ترشيح نصرالله لفرنجية بـ «قلم رصاص» ورصْدٌ… لِما بعد

نبيه بري وسليمان فرنجية

سيناريوهات ما بعد دعم فرنجية و… قطب مخفية

بقلم رصاصٍ كَتَبَ الأمينُ العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله اسمَ زعيمِ تيار «المردة» سليمان فرنجية بوصْفه المرشّحَ الذي يدعمه للانتخابات الرئاسية، ليطوي بذلك صفحةً من التأييد كانت حتى الأمس القريب بـ «الحِبر السري» وتكتملَ فصولُ إسدالِ الستارة على مرحلة التخفّي خلف أوراق مستورة ونقْلِ استحقاق رئاسة الجمهورية إلى دائرةِ اللعب… على المكشوف.

وتَعاطتْ أوساطٌ سياسيةٌ في بيروت مع مُجاهَرَةِ نصرالله، بعد رئيس البرلمان نبيه بري، بأن الثنائي الشيعي بات يشكّل «العربة» التي تجرّ «حصان» فرنجية الرئاسي، على أنها خطوة في سياقٍ مزدوج: أولاً لـ «ردّ التهمة» عن «حزب الله» بأنه يختبئ خلف الورقة البيضاء في جلسات الانتخاب لتمويه عدم قدرة التحالف الذي يقوده على الاتفاق على اسمٍ واحد، كما للإمعان في رهْن الاستحقاق لأجندته الإقليمية عبر التعطيل المتمادي للدورات الثانية من الجلسات الـ 11 التي عُقدت منذ 29 سبتمبر وصولاً لرفْض بري الدعوة لأي جلسة جديدة ما لم تكن لانتخاب رئيس متَّفَّق عليه أو من بين اسميْن أو 3 مرشّحين من «المُنافِسين الجديين».

اقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»: «الثنائي» يدعم فرنجية و«لا يجرؤ» على إيصاله ..وبري منفتح على«مرشح ثالث»!

وثانياً لاستدراج خصومه في المعارضة إلى الخروج مما يعتبره مناورةً بالإصرار على ترشيح النائب ميشال معوض رغم عدم قدرةِ الأخير على اجتذاب أكثر من 45 صوتاً في أفضل الأحوال، والنزول بالاسم الذي يخبئونه في «الجيْب» أي بدء العمل بما يرى نصرالله أنه «الخطة ب» التي يضعونها.

ولاحظت الأوساط أن نصرالله، الذي قَطع «لمرة واحدة ونهائية» الطريق أمام أي إمكانية لترشّح شريكه في «تفاهم مار مخايل» رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، وإن كان عزا «عزْله الناعم» عن دائرة الترشيح إلى عدم رغبة الأخير في ذلك واقتناعه «عن صواب» بأنه لا يملك فرصة في هذا الاستحقاق، جَعَلَ في الوقت نفسه فرنجية بمثابة «المرشّح الأخير» من 8 مارس الذي يمكن دعْمه بهذه الصفة، وجاعلاً من تأييده رسمياً للمرة الأولى منذ دخول البلاد مدار الانتخابات الرئاسية الخريف الماضي مدخلاً لحوار «فعلى هذا الأساس تفضّلوا ‏أن نناقش ونجادل ونرى إلى أين سنصل».

وإذ اعتبرتْ الأوساط أن من المبكر و«الاستسهال» القفزُ إلى استنتاجٍ بأن إعلان دعم فرنجية هو في إطار إرساء الأرضية لـ «المقايضة» الرئاسية «على رأس» زعيم «المردة» ولا سيما في ظلّ جزم نصرالله بأن نصابَ جلسات الانتخاب في كل دوراتها هو 86 نائباً مسلّماً للمعارضة بحقها في تعطيل النصاب، وفق ما لمّح قادة فيها لمنْع انتخاب فرنجية بـ 65 صوتاً بحال نجح في تأمينها، فهي توقّفت عند موقفٍ حمّال أوجه للأمين العام لـ «حزب الله» عزا فيه اللجوء طوال الفترة السابقة إلى «الورقة البيضاء» إلى «أننا عندما نكتب الاسم على الورقة فهذا يعني التزاماً قاطعاً وجدياً، ونحن لا نناور ولا نمزح ولا نحرق أوراقاً، وكل لبنان جرّبنا على مدى سنتين ونصف بالانتخابات الرئاسية الماضية».

