اختتام فعاليات مؤتمر القمة الثقافي العربي الثاني: لضرورة التحرك لإنقاذ ما تبقى من البيئة العراقية

أصدر مؤتمر القمة الثقافي العربي الثاني بيانه الختامي لدورته الحالية التي يترأسها المفكر العربي الدكتور عبد الحسين شعبان والتي تم تخصيصها لمناقشة أسباب التصحّر وسبل معالجته وتجفيف الأنهار والبحيرات والأهوار.

في أجواء من الثقة والتفاؤل بأهمية الثقافة ودورها التنويري، تم تخصيص هذه الدورة لمناقشة أسباب التصحّر وسبل معالجته وتجفيف الأنهار والبحيرات والأهوار، وبعد مناقشات مستفيضة وحوارات بنّاءة قدّمها مختصون وخبراء وفي أجواء من الأمل مفعمة بروح المسؤولية تقرّر إصدار  البيان الآتي:

تعدّ منطقة الأهوار فضاءً خصباً  للثقافة والبيئة الاجتماعية والحضرية للعراق، ولاسيّما أنها تعتبر من أهم مظاهر الحياة النادرة التي تشكلت بفعل البيئة ومعطيات المكان الحضارية والإنسانية التي تجعلنا نشعر دائماً بالانتماء إلى عراقة المكان والاعتزاز الكبير بتاريخ العراق منذ الألف الثالث قبل الميلاد والذي تشكلت فيها أرض السواد، سومر وأكد، وشيّدت فيها أعظم مراكز المدن في تاريخ الإنسانية في أور وأريدو والوركاء.

ونظراً لما واجهته الأهوار بفعل السياسات الحكومية وسياسات وزارة الموارد المائية ولاسيّما بعد عام 2019 م، تحديداً بعد ان شهدت الأهوار انتعاشاً كبيراً وملحوظاً في الوفرة المائية والاهتمام بها عالمياً بعد أن أدرجت على لائحة التراث العالمي في السابع عشر من تموز عام 2016م، أصبح الوضع المائي فيها بحالة سيئة جداً وساد الجفاف القاتل، وأدى ذلك إلى تهجير السكان وموت الحياة اليومية لأصحابها ونفوق الأسماك وموت الجاموس وجميع مكونات البيئة الطبيعية.

جاء هذا المؤتمر ليؤكد من خلال ما قدمته الأوراق البحثية فيه على ضرورة التحرك السريع لإنقاذ ما تبقى من هذه البيئة العراقية الأصيلة وحماية البنية الاجتماعية والطبيعية والحياتية والدعوة إلى الإسراع بالمعالجات الجذرية وليست الآنية لحل الأزمة الخطيرة جداً، وتوجيه خطاب مدني وطني لدعوة الحكومة العراقية فوراً إلى إسعاف هذا الوضع الخطير وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبيل شح المياه، وإيقاف نظام المراشنة غير العادل لدعم حصة الأهوار المائية التي أدرجت على لائحة التراث العالمي، ووفق شروط يجب أن يلتزم بها العراق ويقدمها كجزء من الوفاء للمجتمع الدولي الذي يتطلّب ثقته به.

ودعا مؤتمر القمة الثقافي العربي الثاني (دورة المفكر العربي الدكتور عبد الحسين شعبان) مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام للعب دورهم في الدبلوماسية الشعبية، خصوصاً إذا ما توفرت استراتيجية وطنية فاعلة ومؤثرة، على صعيد التشريع، ولاسيّما عبر البرلمان وعلى صعيد التنفيذ عبر الحكومة. وأعلن المؤتمر ضم صوته إلى الحملة الوطنية لمواجهة حرب المياه والبيئة والمناخ وتجفيف الأهوار إضافة إلى تسليط الضوء على إبراز دور الفن بمختلف فروعه والثقافة بتنوعاتها في هذه المعركة.

واتخذ المؤتمر قراراً بطبع الأبحاث والدراسات التي جرى تقديمها باللغة العربية مع ملخص باللغة الإنكليزية، والاتفاق مع عدد من الجامعات ومراكز الأبحاث لتنظيم مؤتمر دولي والاهتمام بالجوانب القانونية والتأثيرات المجتمعية على هذا الصعيد، كما دعا إلى تعزيز العلاقة مع مؤسسات المجتمع المدني والمجموعات الثقافية في دول الجوار، خصوصاً ذات العلاقة لتذليل بعض العقبات ولمواجهة التحديات المشتركة، على أساس المصالح والمنافع المتبادلة والمشتركة ذات الأبعاد الإنسانية والحضارية. 

كما تم في هذا المؤتمر طرح أسئلة مصيرية، في خطاب جوهري يسهم في بناء العقل الجمعي الوطني والإنساني، ويستقصي من الذاكرة الحضارية تأويلات إبداعية معاصرة متجددة في رؤاها الإبداعية للظواهر الاجتماعية المعاشة المنفتحة على دلالات مستقبلية ومجابهة للقوى التدميرية، الهادفة إلى اقصاء الثقافة بمثل سعيها إلى جفاف موارد المياه وافتعال الحروب والسياسات المدمرة، للهويّة الوطنية، واتباع خطط إعلامية تضليلية.

لقد جاء هذا المؤتمر مواكباً للتطورات المعرفية والابداعية، في التنظير والممارسة، وأنساق حرة تحقق حضورها الوطني والعالمي بجدارة، حيث دعا إلى اتباع نسق قائم على حقوق الانسان في وضع الخطط والسياسات وعمليات التنمية المستدامة في ظلّ توازن بين الحقوق والواجبات المنصوص عليها في القانون الوطني والدولي، وخصوصًا التأكيد على الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان الأساسية بوصفها غير قابلة للتجزئة، ولاسيّما الحريّة والمساواة وعدم التمييز والمشاركة والمساءلة في إطار إشاعة ثقافة العدالة.

كما دعا المؤتمر إلى إيلاء اهتمام للمرأة وبصورة خاصة المرأة الريفية عند وضع الخطط والبرامج التي تعالج تغيّر المناخ والآثار المترتبة عليه. وتبنّي مؤتمر القمة الثقافي العربي الثاني في الجلسات المفتوحة طرح محاور تتعلق بخطة التنمية المستدامة.

جدير بالذكر أن الدورة الثانية ما تزال مفتوحة، وسيتم استكمالها خلال الأشهر القريبة المقبلة، حيث تم تأجيل إحدى فقراتها بسبب الأوضاع التي شهدتها البلاد عشية انعقاد المؤتمر.

السابق
بالصور.. «لبنان القوي» في كليمنصو!
التالي
بعد الأخذ والرد.. هذا ما قررته السفارة السويسرية بشأن العشاء!