هل «يثور» القضاء قبل لجوء اللبنانيين الى «محاكم عرفية»؟!

قضاء

يمكن للقضاء اللبناني أن يعيد أموال المودعين أو معظمها في أيام قليلة، ويمكنه أن يحقق العدالة في قضية تفجير المرفأ، وفي قضايا أخرى، إذا ما قرر ذلك، إلا أنه مصر أن يلعب دور الضحية.
السلطة السياسية تدين نفسها في قضية تفجير بيروت، والقضاء، بمجلسه الأعلى، يخضع لها ويحقق مشيئتها، بمحاولة إزاحة القاضي طارق بيطار عن الملف بسبب عدم القدرة على “ترويضه”، بعد إزاحته القاضي فادي صوان من قبله. القضاء، بمجلسه الأعلى، هو المسؤول عن فقدان التوازن في “ميزان” العدالة، وهو المسؤول عن تحويل العدالة من “عمياء” الى مشلولة، وبحالة الكوما والموت السريري!

السلطة السياسية تدين نفسها في قضية تفجير بيروت والقضاء بمجلسه الأعلى يخضع لها ويحقق مشيئتها

في الواقع، يمكن أن تنتهي معظم المشاكل المالية والاقتصادية والاجتماعية في لبنان بقرارات قضائية. وما لا يشعر به من خطر في تغييب القضاء العدلي لنفسه، هو أن يتجه الشعب اللبناني يوماً، قد لا يكون بعيداً، نحو محاكم عرفية لملء الفراغ، فمِن قتل ضحايا تفجير بيروت مرتين، الى تحويل أموال وأرزاق وودائع اللبنانيين الى “مال سايب” لسارقي الدولة من سياسيين ومصرفيين وتجار ومتعهدين ينهبون أموال الناس، الى إدارة بالية للملفات والى إطالة وقت ببطء قاتل للعدالة… كلها تسهم في تفكك الدولة. كل ذلك، بمعزل عن سلاح حزب الله ورفضه المساهمة في “بناء الدولة”، وبمعزل عن الأداء الكارثي للطبقة السياسية.

يمكن أن تنتهي معظم المشاكل المالية والاقتصادية والاجتماعية في لبنان بقرارات قضائية

فهل تُبقي النيابات العامة نفسها رهينة سياسيين لا سلطة لهم عليها، في حين يريد اللبنانيون القضاء سلطة معادلة للسلطتين التشريعية والتنفيذية. سلطة تتحرك ولا تنتظر، سلطة تقرر وتنفذ، تستدعي وتحاكم، تحقق العدالة وتحافظ على حقوق اللبنانيين والمقيمين.

متى يلعب القضاء دوره في خلاص اللبنانيين وإلى متى تُبقي النيابات العامة نفسها رهينة سياسيين لا سلطة لهم عليها في الواقع إلا في أذهانهم؟

كثيرة هي المظاهرات والاعتصامات والتحركات، أمام قصر العدل في بيروت وأمام قصور العدل في لبنان التي نظمها الناشطون (وقد ساهمت شخصياً بتنظيم العديد منها) الهادفة لتحقيق استقلال القضاء. ولكن القضاء بعدم إدانته سرقة المصارف والسياسيين للمودعين ووقفها فوراً، وفرض إعادة أموال المودعين بالدولار والعملة المناسبة، وبعدم تصديه للتلاعب بالدولار، وبعدم تصديه لتحويل الزعماء والمصرفيين والتجار الجرمي لأموال المودعين الى الخارج، وبعدم توقيفه لتعاميم مصرف لبنان المجرمة.. وجد نفسه ضحية مالية كباقي اللبنانيين.

متى يلعب القضاء دوره في خلاص اللبنانيين، وإلى متى تُبقي النيابات العامة نفسها رهينة سياسيين لا سلطة لهم عليها في الواقع إلا في أذهانهم؟، فاللبنانيون لا يرون حلاً لمشاكلهم ولمستقبلهم من دون قضاء مستقل يلعب دوره كسلطة معادلة للسلطتين التشريعية والتنفيذية. سلطة تتحرك ولا تنتظر، تقرر وتنفذ، تستدعي وتحاكم، تحقق العدالة وتحافظ على حقوق اللبنانيين والمقيمين. فهل يثور القضاء على الطبقة السياسية.. وعلى نفسه؟!

السابق
باسيل: لا يمكن أن يكون لبنان بلداً للتوطين.. ورسالة الى المجتمع الدولي!
التالي
الشاعرة ليلى عساف تستحضر عبر «جنوبية» مدينتها صيدا.. «قولاً وقالباً»!