ورغم أن هذا الكلام بدا في جانب منه موجَّهاً إلى باسيل ربْطاً بباب النقاش بين الطرفين الذي كان مفتوحاً حول ترشيح فرنجية واصطدم برفْض باسيل حواراً يرتكز على تبادُل لوائح أصرّ الحزب على ألّا يُسقَط منها اسم زعيم «المردة» من جانب التيار الحر، إلا أن «حزب الله» بدا حريصاً على جعْل خروجه من الدائرة الرمادية في دعم فرنجية مفتاحاً لحوار حول الرئاسة مع الأطراف الأخرى وفق ما عبّر في شكل أكثر وضوحاً أمس نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم بإعلانه «اطرحوا ما لديكم من أسماء ونضع كل الأسماء على الطاولة ونناقش مع بعضنا ونُفاضِل بين الأسماء، ونرى القواسم المشتركة، ونحاول أن نضع خطّاً يُقرّب وجهات النظر».

وأضاف: «عندها من المؤكد أنّه سيتقلّص عدد الأسماء من عشرة إلى ثلاثة، وبعد ذلك إلى اسمين، وقد نصل إلى مكان أنّ مجموعة من الأفرقاء يريدون هذا الاسم ومجموعة أخرى يريدون الاسم الآخَر وعندها نذهب إلى الانتخاب وينجح مَن ينجح ويفشل مَن يفشل».

واعتبرت الأوساط عيْنها أن «حزب الله» بترْكه الباب موارَباً أمام النقاش وتفاديه طرح معادلة «فرنجية أو لا أحد وإلى أبد الآبدين»، ترك مجالاً لسيناريوهيْن: الأول أنه ربما يكون يمهّد الطريق لتسويةٍ في التوقيت المناسب على قاعدة «جرّبْنا وما باليد حيلة»، وفق ما كان سرى عند بداية الاستحقاق من أن الحزب يدعم زعيم «المردة» ولكنه لن يخوض معركته كما فعل مع الرئيس ميشال عون، خصوصاً أن تَفَرُّد الحزب بدعمه من دون «التيار الحر» يحرم فرنجية أكبر «جناحيْن» مسيحيين (التيار والقوات اللبنانية)، ويضع في طريقه «أثقالاً» سياسية وطائفية كبيرة.

والثاني أن يكون الأمر في إطار رمي الكرة في ملعب الآخَرين ونفْض اليد من المسؤولية المزدوجة التي يَجْري تحميل حزب الله إياها، أولاً عن انزلاق البلاد بوتيرة متسارعة نحو الارتطام المميت، وذلك عبر إحالة الأزمة الرئاسية على حوارٍ – متعذّر حتى الساعة – يتشارك فيه الجميع المسؤولية عن الأفق المسدود ويغطّي مرحلة من التطبيع مع شغورٍ رئاسي مديد.

وثانياً عن «الآتي الأعظم» مالياً والذي يُخشى أن يتحوّل «صانع الرئيس» فوق هشيمِ الواقع المعيشي ووفق موازين القوى الداخلية بحيث يكون انهاك الجميع مقدّمةً لإنهاء السِباق الرئاسي بـ«الحصان» الرئيسي للحزب (فرنجية)، ولا سيما أن نصرالله قال إن الحزب ليست لديه «خطة ب» وفق ما كان أسرّ به إلى باسيل في أحد لقاءاتهما الطويلة.

