مفاجأة الوثائقي الفرنسي «التحقيق الممنوع».. كشف صفقات أمنية بين اميركا و«حزب الله»!

انتظر اللبنانيون ليلة أول أمس الأحد بث قناة فرانس 5 لتحقيق "حزب الله والتحقيق الممنوع" فيلماً وثائقياً من ثلاثة أجزاء أعدّه المخرج جيروم فريتيل، والصحافية الفرنسية من اصول مغربية صوفيا عمارة، وذلك أملا في الكشف عن معلومات جديدة تفضي الى أدلة جديدة وصريحة تكشف المستور في جريمة تفجير مرفأ بيروت وهي موضوع هذا التحقيق. غير ان النتيجة كانت مخيبة للآمال، رغم الحصول على معلومات جانبية مهمة حول حزب الله تظهر تواطؤ الاميركيين معه لإنقاذ عناصره من الاعتقالات في عدة بلدان أجنبية.

في4 آب عام 2020 دُمّر انفجار مئات الأطنان من نترات الأمونيوم المخزنة في مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت ثلث المدينة، ما أدى الى وقوع مئات القتلى والجرحى. وقد تسبّبت هذه الكارثة بصدمة وطنية، ووجه عدد من السياسيين اللبنانيين الاتهام إلى “حزب الله” وهو الجماعة المسلحة الشيعية التابعة لإيران، التي استتب لها الامر واصبحت تهيمن على القرار السياسي والامني في لبنان في السنوات الاخيرة.

ورغم ضغوط الشارع والمجتمع الدولي، يرفض ”حزب الله” أي تحقيق مستقل في أسباب الانفجار.

مراحل التحقيق والاغتيالات

ويبدأ الفيلم بعرض تاريخ حزب الله الذي تأسس في لبنان مطلع ثمانينات القرن الفائت، الذي يقوده رجال دين شيعة مدعومين من ايران، وبدأ نشاطه العنفي عبر القيام بالعمليتين الانتحاريتين الشهيرتين عام 1983 فدمّر مقر قوات البحرية الاميركية ومقر القوات الفرنسية في بيروت موقعا فيهم مئات القتلى والجرحى.

عرض الفيلم مشاهد حية عن قصف البراميل بسوريا التي تحتوي على نترات ألأمونيوم.

استند الفيلم الوثائقي الى شهادة ورأي عدد من الشخصيات السياسية المعارضة لحزب الله، منها النائب والوزير السابق مروان حمادة الذي تعرّض لمحاولة اغتيال عام 2004، وكذلك النائب أشرف ريفي الذي كان قد شغل وزارة العدل عام 2015، واستقال منها بعد عام احتجاجا على سيطرة حزب الله على الحكومة، كما عرض الفيلم لرأي الباحث لقمان سليم بمسألة تفجير المرفأ قبل اغتيال الاخير بشهور، بالمقابل أجاب نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم على عدد من الأسئلة، نفى فيها مسؤولية الحزب عن هذا الانفجار الكارثي.

تحدث النائب حمادة عن مرحلة خطف الرهائن الاجانب التي شهدتها بيروت وخطف طائرة twA الاميركية، التي قادها القيادي الكبير في حزب الله عماد مغنية (اغتيل مطلع عام 2008 في دمشق)، وهو كان شخصية سرية جدا لا يعرف وجهه أحد، وكان بدأ مرافقا وأصبح يترقى في مسؤولياته حتى اصبح القائد العام العسكري للحزب.

وتابع حمادة ان غزو بيروت من قبل حزب الله في ٧ ايار ٢٠٠٨، كشف ان حزب الله اصبح هدفه السيطرة على لبنان وليس قتال اسرائيل. فهو اصبح يملك المال والقوة يقول حمادة ان لا قيمة عند حزب الله للقوانين.

وأكد حمادة ان الباخرة التي دخلت الى لبنان عام 2013 وافرغت 2700 طن من نيترات الأمونيوم، انفجر منها ٥٠٠ طن والباقي تم نقله الى سوريا، قائلا: “حتى الآن لا احد يريد كشف الفاعل”!

اما النائب اشرف ريفي فقد تحدث عن ظروف اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري، واتهام حزب الله بتنفيذ الجريمة من قبل المحكمة الدولية، وكذلك تحدث عن اغتيال النقيب وسام عيد الذي تمكن بجهوده وفريقه التقني في قوى الامن من كشف الخلية، التي قامت باغتيال الحريري وانها تضم مسؤولين من حزب الله.

