إيران والسعودية.. إتفاق «داحس والغبراء»!

ايران الشيعة السعودية السنة

يشير حجم التفاؤل الإيراني – السعودي والمتبادل، بين حلفاء وأتباع الدولتين بطريقة رومانسية، إلى عاشقين مغرومين منذ الولادة، بحيث فاضت كؤوس الحب، لا بين الزوجين فقط، وإنما بين عائلتي وأصحاب العائدين طوعاً إلى سريرهما بعد هجر طويل.

تشعر بحجم التطبيل الإعلامي والسياسي لكلا فرقتي الدولتين، بأن ما فات من صراع دفن أموات بعدد أموات الفتنة التاريخية بين المسلمين، قد مات وبات مشروع ولادة جديدة لأمّة تكتسب وحدتها من جديد .

المألوف أن تبيح الضرورات المحظورات، في ما هو معتمد في الفقة الإسلامي، وهذا ما يجعل كل غريب مألوفاً، مهما كانت أشكال غرائبه

من المألوف أن تبيح الضرورات المحظورات، في ما هو معتمد في الفقة الإسلامي، وهذا ما يجعل كل غريب مألوفاً، مهما كانت أشكال غرائبه، ولكن هناك جملة مقدمات مطلوبة، لقلب الأمور رأساً على عقب، كي يهضم الخصوم شيئًا فشيئًا نغمة الطرب بينهم.

لكن عدم إهتمام أولي الأمر بعوام الناس، يجعل من أي مقدمة توضيحية غاية غير شريفة ومكروهة، طالما أن من بيدهم عقدة الربط والحل، قد اتفقوا على ما اختصموا عليه، وما ضحايا الخصومة سوى ضحايا وهدايا مجانية، كرمى لمرحلة مطلوبة التضحية لأهداف السلطة.

أطال الله عمري الفقيه والملك، طالما أن الرعية ميتة ولا شُغل لها سوى صنعة الجهاد ولبس الأكفان، بقماش شامي وتطريز يمني وتسويق لبناني وتفصيل عراقي.

من يسمع عرب الإتفاق وعجمه، وما صاحوا به زهواً وإبتهاجاً، يشعر أن الأمة تعافت للتو من أسقام التاريخ

من يسمع عرب الإتفاق وعجمه، وما صاحوا به زهواً وإبتهاجاً، يشعر أن الأمة تعافت للتو من أسقام التاريخ، وفتحت طي السجل لحاضر ومستقبل من سنخ الفتوحات.

ليس الرياء لغة كي يجيدها خطباء الخلافة والولاية، بقدر ما هو حيلة مكشوفة لقلة تزدري “إستحمار” البشر، وتتطلع إلى ضرورة أخلاقية، تتيح إتفاقاً دون تهليل وضجيج مفتعل، إحتراماً لمنطق الخلاف وما نتج عنه من خراب أكثر من بصرة، وإلاّ ستُكشف عوراتكم وغاياتكم ومساوىء خلافاتكم، ويتبين مدى اهتمامكم بالحروب كتجارة.

ليس إنعطافاً عنه، بل عطفاً على الإتفاق الإيراني – السعودي، كي يكون له حظوظ الحياة، بدلاً من ترويجه كما يروّج الأفيون لتخدير البشر ليس أكثر، وهذا ما يجعل التوصل إلى التوافق من موقع الخصومة، أكثر أهمية وجدوى، لأن الإتفاق لا يكون بين عنتر وعبلة، ولا بين ليلى وقيس، بقدر ما هو بين داحس والغبراء، وهذا ما يفضي إلى إحترام القائمين والعاملين عليه لأنهم في ذلك يحترمون عقول الناس، من خلال إحترام عقولهم.

يقول إبن المقفع في كليلة ودمنة : ” واعلموا أن الضغائن والأحقاد لها في القلوب مواضع ممكنة موجعة، فالألسن لا تصدق في خبرها عن القلوب والقلب أعدل شهادة من اللسان على اللسان من القلب، وقد علمت أن قلبي لا يشهد للسانك بصدقة ، ولا قلبك للساني” ..

السابق
ائتلاف الديموقراطيين اللبنانيين يلتقي الجميل: لدولة مدنية تسودها العدالة
التالي
نمر صبّاح مبدع فكريّ تربوي كرّمه الاغتراب وتجاهله لبنان