وفيما كانت البلاد مأخوذةً بالمنحى الجديد الداخلي للاستحقاق الرئاسي، ساد رصْدٌ لِما إذا كان الرئيس بري سيوجه دعوة الى جلسة رئاسية، إما يُتَرْجِم فيها الثنائي الشيعي وحلفاؤهما دعْم فرنجية بإسقاط اسمه مكان الورقة البيضاء رغم صعوبة تَصَوُّر حصول ذلك في ضوء رفْض بري أي جلساتٍ فولكلورية جديدة، أو يكون ذلك بمثابة «طُعْمٍ» للمعارضة لعدم تأمين النصاب ربْطاً بتسريبات مبالَغ فيها عن ضمان أكثر من 60 صوتاً لفرنجية وذلك لجّرها لملاقاة دعوة الحوار الذي تحدث عنه نصر الله لكن هذه المرة على الأسماء المكشوفة للأطراف (3 او 4) «فنضع مندوبين لهذه القوى ‏السياسية ويجلسون ويتحاورون، ويمكن أن ‏نصل إلى تسوية فهذا الحلّ الوحيد وليس هناك حل آخر».

وفي موازاة ذلك، اتجهتْ الأنظارُ أمس إلى بدء السفير السعودي في بيروت وليد بخاري حركةً في اتجاه قادة لبنانيين روحيين وسياسيين، بالتوازي مع لقاءات ديبلوماسية يعقدها مع سفراء كان بينها اجتماع تحدثتْ تقارير عن أنه حَصَلَ بالسفيرة الفرنسية آن غريو.

واستهلّ بخاري لقاءاته المعلنة بزيارة بارزة للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، مؤكداً «أن السعودية ليست لديها شخصية معينة تدعمها للرئاسة لكنها تتحدث عن رئيس انقاذي ليس منغمساً بالفساد السياسي والمالي»، كما نقل عنه المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض الذي كشف أيضاً «ان الكنيسة توافق المملكة على المواصفات التي يجب أن يتحلى بها الرئيس».

وأوضح غياض بعد اللقاء الذي استمر نحو ساعة أن «السفير بخاري وضع البطريرك في أجواء لقاء باريس الخماسي (الأميركي – السعودي – الفرنسي – المصري – القطري)، كما أكد دعم لبنان للخروج من الأزمة وضرورة التزامه بدعم خريطة الإنقاذ ومبادرات الدول لإيجاد شبكة أمان».

وأضاف: «المملكة تؤكد ضرورة الخروج بحلّ لموضوع رئاسة الجمهورية، لكنها لا تدخل في الأسماء، إلا أن هناك مواصفات، وهذه المواصفات أحياناً تستبعد بعض الشخصيات».

وإذ أوضح «أن السفير السعودي استعمل كلمة متفائل جداً خلال اللقاء، لأن التفاؤل يفتح أبواب الحلول ويخرجنا من أي حال سلبية نعيش فيها»، نقل تلفزيون «ال بي سي آي» أن بخاري أبلغ الراعي أن «المملكة تحضّ القادة والسياسيين اللبنانيين على تحمل المسؤولية وانتخاب رئيس وإخراج لبنان من الانهيار وضرورة الخروج بحل لموضوع الرئاسة، وهي وضعت الأمر عند الاطراف الداخليين المعنيين حصرا بالموضوع».

وجاءت حركة بخاري غداة تغريدة له بعيد إعلان نصرالله دعم فرنجية اعتُبرت «مشفّرة» وتنطوي على رسائل سياسية – رئاسية وفيها: «ظاهرة التقاء الساكنيْن في الاستحقاقات البنيوية تقتضي التأمل لتكرارها نطقاً وإعراباً، وخلاصة القول هنا: إذا التقى ساكنان فيتم التخلص من أولهما؛ إما حذفاً إذا كان معتلاً، أو بتحريك أحدهما إن كان الساكن صحيحاً».

السابق
أسعار المحروقات ترتفع
التالي
وجيه قانصو يكتب لـ«جنوبية»: ترشيحات رئاسية لتعميق الفراغ