اعضاء الشبكة في حزب الله المتهمم بتبييض الاموال وتجارة المخدرات يتمتعون بحصانة امنية اميركية وهم يتنقلون بحرية حاليا ويسافرون لعدد من البلدان

وبعد عرض خطاب امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي قال فيه ان عملية ٧ ايار 2008، هدفها كان منع الفتنه بين الجيش اللبناني وحزب الله، ظهرت مونيكا بورغمان، زوجة لقمان سليم، التي ايدت رأي من سبقها ان ٢٠٠٨ مهدت لايران السيطرة على لبنان بخطة استراتيجية طويلة الأمد، بعدها تم عرض صورة انفجار مرفأ بيروت ومقابلة بعدها للقمان سليم لمحطة العربية، يتهم فيها حزب الله بالتسبب باتفجير، ثم صور اغتيال لقمان، وحديث لزوجته مونيكا تتهم حزب الله بالمسؤولية عن التفجير الكارثي.

ثم يعرض التقرير في الجزء الثالث، مقابلة مع الصحافي الاستقصائي فراس حاطوم، يشرح كيف أبحرت الباخرة التي نقلت نيترات الامونيوم من جورجيا على لبنان، وعن شركة سفارو التي تملكها وشركة جورج حصواني في سوريا، وحصواني حسب حاطوم هو رجل اعمال يلتقي دائما بالرئيس الاسد وعلى علاقة برجال اعمال روس، وعرض الفيلم مشاهد حية عن قصف البراميل بسوريا التي بتحتوي على نترات ألأمونيوم.

كشف التواطؤ بين اميركا وحزب الله!

عميل سابق في مكافحة المخدرات وتبييض الأموال، تحدث عن نشاط حزب الله بافريقيا واتهامه بتجارة المخدراتوأورد اسماء وصور عدد من رجال الاعمال الللبنانيين المقربين من حزب الله على حدّ قوله، والمتهمين بممارسة نشاط تببيض الاموال ومكافحة المخدرات، لصالح الحزب في كولومبيا وافريقيا وأوروبا وغيرها من البلدان ، كما اتهم البنك اللبناني الكندي الذي تم اقفاله عام 2012 بعد فرض عقوبات اميركية عليه ان هذا البنك قام بتبييض مبلغ 5 مليارات دولار لصالح الحزب ، بالمقابل ايضا طهر الشيخ نعيم قاسم في مقطع نفى فيه تورط حزب الله في هذه الاعمال غير الشرعية.

أما المفاجأة غير المتوقعة فكانت على لسان أحد مسؤولي مكافحة المخدرات الاميركيين، الذي كشف انه بعد مطاردة عشر سنوات وصل على فرنسا عام 2013 كي يتسلم من السلطات الفرنسية والتشيكية محمد نوردين وعلي فياض، اللبنانيين المتهمين بتبييض أموال لصالح حزب الله بعد القبض عليهم، غير انه تلقى امرا مفاجئا بالغاء العملية، وقد كان الرئيس الايراني حسن روحاني قد وصل الى فرنسا، ليعلن عن موافقة ايران على بدء المفاوضات النووية مع الدول الغربية، عندئذ وحسب قول هذا المسؤول تم إبلاغه من قبل مسؤوليه بإلغاء العملية وعاد خالي الوفاض الى اميركا، وعلم بعدها انه تمّ الافراج عن علي فياض في تشيكيا وتم تسليمه للسلطات اللبنانية، مبديا المسؤول الامني الاميركي دهشته من هذا التواطؤ غير المنطقي، بين واشنطن وحزب الله على حساب جهوده وجهود فريق عمل عشر سنوات، لالقاء القبض على هذه الشبكة، فتم الغاؤها بلحظة لصالح صفقه سياسية مع ادارة الرئيس الاميركي الاسبق باراك اوباما.

ويزيد المسؤول الامني الاميركي السابق بقوله، ان اعضاء الشبكة اياها المتهميم بتبييض الاموال وتجارة المخدرات، يتمتعون بحصانة امنية اميركية، وهم يتنقلون بحرية حاليا، ويسافرون لعدد من البلدان، وانه يمنع القبض عليهم بأمر من القيادة الاميركية!

وبهذا يظهر في نهاية الفيلم الوثائقي الذي فشل في تقديم معلومات جديدة حول تفجير المرفأ، ان مطاردة حزب الله من قبل الاميركيين، هي من اجل استثمارها سياسيا وعقد صفقات معهم ومع الايرانيين وفرض عقوبات طويلة الامد لابتزازهم سياسيا وترويضهم، وليس للقضاء عليهم عسكريا ومعاقبتهم امنيا، بما يكشف انتهازية سياسية من الطرفين، مضمونها عداء ظاهر وتعاون باطن للابقاء على التوازنات السياسية الحالية في المنطقة.

السابق
احذروا.. خريطة تحدد مواقع المباني المضرر هيكلها جراء إنفجار ٤ آب!
التالي
الروائية اللبنانية دلال زين الدين.. خطفها زلزال تركيا و«يبقى الحب الأجمل ولو كذبة»!