الرهان على عامل الوقت.. إما حكومة بشروط باسيل وإما الفوضى!

جبران باسيل

يواجه لبنان أسبوعا حاسما، لاسيما على مستوى تشكيل حكومة جديدة تغطي الشغور الرئاسي المنتظر مع اقتراب نهاية ولاية ميشال عون، وفشل الفرقاء للمرة الرابعة في انتخاب رئيس للجمهورية.

وتقول أوساط سياسية ل”العرب اللندنية” إن جميع المؤشرات توحي بأن الوساطات لحل أزمة التشكيل الحكومي قبل الحادي والثلاثين من تشرين الاول الجاري تبدو سلبية في ظل إصرار رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على التصعيد وتعمده ابتزاز الأطراف المقابلة بالموافقة على شروطه، أو التلويح بفوضى دستورية.

وتوضح الأوساط أن باسيل الذي يدرك عجزه عن بلوغ بعبدا يسعى للحفاظ على نفوذه من خلال تشكيل حكومة يكون فيها الطرف القوي القادر على التأثير في مجريات العملية السياسية والتحكم فيها، وفي هذا الإطار يصر رئيس التيار الوطني الحر على إدخال تعديلات على التركيبة التي سبق وأن تقدم بها رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي.

وتشير الأوساط نفسها إلى أن باسيل يراهن على ضغط الوقت لإجبار القوى السياسية ولاسيما فريق الثامن من آذار الذي ينتمي إليه للاستجابة لمطالبه، غامزا إلى إمكانية اتخاذه لخطوات غير منتظرة، كأن يوقع عمّه عون قبل مغادرة بعبدا على مرسوم استقالة حكومة “معا للإنقاذ”، وإعلان الفريق الموالي للعهد عن وقف نشاطاته الحكومية، الأمر الذي سيضع البلاد في أزمة دستورية.

وكان باسيل قالها صراحة “إذا لم تتشكّل حكومة جديدة فنحن ذاهبون إلى أبعد من فوضى دستورية واجتماعية”.

وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية، أبدى ميقاتي تفاعلا إيجابيا وحرص على تذليل الخلافات مع الرئيس عون، لكن جميع محاولاته جوبهت بصد كبير، في ما يعكس حقيقة أن المشكلة تتجاوز التحفظات على بعض الأسماء أو توزيع في بعض الحقائب، إلى وجود رغبة لدى باسيل في التعطيل الكامل والوصول بالبلاد إلى الفراغ، خصوصا وأنه وإن بدا عاجزا عن الوصول إلى رئاسة الجمهورية فهو يملك إمكانية تعطيل العملية الانتخابية وإفقادها الميثاقية.

وتقول الأوساط السياسية إنه من غير المرجح رؤية انفراجة خلال الأيام القليلة المقبلة في أزمة التشكيل الحكومي، على الرغم مما يتداول عن وساطات يجريها حزب الله والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

وتلفت الأوساط إلى أن ما يثير القلق أكثر بالنسبة إلى الطبقة السياسية في لبنان، هو إلى أي مدى سيذهب باسيل في تصعيده، خصوصا وأن الرهان الحالي هو أن تتولى حكومة تصريف الأعمال التغطية على الشغور الرئاسي، حيث تنتهي ولاية عون الاثنين المقبل، دون أن يجري حسم خليفته.

ويؤشر فشل البرلمان في انتخاب مرشح حتى الآن إلى أن العملية الانتخابية قد تستغرق وقتاً طويلاً، ما يزيد من تعقيدات الوضع في البلاد الغارقة في أزمة مالية خانقة وحيث نادراً ما تُحترم المهل الدستورية المحددة

اما “الجمهورية” فأشارت الى ان في الوقت الذي المح فيه بعض الوسطاء الى ان امكانية تأليف الحكومة قائمة خلال هذا الاسبوع، وتحديدا بين يومي الخميس والجمعة المقلبلين، اكدت مصادر موثوقة لـ”الجمهورية” ان “تأليف الحكومة بات من الاستعصاء ما يحتاج الى معجزة تقرب ما بين منطقين يرفضان كليا بعضهما البعض، وتجاوزا الخصومة الى العداء الحقيقي. وهو الأمر الذي دفع الوسطاء الى الانكفاء وتجميد حركة الوساطات التي فشّلتها الكيدية المتبادلة”.

