نبيل قدوح و رحلة 55 عاماً «كاريكاتورياً»!

نبيل قدوح
يتوهج مداد ريشة نبيل قدوح ، الذي ما يزال يحجز مساحة وافرة ، من رسوم الكاريكاتير ، على صفحة اخيرة ، في جريدة ورقية يومية، ورسومات للاطفال وملصقات، صارت مصاحبة لفترات من العمل السياسي في لبنان، يمتد من أواخر ستينيات القرن الماضي، تحفظها أجيال بكاملها، وتتماهى معها، كونها ما تزال تدغدغ انتماءاتهم الحزبية والحنين إلى تلك المراحل.

ابن بلدة تبنين الجنوبية، الذي اجتاز النصف الأول من العقد السابع، هو واحد من أقدم رسامي الكاريكاتور في لبنان، يغرد اليوم بريشته ، باندفاعة تشبه بداياته، التي انطلقت فعليا في العام ١٩٦٨ في جريدة الهدف، وكان يرأس تحريرها جودت الهاشم، تنقل بعدها في جريدة الجريدة واليوم ونداء الوطن وغيرها، وانضم إلى جريدة السفير ، عند انطلاقتها العام ١٩٧٤، حيث عمل جنبا إلى جنب وفي مكتب واحد مع الروائي والرسام الشهيد ناجي العلي، فتولى قدوح متابعة الحوادث والأحداث اللبنانية، معبرا عنها برسوم الكاريكاتير الناقدة والساخرة ، بينما تولى العلي متابعة الأحداث العربية والدولية.

لم يبق احد من جيل نبيل قدوح ( بيار صادق، ستافرو جبرا محمود كحيل، ملحم عماد، جان مشعلاني، نيازي جلول وغيرهم ) فيستمر قدوح في التعبير عن حالة الوطن، من خلال رسوماته على صفحات جريدة الشرق البيروتية، ورسومات الأطفال والملصقات الاحب إلى قلبه، وخاصة الملصقات، التي فيها روح المقاومة، لا سيما مقاومة النسوة في الجنوب إبان الاحتلال الاسرائيلي في فترة الثمانينات.

قدوح: اتماهى مع قناعاتي في رسومات الكاريكاتير المعبرة عن أحوال الناس كذلك الملصقات السياسية ورسومات الأطفال الصادرة في مجلات متخصصة

حمل نبيل قدوح اوجاع الجنوب، بواسطة ملصقاته ولوحاته إلى أميركا وإسبانيا وفرنسا وكندا وسواها ، فنظم فيها معارض متنقلة، لكنه لم ينل اي وسام، سوى ١٧ وسام من الدعاوى القضائية، التي رفعت عليه من سياسيين على خلفية رسوم الكاريكاتير.
يفخر نبيل قدوح، الذي احتفل مؤخرا بكتاب يتضمن رسومات وملصقات اعده الزميل علي مزرعاني، وقدم له الروائي والرسام عبد الحليم حمود ، بمسيرته المتواصلة منذ اكثر من خمسة وخمسين عاما.

إقرأ ايضاً: بعد «عراضة» سلامة وفياض والمصارف..شركات النفط تبتز اللبنانيين و«تنتصر»!

ويقول قدوح ل “جنوبية”، “انني اتماهى مع قناعاتي في رسومات الكاريكاتير، المعبرة عن أحوال الناس، كذلك الملصقات السياسية ورسومات الأطفال الصادرة في مجلات متخصصة، ومنها سامر وبلال والجندي الصغير والعربي الصغير واحمد، إلى جانب عشرات القصص المصورة للأطفال الصادرة في لبنان والعالم العربي.

قدوح: القارئ في غالب الأحيان يبدأ من رسم الكاريكاتير قبل قراءة عناوين الجريدة فالكاريكاتير هو فن الصحافة المعاصرة

يقر قدوح ب”تراجع رسوم الكاريكاتير ، مع غياب الصحف الورقية، واجتياح الاعلامي الإلكتروني”، مؤكدا ان “الكاريكاتير ، هو أهم ما في الجريدة، كونه يلخص الحدث السياسي او الاجتماعي أو الاقتصادي، بطريقة مبسطة وسلسة التلقي”.

ولفت قدوح الى ان “القارئ في غالب الأحيان يبدأ من رسم الكاريكاتير قبل قراءة عناوين الجريدة، فالكاريكاتير هو فن الصحافة المعاصرة”، مشيرا الى “احجام الكثير من الصحف الورقية المتبقية في لبنان ، عن اعتماد رسومات الكاريكاتير”.

وأكد معد الكتاب علي مزرعاني ان “هذا الكتاب المتخصص، هو رحلة في ارشيف الصحف، التي زين بها نبيل قدوح صفحاتها برسوماته، على مدى نحو ستة عقود، وكان حصاد هذه الرحلة العثور على كنوز مطمورة ومهملة، تم إعادتها إلى الضوء لتكون شاهدة على مرحلة تاريخية مليئة بالأحداث والتطورات السياسية خاصة بين العامين ١٩٦٧ و١٩٨١، حتى تبقى بمتناول الأجيال”.

السابق
حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: التغيير في لبنان بين المنتظر والمرجأ
التالي
روسيا والصين: صديقتا العرب وحليفتا إيران وإسرائيل