنيها الاساسيين، القضاة والمحامون.

السابق
اسرائيلي يقترب من السياج الحدودي مع لبنان.. «له هيئة أو مظهر غريب»!
التالي
الدولار الاسود على ارتفاعه.. هكذا اقفل مساءً