هذه الكيدية، تنعكس بوضوح في لغة التحدي والتصعيد المتبادلة بحدة بالغة بين طرفي التأليف، وتتبدى في الهجوم العنيف الذي يشنّه التيار الوطني الحر على الرئيس المكلف، وتلويحه باسقاط البلد في كارثة في حال انتهت ولاية رئيس الجمهورية دون تشكيل حكومة تراعي معايير ومتطلبات التيار، وشل حكومة تصريف الاعمال ومنعها من الاجتماع على اعتبار انها فاقدة لصلاحية تولي صلاحيات رئيس الجمهورية.

ويتهم التيار الرئيس ميقاتي “بأخذ البلد الى كارثة، عبر الامعان في تعطيل تأليف الحكومة واللعب بالنار ودفع البلاد الى المجهول، وتخطي رئيس الجمهورية وممارسة المكر والاحتيال السياسي، ومحاولة فرض تركيبة حكومية لا تحظى بموافقة رئيس الجمهورية.

ويرفع التيار شعار “لا مجلس وزراء ولا اجتماعات لمجلس الوزراء ولا قرارات ولا موافقات استثنائية لتسيير الاحوال بعد الشغور الرئاسي من دون حكومة اصيلة”، مقدرا “ان ممانعي تشكيل الحكومة سيجدون انفسهم وجهاً لوجه أمام الأزمات المتوالدة، وفي مواجهة الغضب المقدس للناس، الذي سيترجم نفسه بشكل طبيعي وتلقائي، على مختلف المستويات”. ويذهب التيار الى حد الاعلان بأن الحكومة الحالية المستقيلة ممنوع أن تتولى ما خصصه الدستور من صلاحيات لرئيس الجمهورية، في حال الشغور في السدة الاولى. أما إذا أصر رئيسُها على اعتبارها كاملة الصلاحيات، وتجرأ على استخدام صلاحيات الرئيس، فهو بلا أدنى شك، يحوّل نفسه إلى مغتصب للسلطة، مهدداً البلاد بفوضى دستورية وميثاقية وسياسية، وضارباً بذلك أسس الشراكة الوطنية و وثيقة الوفاق الوطني، وقد يجرّ البلاد إلى الأخطر. ورئيس الجمهورية، ومعه التيار الوطني الحر وسائر الحريصين على الكيان ومكوِّناته، يملكون مجموعة من الخيارات الكفيلة بمنع الانزلاق في المحظور، ومنها بداية، كلُّ ما يتصل بإسقاط الصفات القانونية والمقوِّمات الشرعية عن الحكومة الحالية ، كي لا تتحول إلى أداة للفتنة ومصدرا لتهديد الوفاق”.

وهو الامر الذي يلقى ردودا عنيفة من فريق رئيس حكومة تصريف الاعمال، الذي يصر بدوره على الحق الدستوري لحكومته في ادارة شؤون الدولة، دون اي اعتبار للصراخ الاعتراضي الذي يبديه التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل.

ويحمل فريق الرئيس ميقاتي، فريق الرئيس عون التيار وباسيل مسؤولية ما آل اليه الوضع، والمسؤولية الكبرى يتحملها باسيل حصرا، بمعاركه المتتالية التي سماها فريق ميقاتي بـ”معارك الصهر قاطع الظهر”، وتبعا لذلك اعتبر هذا الفريق ان المرحلة المقبلة ستكون حافلة بالمفاجآت بين رئيس سابق قرر انهاء ولايته بسلام والعودة الى دارته بمرارة عدم تحقيق ما كان يحلم به للوطن، و”رئيس ظل سابق” كان المسبب الاساس لافشال الاحلام والانجازات ويصر على اللحاق بالرجل الى دارته ليستكمل من هناك معاركه الدونكيشوتية ومحاربة طواحين الهواء التي نصبها لسنوات. و”رئيس الظل” هذا يتجاهل انه من ابرز المتسببين بتعطيل انتخابات رئيس الجمهورية، التي تنهي كل هذا السجال واللغو.

السابق
هل تنتقل عدوى الفشل في انتخاب رئيس إلى عملية الترسيم؟
التالي
ظاهرة تستمر ساعتين.. العالم يشهد اليوم كسوفاً جزئياً للشمس