6 سنوات عجاف.. لبنان يُسدل الستار على عهد الإنهيار والفراغ

ميشال عون
قلب عهد ميشال عون لبنان رأساً على عقب على المستويات السياسية والإجتماعية والإقتصادية، فحوّل البلد الى "جهنّم" ينتظر المواطنون المكتوون بنارها الى الخروج من نفقها مع اسدال الستار عن ولاية امتدت منذ 31 تشرين الثاني من العام 2016، تاريخ بدء مرحلة هي الأسوأ في رزنامة وطن دفع غالياً ثمن شغف المصالح الخاصة والتسويات التي نخرت بهيكله فأردته مع شعبه الى القعر.

يلفظ اللبنانيون آخر أنفاسهم مع نهاية 6 سنوات عجاف اختبروا خلالها مع العهد “الجهنمي” كل الويلات، ويُمنّون أنفسهم في أن يكون القادم أرحم مما عايشوه منذ اقتناص عون لفرصة إقليمية معيّنة، دعّمها بتحالفه مع “حزب الله”، واللعب على تطويع معارضيه من خلال التسوية الرئاسية مع “القوات” و”المستقبل”، ليصل الى سدّة حكم “فارغ” من الإنجازات و”متخم” بالتعطيل والفراغ.

وصلت شظايا الحكم العوني الخاضع لتوجيهات “حزب الله” لتنسف العلاقات العربية والدولية


استهل العهد انطلاقته بإقرار قانون الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب والتشكيلات القضائية والديبلوماسية، وإنجاز قانون جديد للانتخابات، كما الموافقة على عرض لاستكشاف وإنتاج النفط والغاز، إلا أن تباشير الأزمات بدأت تلوح بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري والمواجهة مع السعودية، لتتوالى بعدها الانهيارات المصحوبة بالفراغ، فالتعطيل كان ميزة العهد، في ظلّ وجود 5 حكومات تصريف أعمال، وتكليفات واعتذارات ومناكفات رافقته حتى آخر أيامه وحالت دون نتائج ملموسة وفاقمت الوضع على مدار ولايته، بفعل خلافات مع مختلف الأطراف الداخلية، ووصلت شظايا الحكم العوني الخاضع لتوجيهات “حزب الله” لتنسف العلاقات العربية والدولية، التي بلغت حدّ القطيعة مع دول الخليج، وكذلك مع الدول الغربية، لاعتبارها أن لبنان بات مستعمرة ايرانية ولا يملك حرية القرار.

توالى مسلسل الإنهيار في ولاية “مشؤومة” فتكت بالدولة فيما الفقر والجوع طرق كل الأبواب وتأمين لقمة العيش بات هو “الإنجاز”


اتّسم عهد عون بأسوأ أزمة اقتصادية مرّت على لبنان حيث انهار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار من 1500 ليرة الى 42 ألف ليرة، مصحوبة بتحليق أسعار المواد الغذائية وفقدان الكثير منها، بالإضافة الى انقطاع في اللدواء.
غرق اللبنانيون في ظلمة”أيام سوداء” بعد أن وصلت التغذية الكهربائية حدود الصفر، وتحكّم أصحاب المولدات الخاصة بالناس الذين باتوا يومياً على موعد مع طوابير الاصطفاف أمام محطات الوقود والأفران والصيدليات في مشهد اذلال لم يختبروه بقاسوته حتى إبّان الحرب.
توالى مسلسل الإنهيار في ولاية “مشؤومة” فتكت بالدولة، فيما الفقر والجوع طرق كل الأبواب وتأمين لقمة العيش بات هو “الإنجاز”، ووصلت الأزمة لتطال جوازات السفر، وامتدت القيود لتطال أموال المودعين الذين خسروا بفعل اسعار الصرف المتعددة وقيود المصارف التي لا تزال محور صراع يومي مستمر واشكالات متنقلة.
بين تداعيات جائحة كورونا، مروراً بثورة 17 تشرين، وصولاً الى تفجير مرفأ بيروت وتمييع التحقيقات والتدخل بعمل القضاء، توالت الاعتراضات على غياب حلول بقيت في مهب الدراسات، على وقع تظاهرات احتجاجية وقطع طرق، وتخلّف لبنان للمرة الأولى في تاريخه، عن تسديد المستحقات من سندات اليوروبوند، وتوالت الخسائر القطاع التجارية أقفلت العديد من المؤسسات وارتفعت نسبة البطالة إلى 44 % ، كما سُجلت هجرة للعديد من أصحاب الكفاءات، فيما دفعت مرارة العيش في جهنم العهد الكثيرين الى خيار الهروب عبر مراكب الموت التي خطفت أرواحاً دفعت ثمن اهمال ومتاجرة بالإنسان في زمن البحث عن طوق نجاة وخلاص لو على حساب الحياة.

يطوي العهد صفحات من فشل وخيبات لن تمحوها تهليلات المناصرين ولا تغطيات الحلفاء


لم يمر العهد من دون أن تكون نهايته مشابهة لما كانت عليه أيامه السوداء، فعلى وقع توزيع الأوسمة لشخصيات ساهمت في عملية “تلميع” غير مجدية لصورة حقبة سيلعنها التاريخ باعتبارها الأحلك على اللبنانيين، ليكون ختام الإنجازات المزعومة، ابرام اتفاق رسمي بترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل بوساطة أميركية، ساهم خلاله الفريق الحاكم بدعم من حليفه “حزب الله” بالتنازل عن جزء من حدوده البحرية لصالح اسرائيل، بغية التغني بانتصار ممزوج بالهزيمة ستبقى “وصمة” على صدور من باعوا الوطن مقابل حفنة مصالح ومكاسب .
بين انتشار الكوليرا وفتح ملف عودة النازحين، يطوي العهد صفحات من فشل وخيبات لن تمحوها تهليلات المناصرين، ولا تغطيات الحلفاء على ممارسات تركت ندوباً في الأرواح، علاماتها واضحة في كل بيت يئن أفراده جوعاً، وعباراتها لا تزال على جدران الشوارع والأحياء، فالذاكرة لا تنسى، واللبنانيون ينتظرون ملهوفين لوداع “عهد الجنرال” بلا أسف.

السابق
عودة الدفعة الثانية من النازحين… الحجار: غير راضين عن وجودهم!
التالي
هدد بقتل نفسه وقتل الموظفين.. اقتحام جديد لاحد المصارف!