رحيل «أبي المستعربين الفرنسيين» أندريه ميكيل

اندريه ميكاييل
فقدت الثقافة العربية شخصية ثقافية مثيرة للحضور والجدل، بل فقدت ركناً ثقافياً غربياً، كرّس ثقافته ومعرفته للغة العربية، وتوغل عميقاً في مناجمها وكنوزها الأدبية التراثية.

عاش قرابة القرن، وعن عمر 93 عاماً، رحل اليوم ٢٨ كانون الأول الكاتب و المترجم و المؤرخ الفرنسي أندريه ميكيل،المعروف بأنه أب المستعربين الفرنسيين، وصديق الثقافة العربية .فقد ارتبط اسمه بترجمة الكتاب الشهير “ألف ليلة و ليلة”، إلى جانب ترجماته ودراساته في الادب العربي والتاريخ و الجغرافيا العربية.

فمن هو الراحل الكبير؟

أندريه ميكيل من مواليد 26 سبتمبر 1929 ،بدأ شغفه بالعالم العربي عام 1946 على إثر رحلة قام بها إلى شمال إفريقيا ، التحق بعدها بمدرسة المعلمين في باريس و تخصص في اللغة والثقافة العربية.

تنقل بين العديد من المدن العربية: بيروت ، دمشق و القاهرة.

مسيرته الثقافية حافلة بالانجازات،إذ أصدر مجموعة كبيرة من الكتب والدراسات والترجمات، منها كتابه “الجغرافيا البشرية للعالم الإسلامي حتى القرن الحادي عشر” بأجزائه الأربعة ، كتاب “الليالي” تناول فيه قصّة الصداقة القوية التي جمعته مع المفكّر والكاتب الجزائري الكبير جمال الدين بن شيخ، وترجم إلى الفرنسية “ألف ليل و ليلة” ،”كليلة و دمنة” ،” ديوان مجنون ليلي”، إضافة إلى دراساته حول الأدب العربي القديم و التاريخ و الجغرافيا العربية.

شغل الراحل منصب مدير معهد لغات الهند والشرق وشمال إفريقيا وحضاراتها في جامعة باريس الثالثة

شغل الراحل منصب مدير معهد لغات الهند والشرق وشمال إفريقيا وحضاراتها في جامعة باريس الثالثة.
انتُخب أستاذًا لكرسي الأدب العربي في الكوليج دي فرانس عام 1975.

اختير عام 1984 مديرًا للمكتبة الوطنية في باريس، وكانت المرة الأولى التي يُختار فيها أحد المتخصصين في الدراسات العربية والإسلامية لهذا المنصب الرفيع.

كرّس الراحل حياته لخدمة اللغة العربية وآدابها منذ أن قرأ الآيات القرآنية واكتشف فيها طاقة إيحائية ورمزية لا نظير لها.فمنذ سنواته المبكرة تعلق باللغة العربية ودرسها في كل من القاهرة ودمشق.

كما تميّز بتواصله مع الطلبة العرب الذين قدموا إلى باريس، طلبا للعلم والتنوير.وقد تخرج العديد منهم على يده، فكان شغوفًا بدراساتهم وأبحاثهم، ويجادلهم فيها ويتبادل معهم الأفكار.

إقرأ ايضاً: نبيل قدوح و رحلة 55 عاماً «كاريكاتورياً»!

اشتهر بتواضعه الكبير فكان كثير اللقاءات بالعرب من المغرب والمشرق وخاصة في المقاهي المنتشرة حول جامعة السوربون.
عمل في وزارة الخارجية كمستشار ثقافي لفرنسا في مصر عام 1961 وتولى تدريس الأدب العربي في الجامعات الفرنسية منذ سنة 1968.

كما أصدر في مراحل لاحقة مجموعة من الكتب أبرزها: “العالم والبلدان: دراسات في الجغرافية البشرية عند العرب” و” موسوعة جغرافية دار الإسلام البشرية” وكتاب المقدسي «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم» ومختارات من الشعر العربي ، بالاضافة الى ترجمة ابن المقفع وأشعار قيس بن الملوح وبدر شاكر السياب، وعشرات الدراسات والمقالات حول الأدب العربي والإسلام في المجلات والدوريات الفرنسية.

من أقواله:

اهتم بشكل خاص “بمجنون ليلى”، واعتبر قيس بن الملوح “ظاهرة في أدب العشق”، وترجم أشعاره وحلل شخصيته وقارنها بما يقابلها في الأدب الفرنسي، جاعلًا من هذا العمل قمة في العشق الروحاني الصوفي.

كتب الراحل: “إن العرب كانوا سادة العالم لمدة قرن ونصف، من القرن السابع حتى منتصف القرن الثامن”.

السابق
جائزة هاني فحص مناصفة «للمجلس الثقافي للبنان الجنوبي» و«برج اللقلق المجتمعية في القدس»
التالي
معرض الفنان علي شمس الدين «خارج المكان والزمان»!